إرشادات لتربية الأبناء تربية سليمة

0 846

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبارك الله فيكم وجزاكم عنا كل الخير!
كنت من قبل قد سألت واستشرت الدكتور محمد عبد العليم، وبارك الله فيه فلم يبخل علي بشيء وكان خير ناصح، وجوابه على استشاراتي أصبح عندي مرجعية طبية وأيضا فكرية! لذا والحمد لله، وبعدما تخلصت من قرف الاكتئاب وإن شاء الله للأبد، والفضل لله ثم للدكتور محمد عبد العليم، وبعد أن قطعت شوطا ممتازا في الطريق الصحيح للشفاء والتعافي والمضي قدما بالحياة - والحمد لله - فأنا يا دكتور قد تزوجت وأموري والحمد لله جيدة!

فأريد من حضرتكم يا دكتورنا الرائع أن تعلمني كيف أربي أولادي ومن كل النواحي وبشكل عام، وكيف أربيهم لكي يسلموا وبإذن الله من كل مرض وآفة نفسية بشكل أخص!!!

كيف يكون التصرف معهم وبكل مراحلهم العمرية؟ وماذا أمنع عنهم؟ وماذا أعطيهم؟ وما الذي أحثهم عليه؟ وكيف أجعل منهم متميزين يعرفون كيف يستغلون قدراتهم غير المحدودة؟

أقصد كيف أستفز قدراتهم ليستغلوها بشكل صحيح؟ وكيف الطريق ليكونوا إيجابيين دوما، وفي كل موقف وكل حدث؟ وأكيد أنني لا أريد أن يكونوا مثلي بالوسوسة والقلق وغيره من القرف غير المجدي أبدا!!

يعني بالمحصلة: أريدهم نموذجا صالحا وممتازا، لا! بل متميزين للعيش للحق ولخدمة أنفسهم وأهلهم ووطنهم وأمتهم وبالتأكيد دينهم!

عذرا دكتورنا! فكم جهدك كبير، وإنه مشكور وعظيم ولك من الله خير الجزاء، وما عند الله أبقى! فجد علي وأعطني خلاصة تجربتك وخبراتك، فلا تعلم كم كلماتك تدخل عقلي مباشرة وتصبح مرجعا لي! فأريد أن أستبق الأيام لكي تبقى عندي كلماتك مرجعا ومرشدا، وبارك الله فيك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

جزاك الله خيرا يا أخي ماهر، ونسأل الله تعالى أن نكون عند حسن ظنك.

حقيقة، أنا على ثقة كاملة بأنك ملم بكثير من جوانب الموضوع الذي طرحته، والتربية لا شك أنها لا تخضع لقوانين معينة، ولكن هنالك أطر عامة يسترشد بها الإنسان بقدر المستطاع، وأظنك تتفق معي في ذلك، فنحن نعيش في زمان أصبح ليس البيت هو المربي الوحيد للطفل، فالمؤثرات الخارجية كثيرة جدا، ونسأل الله الحفظ.

أولا: المراحل الأولى للعمر هي مراحل تقوم على الغريزة وعلى الفطرة، ومن أهم أمور التربية في المراحل الأولى للعمر أن يعود الطفل لنوم لوحده، وهذا ربما يصعب على الأم، ولكن هذا شيء أساسي ونعتقد أنه مفيد جدا للطفل.

ثانيا: لابد أن تكون الرضاعة والتغذية متوازنة، فالطفل الذي يبكي كثيرا وتسعى الأم لأن تجعله يتوقف عن البكاء عن طريق الرضاعة، تقع في خطأ من الأخطاء التربوية التي يقع فيها بعض الناس، فعلينا أن نتجنب ذلك، وأنا أرى بكل صدق وأمانة أن كل من يتبع الإرشادات الإسلامية المتعلقة بالتربية من الرضاعة وإكمالها سوف يجد -إن شاء الله- أنه قد نشأ أبنائه على منهج تربوي صحيح، ومن الضروري جدا حين ينتقل الطفل إلى مرحلة عمرية بعد مرحلة الرضاعة أو حين يكون مدركا يجب ألا نرضيه بما يضره تربويا -أي إذا بكى يتم إسكاته بوسائل تضر به كإعطائه شيء أو لعبة معينة أو الإكثار من ذلك- فلابد أن يكون هنالك نوع من التوازن.

من أمور التربية الصحيحة أن الطفل بعد السنة الثالثة ربما يحاول أن يستكشف جنسه، وهذا ضروري أن نلبسه الملابس التي تخص جنسه، فالذكر يلبس ملابس الذكر، والأنثى تلبس ملابس الأنثى.
علماء المدرسة التحليلية يقولون أن الطفل لا يستوعب جنسه إلا بعد السنة الخامسة، ولكن أنا أعتقد من السنة الثالثة ربما يحاول الطفل أن يستكشف ذاته.

بعد ذلك يجب أن يطبق مبدأ الترغيب والترهيب، ولا نقول كلمة الترهيب بكل ما تعنيه، ولكن نقول: إن الطفل يجب أن يعرف نعم ويجب أن يعرف لا -هذا شيء ضروري جدا-.

كذلك يجب أن نميل إلى الترغيب، ويجب أن نميل إلى التحفيز، وفي ذات الوقت لابد أن نتجاهل السلبية، ولابد أن تكون هنالك حدود ويطبق المبدأ الترهيبي فيها، وهو على سبيل المثال: إذا أخطأ الطفل لا نضربه، ولكن لا نستجيب لمطلب ما نعرف أنه يطالب به كثيرا، أو يمكن أن يوضع في غرفة لوحده لمدة عشرة دقائق إلى ربع ساعة، ومهما احتج فإنه يترك حتى لا يكرر الخطأ الذي وقع فيه، كذلك هذا أمر ضروري جدا.

الأمر الآخر هو أن الطفل يجب أن يتاح له فرصة اللقاء مع أقرانه الذين في عمره؛ لأن الطفل يتعلم منهم أكثر، وأنا أرى أنه من الضروري أن يتعلم الطفل دينه ولغته من سن مبكرة، وآسف جدا للإخوة العرب والمسلمين الذين يضعون أبناءهم في مدارس لتعلم اللغات الأجنبية من سن مبكرة؛ لأن هذه الأشياء يمكن أن تأتي في وقت لاحق.

من الأشياء الضرورية بعد سن الخامسة أو السادسة محاولة تنمية شخصية الطفل، وذلك بأن نجعله أكثر اعتمادا على نفسه في الإشراف على ملابسه، وترتيب حقائبه... وهكذا، ولابد أن يقوم أيضا بالأشياء التي تخص نظافته، كنظافة الأسنان، وتمشيط شعره أو تنظيفه، هذه أمور ضرورية، وحتى الاستنجاء والاستبراء لابد أن نعلمه.
هنالك أيضا أمر مهم، وهو أنه في كثير من الأحيان نقول للطفل افعل كذا وكذا، والطفل قد لا يستجيب، ومن أفضل الطرق التي تجعل الطفل يستجيب أن أقوم أنا نفسي بعمل الفعل الذي طالبت به الطفل، فعلى سبيل المثال: إذا قلت لابني اذهب وادرس، فيجب أن أذهب معه وأفتح الكتاب، وأنا أبدأ أيضا بالقراءة...هذه الوسيلة جيدة جدا.

من الضروري أيضا أن نعلم الطفل كيفية تنظيم وقته، فهنالك بعض الأطفال تحدث لهم مشاكل عدم التنظيم؛ وذلك نسبة لأنهم لم يتعودوا على الترتيب.

كذلك من الضروري أن يعرف الطفل كيف يحترم الكبير، وكيف يحترم أقرانه، وكيف يتعامل معهم؟ ولابد أن يتعلم أيضا أن يدافع عن حقوقه دون دفعه نحو الإفراط في العنف والاندفاعية.

أيضا لابد للطفل في المراحل المتقدمة للطفولة أن يشعر بأنه عضو فعال في الأسرة، وذلك باستشارته في أمور الأسرة، حتى ولو كان الأبوان هم أصحاب القرار، فلابد أن نشعر الطفل بأنه شارك في هذا القرار.

سيكون من الجميل جدا أن تسأل الأم ابنتها التي تبلغ من العمر سبع أو ثمان سنوات: ما رأيك في طعام الغداء اليوم؟ أو ماذا نطبخ؟ هذه أمور بسيطة لكنها ضرورية جدا... وهكذا.
إذن المشاركة في قرارات الأسرة تساعد كثيرا في بناء الشخصية.

لا شك أن هنالك بعض الأخطاء التي تقع في بعض البيوت وقد لا تكون مقصودة، فالطفل حين يذهب للرد على التليفون يقول له الأب أو الأم قل إني غير موجود أو نائم... وهكذا، وبالطبع هذا منهج مرفوض، وأنا على ثقة كاملة أنك على وعي بذلك.

بالتأكيد المحافظة على الصلاة الأمر الواضح للطفل في سن السابعة وإن لم يطع يضرب حين يبلغ العاشرة، وفي رأيي أن الضرب يجب أن يكون ليس في لحظات الغضب إذا اضطر الإنسان له، وإنما يجب أن يكون في لحظة الاسترخاء، وأنت مسترخيا نادي الطفل وقل له: أنا سوف أضربك أربع أو خمس مرات لأنك لم تقم بكذا أو لم تصل؛ لأن الضرب في لحظات الغضب يكون انتقاميا أكثر من أن يكون تربويا.
هذه بعض الخطوط العريضة الأساسية في التربية.

بالتأكيد لابد أن نلاحظ الطفل في المدرسة مع من يذهب ومع من يأتي؟! ما هي نوعية صداقاته؟ كما قلت سابقا الطفل يتعلم أكثر من الأطفال.

وهنالك شيء مهم، وهو أن ندعو دائما لأطفالنا، نسأل الله لهم الحفظ ونسأل الله لهم التوفيق ونسأل الله لهم السداد، ويجب أن يكون هو البداية، نحن دائما قد ننسى فضل الدعاء أو قد لا نلجأ إليه إلا في لحظات الاضطرار، ولكن أرى أنه يجب أن يكون البداية.

أرجو ألا تكون منشغلا كثيرا؛ لأن الأطفال ربما تحصل لهم نفس المشاكل النفسية التي قد يكون الإنسان مر بها، وليس هذا من الضروري أبدا، حيث أن الأمراض النفسية والحالات النفسية لا تورث الإرث المباشر، بل ربما يكون هنالك بعض الاستعداد في بعض الحالات، ولكن لا يوجد إرث يتبع القوانين الجينية المعروفة.

وبالله التوفيق.



مواد ذات صلة

الاستشارات