السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات، انقطعت عن الدراسة وأنا في السنة الأولى الجامعية، وسافرت لفرنسا لأتزوج في نفس السنة برجل يكبرني بـ 15 سنة.
اعتقدت بأني إن تزوجت من إنسان ملتزم هاجر من بلده لأجل دينه منذ 15 سنة واختار الغربة فسأكون سعيدة؛ فأنا أيضا اخترت الغربة لنفس السبب، لكن بعد الزواج اكتشفت أنه لا يعمل عملا مستقرا ولا يسعى للبحث عنه جاهدا، وإن أتاه عمل عن طريق أصدقائه رفضه.
وجدته يكذب كثيرا! علاقاته سيئة مع الناس، وأخلاقه سيئة، لم يشتغل خلال الثلاث سنوات سوى أربعة أشهر، هو لاجئ سياسي حاصل على الإقامة، ويتمتع بمنحة شهرية من الدولة لا تكفينا أبدا.
يطمع في أن أنجب له أولادا؛ لتزيد المنحة لكن الله لم يهبنا هذه النعمة، رغم سلامتنا، زيادة على معاملته السيئة لي وكثرة ديونه، وقريبا سنطرد من المنزل.
أنا الآن متعبة جدا، نفسيتي تسوء يوما بعد يوم؛ فأنا وحيدة في الغربة دون إقامة أو أي حقوق، ولا يمكن أن أحصل عليها إلا إذا بقيت متزوجة منه.
أنا أتعامل معه بما يرضي الله، وأحاول أن أسانده معنويا لكنه متواكل جدا، وينهض يوميا من النوم متأخرا، أفتوني أثابكم الله، هل يجوز لي أن أسكت على هذه الوضعية وأنا لا أرجو من هذا الرجل خيرا؟ وأنا لم أرتبط معه بأولاد وأخشى عليهم إن أتوا من أخلاقه السيئة كقدوة!
هل إن اكتشفت أن الرجل الذي ربطت معه حياتي غير كفء، ولا آمن معه على نفسي وعلى ديني وعلى أولادي، هل كل هذه الأسباب لا تحثني على طلب الطلاق، حتى وإن كان هذا الطلاق سيؤخر حصولي على الإقامة؟ إن لي بعض الأقارب هنا يمكنني الإقامة معهم حتى يجعل الله لي مخرجا، هل هذا هو الزوج المناسب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا تستعجلي بطلب الطلاق، وحاولي إصلاحه قبل التفكير في الفراق، واحتسبي أجرك، وتسلحي بالصبر والإيمان، واحرصي على تشجيعه، وتجنبي كثرة اللوم والعتاب، وذكريه بما عنده من الخير، ولا تجرديه من الحسنات، وقدري ظرفه وما تعرض له من الأزمات، وأكثري من اللجوء إلى من بيده الخيرات، واعلمي أن العاقبة درجات، وأن طريق المليون يبدأ بخطوات، فكرري المحاولات وتوكلي على رفيع الدرجات.
ولست أدري هل لخمول هذا الرجل أسباب؟ وهل حاولت تغيير أسلوبك معه؟ وحبذا لو حرصت على اختيار أحسن الأوقات وألطف الألفاظ، واهتمي بفهم النفسيات، وتذكري ما عنده من الإيجابيات، واتخذيها مدخلا إلى قلبه ورسولا إلى نفسه، وحاوريه بهدوء، وذكريه بأن المسلم صاحب همه عالية، وأن عليه أن يسعى ويطلب الرزق، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وحركي فيه رجولته ونخوته، كأن تقولي إذا كان يرضيك أن أخرج للعمل والبحث عن الرزق وأنت جالس فسوف أخرج، وذكريه بنظرة الناس للمتواكل القاعد.
ونحن نتمنى أن تحاول كل أخت مرات قبل أن تفكر في طلب الطلاق، فإنه لا يفرح به إلا عدونا الشيطان، فالأمر يحتاج إلى دراسة وروية ونظر للعواقب وتأمل للبدائل المتاحة.
وأرجو أن تحاولي حشد الإيجابيات التي عند هذا الزوج الكسول وكتابتها في ورقة، ووضعها إلى جوار السلبيات، فإن ذلك يساعد على اتخاذ القرار الصائب وفيه إنصاف، وحبذا لو تذكرت كل امرأة أنها لن تجد رجلا بلا عيوب، لأنها كذلك كبشر لا تخلو من العيوب، وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته، ولا مانع من طلب المساعدة من أهله وأصدقائه حتى يحركوه ويشجعوه.
أما إذا كان في البقاء معه تهديد للدين، فذاك أمر آخر، ولكني أتعجب كيف يحصل هذا من رجل هاجر فرارا بدينه، وكل شيء يمكن أن يحتمل إلا أمر الدين، ورغم أنه لم يتضح لي حجم التهديد لدينك، فإنني أقول للجميع لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ونحن لا نملك أغلى من هذا الدين، ومن أجل الدين يضحي الإنسان بالنفس والمال وبكل شيء، والمؤمنة إذا تحيرت في أمر استخارت واستشارت ثم توكلت على الله، ولن تندم من تستخير وتستشير.
ونسأل الله أن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وبالله التوفيق والسداد.