السؤال
أنا شاب متزوج منذ 5 سنوات، أبلغ من العمر 32 سنة، ولي من الأولاد ثلاثة، وأعمارهم كالتالي: 4 و3 سنوات، والثالث 11 شهرا.
والآن ومنذ 3 أشهر فإن زوجتي حامل مرة أخرى - يعني لما كان عمر ابننا الثالث 7 أشهر فقط - ومشكلتنا أنا وزوجتي أننا كنا نود التباعد بين ولادة وأخرى وهذا أساسا مراعاة لصحة الأم، ولكننا لم نفلح، وسبب ذلك أننا اتخذنا أساليب طبيعية لمنع الحمل والمتمثلة في العزل.
وها هي زوجتي حامل للمرة الرابعة في ظرف زمني قصير؛ مما سبب لها حرجا بالغا بالنسبة لصحتها، حتى جرنا ذلك إلى العزم لإيقاف الحمل – وذلك بتناول دواء خاص - وكان هذا في الشهر الأول منه، ولكن الطبيبة المتابعة للزوجة - منذ حملها الأول - رفضت إعطاءها الوصفة واعتبرت هذا عملا مشينا، بالرغم أنني كلمتها أنه من الناحية الشرعية يجوز ذلك، وهذا بعد اطلاعي على كلام العلماء.
والحاصل أننا بعد هذه الاستشارة للطبيبة اقتنعنا بالتسليم لاستمرار الحمل رغم كل المتاعب التي قد تحصل، ونسأل الله تعالى برحمته ومنه وكرمه أن يخففها عنا آمين.
وبمقتضى النصيحة التي حثنا عليها رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فإنني أطلب من المشايخ الفضلاء نصيحة بالغة تجاه هذا الأمر الذي قدره علينا أحكم الحاكمين سبحانه، مما يثلج الصدر ويذهب الهم والغم، وكيف نستـثمر نعمة الذرية والأولاد رغم كثرتها وتواليها؟ وكيف نواجه من يعنف علينا بكثرة الأولاد؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن المال والبنون زينة الحياة الدنيا، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية وبورك لك في الموهوبين، وهنيئا لمن رزقه الله البنين، ومرحبا بك في موقعك وبين آبائك وإخوانك المحبين.
لقد أحسنت الطبيبة في رفضها، ونسأل الله أن يعين زوجتك وأن يكتب لها السلامة والعاقبة وسوف تنسيها ابتسامة المولود آلامها، وأرجو أن تحتسب كل ذلك، وأن تظهر الرضا بما قدره الله، فلكل أجل كتاب؛ لأن الطفل يتأثر بعدم رضاها، ويعرف أنه غير مرغوب فيه، ويؤثر ذلك على مستقبل حياته فيصبح عصبيا ومعاندا.
وما من نفس يخلقها إلا كانت، فسبحان من لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عندما تكلم الصحابة عن العزل، ولا شك أن تنظيم الحمل إذا كان لمصلحة الأم أو خوفا على الطفل السابق لا مانع منه، أكرر تنظيم وليس تحديد النسل، ولكن إذا حصل الحمل، فنحن لا نؤيد فكرة التخلص منه وربما كان هذا الطفل هو سبب دخول والديه الجنة ونيلهم للرضوان، ويمكنكم في المستقبل مراجعة طبيبة مأمونة أو سؤال طبيب يخاف الله ويتقيه.
ونحن نتمنى أن لا تهتموا بكلام الناس فإن رضاهم غاية لا تدرك، واشغلوا أنفسكم بشكر الواهب واجعلوا شكركم عملا بطاعته قال تعالى: (( اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور ))[سبأ:13]، ولا يعرف قيمة الذرية إلا من حرمها.
وأرجو أن تكون إلى جوار زوجتك وأحسن معاملتها وارحم ضعفها حتى تتجاوز هذه المرحلة، فإن الناحية النفسية هي الأساس ولها انعكاساتها على الأم وعلى الجنين.
ولا داعي للانزعاج من كثرة الذرية فإن الرزق على الله، (وإنما ترزقون بضعفائكم) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤسفنا أن يعتقد بعض الناس أنه لا تستطيع الإنفاق على الأطفال إذا كانوا كثيرين، هذا فهم مغلوط ينافي ثوابت العقيدة، والكثرة مطلوبة، ورسولنا صلى الله عليه وسلم وجهنا بأن تتزوج الودود الولود، ويعرف ذلك من خلال النظر في أحوال خالاتها وأخواتها وعماتها.
وأرجو أن تستعينوا بالله على تربيتهم وتوكلوا على الله وأكثروا من اللجوء إليه فإن التوفيق بيده.
ونسأل الله أن يجعل الصلاح ميراثا في ذرياتنا إلى يوم الدين، وأرجو أن ترددوا دعاء أهل الإيمان الذين قال الله عنهم: (( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ))[الفرقان:74] وقره العين في الولد أن يرى من أولاده مطيعا لله.
وبالله التوفيق والسداد.