السؤال
السلام عليكم..
في البداية أشكركم جزيل الشكر على الإفادة في الاستشارات السابقة، وجعلها الله لكم نورا على الصراط المستقيم!
أما سؤالي: فأنا امرأة متزوجة منذ عشر سنوات من رجل ملتزم بدين الإسلام والحمد لله! وعندي طفلتان: 8 سنوات و4 سنوات، وأواصل دراستي الجامعية والآن على وشك التخرج، عملت لمدة عامين في التدريس بناء على رغبتي وموافقة زوجي، والآن أود أن أترك العمل؛ لأبقى بجانب بناتي كي لا تشعرا بتقصير مني كما السابق.
لكن زوجي يشعر بأن مهنتي عظيمة، وسيخيب أمله بتركي لها؛ فهو يفتخر بها وكأنه قد حقق حلمه الذي كان يتمناه - أن يكون مدرسا- فيدفعني لمزاولة عملي، ولكنني من داخلي لم أعد راضية عن عملي مع أن أدائي جيد والحمد لله، والمكان الذي أدرس به قد سلموني فيه مهمة كبيرة تتمنى كل مدرسة استلامها، إلا أنني لا أريد أن أبقى فيه!
أنتظر منكم النصيحة الطيبة مع اعتذاري عن الإطالة، وجعلها الله لكم حسنات مضاعفة في صحائف أعمالكم!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المتفائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن التدريس مهنة شريفة، والمعلمون والمعلمات يقومون بمهمة الأنبياء في التوجيه والتربية والتعليم، والأمة المسلمة بحاجة إلى معلمات صالحات يؤتمن على تربية الأجيال وإعداد الأمهات الصالحات، ويتأكد هذا الواجب إذا كانت الأمة بحاجة ملحة لخدمات المعلمة، أو كانت المعلمة بحاجة للإنفاق على نفسها أو أسرتها، لعدم وجود العائل للأسرة، أو لعدم استطاعته الوفاء بالحاجات الأساسية لأسرته، شريطة أن تكون بيئة العمل نظيفة وليس فيها مخالفات شرعية.
ولا شك أن تكليفك بالمهام الكبيرة دليل على أنك متميزة في عملك، ولا مانع من مواصلة المشوار مع ضرورة الإخلاص والصدق في هذا العمل العظيم.
وإذا كان زوجك راغبا في مواصلة العمل فعليه أن يقوم بدوره في رعاية بناته وتعويضهن عن غيابك عنهن لبعض الوقت، ولا أظن أن المهمة ستكون صعبة؛ لأن الوقت الذي تنشغلين فيه بالعمل الرسمي تكون البنات في قاعات الدراسة، فإذا رجعت إلى المنزل فاهتمي بالجانب العاطفي، واحرصي على تقدير حاجتهن للاهتمام، وأكثري من الدعاء لهن بالتوفيق، واعلمي أن الإنسان يرى أثر طاعته لله في أهله وبيته وعمله وحياته، ومن كانت في حاجة أخواتها كان الله في حاجتها.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، فإن الله سبحانه مع المتقين ييسر أمورهم؛ قال تعالى: ((ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا))[الطلاق:4]^، ويدلهم على الصواب: ((يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا))[الأنفال:29]^، وعليك بالصبر فإن عاقبته حميدة، وقد وعد الله الصابرين بأجر بلا حساب، وقد أحسن من قال:
ألا بالصبر تبلغ ما تريد وبالتقوى يلين لك الحديد
والله الموفق.