ما أسباب حصول البركة في الرزق؟

0 449

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا موظفة ولي دخل جيد جدا والحمد لله، ولكني دائما أشعر أن رزقي لا بركة فيه، على الرغم من أني والحمد لله أتصدق وأساعد أهلي ومواظبة على الصلوات والنوافل، ولكن هذا الشعور دائما معي وذلك يحزنني جدا؛ حيث أني أعلم أن البركة في الرزق أثر من آثار حب الله للعبد.

فأفيدوني أفادكم الله.


وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الإنسان ينال بشكره المزيد، وينال البركة بتقواه وإيمانه بربه المجيد، قال ربنا الحميد: ((ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض))[الأعراف:96] وقد أحسن من قال:

ولو صدقوا وما في الأرض نهر *** لأجرينا السماء لهم عيونا
وأخضـعـنـا لـمـلكـهم الـثـريــا *** وصيرنا النجوم لهم حصونا

واعلمي أن ما تفعلينه من صدقة ومساعدة للأهل مما يجلب البركة، فواظبي على الصدقة، واعلمي أنه ما نقص مال من صدقة، وإنه سبحانه وعد المنفقين فقال: ((وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ))[سبأ:39]، وأكثري من الاستغفار، فإنه مفتاح للرزق وسبب للبركة فيه، قال تعالى على لسان نوح عليه السلام: ((فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين))[نوح:10-12].

كما أن صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق، وكذلك بر الوالدين ونيل رضاهما، قال صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه).

ولا يخفى عليك أن للحسنة ضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وانشراح في الصدر، كما أن للسيئة ظلمة في الوجه، وضيق في الصدر، وبغض في قلوب الخلق، وقد يحرم الإنسان الرزق بالذنب يصيبه.

وأرجو أن تتذكري أن بركة الرزق لا تكون بمجرد الكثرة، ولكن بالآثار والأعمال التي يستطيع الإنسان أن يؤديها به، ومن بركة الطعام أن يجتمع الناس على طعامهم، فإن طعام الاثنين يكفي الأربعة، والمؤمن يأكل في معي واحد والكافر في سبعة أمعاء، وليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى عنى النفس، وإن القناعة كنز لا يفنى، وقد أحسن من قال:

هي القناعة فالزمها تعش ملكا
لو لم يكن لك منها إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها
هل راح منها بغير القطن والكفن

والمؤمنة ترضى بقضاء الله وقدره، وتنظر إلى من هم أسفل منها في العافية والمال وكل أمور الدنيا، وتتعرف على مقدار ما عندها من النعم، والشكر هو الجالب للنعم، وهو الحافظ لما عند الإنسان من عطايا ومنن.

ونحن نوصيك بتقوى الله وطاعته، وبمطاردة هذا الشعور واستبداله بشكر ربنا الشكور، والتزمي بقول الله: ((ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى))[طه:131]، يعني رزق ربك من الإيمان والصلاة النوافل خير وأبقى.

وتجنبي التعويل على الأسباب، وتوكلي على الوهاب، بعد اتخاذ الأسباب، وتذكري وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين قال لها: (لا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توكي فيوكي الله عليك)، وفهمت عائشة رضي الله عنها المراد فقالت: (فكان عندنا شعير فأكلناه فنفد)، ومعلوم أن الشعير والطعام لا ينفد بالكيل والوزن ولكنه ينفد بالأكل والبذل.

وكثرة التعويل على الأرقام قد يدل على ضعف في التوكل، فتجد كثيرا من الموظفين مشغولين بالحسابات الدقيقة، فيقول: الشهر كذا وراتبي كذا ولا أظنه يكفي لكذا، ويقول 1+1=2، ولكن واحد + واحد قد يساوي أكثر من اثنين إذا جاءت البركة في الرزق، فيكفي طعام الاثنين للأربعة، وقد يصاب الولد بمرض فيعالج بدواء بريالين، ويصاب ابن رجل بنفس المرض فلا يعالج إلا بمليونين، وهذا لون من البركة يغفل عنها الكثيرون.

ونسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يبارك لنا في أرزاقنا وآجالنا، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات