الاستمتاع بالعزلة والانطوائية .. الدلالات والعلاج

0 565

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني في الآونة الأخيرة منذ حوالي ستة أشهر من حب العزلة والانطواء، والأمر أصبح يزداد حيث أني أصبحت أجد المتعة في أن أقضي ساعات طويلة وأنا منفرد وحدي، وأريد حلا فهل من الممكن المساعدة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الميول للعزلة والانطوائية بالتأكيد لا نقول أنه شيء مفضل، وهو ليس بظاهرة صحية، ولكنه قد لا يكون مزعجا في بعض المواقف، وبصفة عامة قد يلجأ الناس للعزلة والانطواء ويكون ذلك مقبولا ممتعا لهم حين يريد الإنسان أن يتخلى عن مسؤولياته وذلك بصورة لاشعورية، أو حين يكون الإنسان لا يريد المواجهة، كما أن الانزواء والعزلة والانطواء ربما تكون أحيانا جزءا من الشخصية؛ فهنالك ما يعرف بالشخصية الانعزالية أو الانطوائية، وهذا لا يكون أمرا مكتسبا إنما من المراحل الأولى في الحياة، وهنالك حالات نفسية تؤدي إلى العزلة والانطواء، أهمها الاكتئاب النفسي، وفي بعض الحالات الخوف الاجتماعي أو الخوف من التجمعات والأماكن المفتوحة والمتسعة.

أنا لا أستطيع أن أضعك في أي خانة من هذه التشخيصات، فأنت أدرى بمشاعرك، فإن كان الأمر هو مجرد جلسة وانفراد مع النفس، فهذا ليس بأمر مزعج، أما إن كان الأمر ناتجا عن الاكتئاب، وهذا يعرف بظهور علامات الاكتئاب الأخرى، ومنها اضطراب النوم وقلة الشهية للأكل، وعسر المزاج، وعدم الاستمتاع بجماليات الحياة، وإذا كان الأمر كذلك فمن الأفضل أن يعالج عن طريق الأدوية المضادة للاكتئاب، ومن أفضلها العقار الذي يعرف باسم زولفت، وجرعته هي 50 مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، يؤخذ العلاج بواقع حبة واحدة في اليوم بالطبع.

هنالك بعض المعالجات التي يمكن أن تقوم بها، وإن لم ينطبق عليك أي من التشخيصات السابقة، وهي أن تحاول أن تجتمع بالآخرين بصورة غير مباشرة، وذلك بممارسة الرياضة الجماعية -على سبيل المثال- مثل كرة القدم، فهي تجبر الإنسان أن يتفاعل مع الآخرين، كذلك الانضمام إلى الجمعيات المعروفة، والاشتراك في حلقات التلاوة، فكل هذه تؤدي إلى الاندماج والقضاء على العزلة.

ولك يا أخي أيضا أن تدرك كيفية إدارة الوقت والزمن، وذلك بأن تضع برامج يومية لنفسك وتلتزم بها، وبالطبع لن تقوم بتسجيل وقت معين للعزلة والانطواء؛ فهذا لا يجوز، ولا يمكن أن تضع في مذكرتك اليومية التي تدير من خلالها الوقت، ولا يمكن أن تخصص وقتا للعزلة...هذا أمر أيضا يساعدك إن شاء الله.

أخي العزيز: هنالك نقطة لابد أن أذكرها، وهي أنك تعمل بالكتابة، ويعرف عن الكتاب -خاصة الكثير من الكتاب الذين اشتهروا في مراحل مختلفة- عرف عنهم أنهم كانوا يميلون للعزلة، وأنهم يكونون أكثر ارتياحا حين يجلسون مع أنفسهم، وهذا الجلوس مع النفس فيه فرصة لتنظيم الأفكار، وتفجير الطاقات المعرفية والوجدانية الكامنة، ويعرف كثيرا عن الشعراء أنهم أكثر الناس جلوسا مع أنفسهم، فربما يا أخي تكون هذه الجلسات والانعزال والانطواء والابتعاد عن النفس هي جزء مما تتطلبه الكتابة والإبداع.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات