السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي هي: أنني عندما أرى برنامجا في التلفاز يحتوي على مشاهد طائرات تحلق في الجو أو مناظر لجبال أو بحر، مصورة من طائرة: يعني من فوق، أحس بخفقان وصداع في الرأس، مع أنني لم أركب الطائرة، وكذلك إذا كنت مع أناس يتكلمون في مواضيع الأمراض أو إذا شاهدت مشهد الحقنة فإنني أحس بخوف متصاحب مع الأعراض التي ذكرت آنفا.
وقد كنت أعاني من هذه الأعراض بشدة عندما كنت في مرحلة الإعدادية والثانوي، حتى أني كنت أقشعر من دروس العلوم الطبيعية والمتعلقة بدراسة الأمراض، أما يوم الامتحان فيكون يوما عصيبا بالنسبة لي، حيث تحضرني فكرة وهي أنني أقول لنفسي: (تصور أنه حضرني إحساس بالخوف أثناء الامتحان وأحسست بالصداع والدوخة فإنني حتما سأفشل في الاختبار).
والغريب في الأمر أن الخوف من هذه الحالة يؤدي إلى حدوث ما كنت أخشى منه، حتى أنني كنت أترك الفصل بين الفينة والأخرى وأذهب إلى بيت الخلاء لأغسل وجهي وأصب الماء على رأسي، ثم اختفت هذه الأعراض لسنوات لترجع الآن! ما علاج هذه الحالة؟
وأستسمحكم على الإطالة، وأسأل العلي القدير أن يبارك في خطواتكم إنه نعم المولى ونعم النصير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيرا أخي على رسالتك، وهي ليست طويلة أبدا، وكافية فيما عبرت به عما بداخلك.
أنت تعاني من المخاوف المتعددة، والمخاوف كثيرة، وفي بعض الناس تكون موجهة نحو أمر واحد، وفي بعضهم تكون متعددة، والخوف لابد أنه يكون مكتسب لسبب ما، فالإنسان ربما يكون شاهد منظرا غير طيب، أو ربما يكون حدث له أي نوع من التغيرات السلبية مع مصدر خوفه، وبالتأكيد الشيء الذي نخاف منه دائما نحاول أن نبتعد منه، وعلى ضوء ذلك رأى علماء النفس السلوكي أن الإنسان ليس لديه أي حل إلا أن يقترب من مصدر خوفه، يجب أن يتقرب أكثر، ويكون هذا التقرب في الخيال، قل مع نفسك: لماذا أخاف من الطائرات، هي الحمد لله موجودة، حتى حوادثها أقل من حوادث السيارات، انظر إليها كنعمة أنعم الله بها على الإنسان، علم الإنسان ما لم يعلم، أنا أراها من المكتشفات العظيمة جدا، انظر لها بهذا الجمال، انظر لها أنها شيء بديع، تحمل الناس وتقرب المسافات، انظر لها بهذه الصورة، هذا سوف يجعلك إن شاء الله تكون أكثر إلفة.
ربما أنصحك أيضا أن تذهب للمطارات، إذا كان هنالك مطار قريب من منطقتك اذهب إليه مرة أو مرتين في الأسبوع واجلس في الكافتريا الموجودة بهذا المطار واسمع إلى صوت الطائرات، وانظر إلى الركاب يأتون ويذهبون بأعداد كبيرة، واعتبر نفسك واحدا منهم، هذا نسميه العلاج بالتعرض، أي الإنسان يتعرض إلى مصدر خوفه، وهذا ينطبق أيضا على بقية كل أنواع المخاوف.
بالنسبة للخوف من المرض أيضا يوجد بعض الناس، ولكن الإنسان يكون متوكلا ويكون مصمما ويعرف أن الأعمار بيدي الله، والجأ إلى الوسائل التي تحافظ على الصحة، منها انتظام الأكل، انتظام النوم، ممارسة الرياضة، كلها إن شاء الله تساعد في بناء الصحة مما يبعد الأمراض عن الإنسان.
كما أني -يا أخي- أود أن أنصحك ألا تتردد كثيرا على الأطباء، يمكنك إجراء فحص مرة في العام للتأكد من الوظائف العامة للجسم، ولضغط الدم، وهذا هو المطلوب.
من الواضح تماما أنك لا تعاني من أي علة جسدية، هذا مجرد نوع من المخاوف المرضية، ولا أود أن أسميها التوهم المرضي.
الشق الآخر في العلاج وهو مهم جدا – يا أخي – هو العلاج الدوائي، توجد الحمد لله الآن أدوية ممتازة لعلاج الخوف، منها الدواء الذي يسمى باسم زيروكسات، وأعتقد في بلادكم يسمى بـ"ديروكسات" Deroxat عموما أيا كان المسمى هذا هو من أفضل الأدوية المضادة لعلاج المخاوف بأنواعها المتعددة.
يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة ليلا بعد الأكل، ثم ارفع هذه الجرعة بصورة تدريجية، أي نصف حبة كل أسبوعين حتى تصل إلى حبة ونصف، واستمر على هذه الحبة لمدة ستة أشهر، ثم خفضها بمعدل نصف حبة كل شهر، بعد ذلك توقف عن العلاج.
أخي لابد لك أيضا من المدعمات العلاجية الأخرى، ومنها التواصل الاجتماعي، الاجتهاد في عملك، وأنت تعمل في التجارة الحرة، ونسأل الله أن يوسع لك في رزقك، وحاول أن تتواصل مع الأهل مع الأرحام مع الأصدقاء، حاول أن تكون ملتزما بالمسجد، فرفقة المسجد دائما هي رفقة طيبة، يجد الإنسان فيها الطمأنينة والتدعيم والمساندة والاستبصار من إخوته.
خلاصة الأمر: يجب ألا تتجنب المخاوف، فالتجنب يزيد منها، ومواجهتها إن شاء الله تقلل منها حتى تختفي تماما.
وبالله التوفيق.