السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخاف من تقدم السن أحس أني هرمة، وأنه ليس هناك أي أمل لي في الاستفادة من عمري الذي يضيع هدرا.
أنا مطلقة منذ تقريبا 5 سنوات، أحس أني تافهة وأنه لا قيمة لي في الحياة، بل أحس أن الكل أفضل مني رغم أني أحاول إثبات العكس، لم أجد الوظيفة المناسبة إلى الآن، لم أستفد من الفرص التي كانت متاحة لي، رفضت العمل في بنك مخافة الله سبحانه وتعالى.
والآن ألوم نفسي على هذه الفرصة، رفضت السفر للخارج والآن أنا نادمة، لا أعرف كيف أتخد قرارا وأتحمل مسؤوليته، أخاف من أي شيء ولا أجرؤ على التحدث بكل جرأة أمام الناس أو الحديث بكل ثقة.
أيامي تمر بسرعة وأحس أني في متاهة، ولا أعرف كيف أخرج منها.
سأكتفي الآن بهذا القدر، معدرة للإطالة أرجو الرد بسرعة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Salsabil حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أختي العزيزة: إنك لست بسيئة من ترك وظيفة بنكية خوفا من الله، فلا تندمي على طاعتك لله، واعلمي أنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، فارفعي حاجتك إلى الله، ولا تسارعي برفض الشيء قبل أن تستخيري ربك الله، ثم تشاوري من حضرك من إماء الله، فإذا عزمت على شيء فتوكلي على الله، واعلمي أن الخير كله بيد الله، ومرحبا بك في موقعك ومع إخوة لك يذكرونك بالله.
ولا يخفى عليك أن الناس لآدم وآدم خلق من تراب، وأنه يرتفع من مستوى التراب إلا من توجه إلى الأواب، وتاب إلى التواب، وانتظر عطية الوهاب، ولازم السنة والكتاب، وأولئك هم أولو الألباب.
وأرجو أن ترتفعي بعملك الصالح وبتقواك لله القائل: (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ))[الحجرات:13] وقيمة الإنسان ما يحسنه كما قال علي رضي الله عنه:
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه ** والجاهلون لأهل العلم أعداء
ولا تتحسري على ما فات، وتعوذي بالله من شيطان يدفعك للندامات، ورددي مقولة المؤمنات قدر الله وما شاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان، وتذكري أن هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان وليس بضارهم إلا بشيء قدره مالك الأكوان، فاستقبلي الحياة بروح جديدة، واشغلي نفسك بذكر ربك وتحميده.
واعلمي أن الدنيا حقيرة، ولذلك يعطيها الله للمؤمن وللكافر، ولو كانت تزن عنده جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء، لكنه سبحانه لا يعطي الدين إلا لمن أحبه، فلا تلتفتي إلى ما عند الناس وتعوذي بالله من الوسواس الخناس.
ولا شك أن أيام الدنيا تمر مسرعة على جميع الناس، والعاقل من اغتنمها في الخير، وكما قيل: (الدنيا ساعة فلنجعلها لله طاعة، والنفس طماعة فنعلمها القناعة، ولله در أقوام علموا حقيقة الدنيا وأدركوا أنها ليست لحي وطنا، فجعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا).
وأرجو أن ترفعي صوتك، ولكن بالحق، وتتكلمي أمام الآخرين ولكن بالخير والطاعة، واعلمي أن الناس ضعفاء، لكنهم يتجلدون، ويعيشون الأزمات، لكنهم خلف الابتسامات يتدثرون، وإذا تذكر الإنسان مصائب الناس وأزماتهم هانت عليه مصائبه، ووجد العزاء مما هو فيه.
فاتق الله في نفسك، ولا تسجنيها في معتقل الأوهام، وتوكلي على من لا يغفل ولا ينام، وأكثري من الصلاة على رسولنا والسلام.
وبالله التوفيق والسداد.