السؤال
نشكركم على موقعكم ومساهمته في التوعية ونشر التعاليم!
أنا شاب عمري قارب 33 سنة، وقد نلت نصيبا جيدا من الدراسة وعندي شهادة الماجستير، وأرغب في إكمال الدكتوراه، وأمامي فرصة لإكمالها خارج الوطن، ومن جهة أخرى وبحكم السن أرغب في الزواج؛ لغض البصر وحفظ الفرج، وأنا حائر بين الاختيارين!
فالأول: حلم يراودني وسيسهم في تحسين وضعيتي في المجتمع (ماديا ومعنويا)، ولكنه يتطلب تضحية أخرى بثلاث أو أربع سنوات أخر.
والثاني: يربطني بالواقع ويحقق مصلحة بالأكيد، ولكنه سيكبلني عن تحقيق الحلم الأول. فأعينوني على الاختيار الأصلح والأصوب، مع الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأرجو أن تكمل نصف دينك وتصون نفسك ثم تكمل الدكتوراه، وتتسلق بعد ذلك سلم المعالي، وسوف تجد في الزواج خير معين لك على مواصلة المشوار وعلى عبادة الواحد القهار، واعلم بأن الزواج سوف يحسن وضعك من ناحية الدين والعفاف.
ونحن لا نوافق من يقولون: إن الزواج يكبل الإنسان ويقتل الطموح، ولكننا نقول: يمكن أن تحدث بعض التعطيل لمن لا يحسن اختيار الزوجة.
ولا يخفى على أمثالك أن كثيرا من العظماء والناجحين كان وراءهم زوجات صالحات كن بعد توفيق الله سببا للتقدم والنجاح، فإن الإحساس بالمسئولية وتقدير المهام الملقاة على عاتق الزوج تدفعه إلى الاجتهاد في تحسين الأوضاع وتجعله ينظر للمستقبل بمسئولية وهمه عالية، فهو لا يشعر أنه يعيش لنفسه فقط كما هو حال من هرب من دخول القفص الذهبي كما يحلو لبعضهم يسميه، وقد ندم كثير منهم على تأخره في أمر الزواج، فإن الإنسان لا يستقر ولا يستريح إلا مع أصله، ولذلك قال سبحانه: (( ليسكن إليها ))[الأعراف:189].
وليت شبابنا عرفوا أن الأصل عندنا هو التعجيل في أمر الزواج، وأن تأخير الزواج سلوك دخيل على أمتنا، ولذلك فقد توجه خطاب القرآن إلى المجتمع المسلم، فقال رب العزة والجلال: (( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ))[النور:32]، وكأن قائلا قال: ولكن من أين المال؟ فقال سبحانه: (( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ))[النور:32] وإذا تأخر الكافرون في الزواج فإنهم يمارسون الفسق والفجور، وليس بعد الكفر ذنب ولكن عار على أهل الإيمان أن يسيروا على دربهم أو يتشبهوا بهم في هذا الأمر أو في غيره.
ومن هنا فنحن نقول: إن الأصلح والأصوب هو أن تتزوج ثم تنطلق في طريق العلم وأنت مستقر النفس هادئ البال وعندها سوف تشعر أن هناك من ينتظر نجاحك ويفرح لتقدمك ويسعى في خدمتك، فلا تلتفت لأقوال المثبطين، وتوكل على رب العالمين، وعليك بتقوى الله والإحسان، فإن الله عد أهلها بتيسير الأمور فقال: (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ))[الطلاق:4] ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يحقق لك ما تريد في طاعته.
وبالله التوفيق والسداد.