السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله بهذه الشبكة، وحشرنا الله وإياكم مع سيد المرسلين!
أيها الفاضل:
منذ فترة لا بأس بها قدمت استشارة عن مشكلة اجتماعية، حيث عانيت من رهاب اجتماعي إضافة لطبعي الهادئ، وبحمد الله لقد تحسنت بوصفتكم العملية نوعا ما، إضافة إلى أني لم أستخدم دواء السيروكسات الموصوف بالشكل الصحيح، حيث أن كل من حولي ضغطوا علي بشكل أو بآخر من أطباء وغيرهم؛ لترك هذا الدواء فتركته بعد شهر فقط من أصل ستة شهور.
والآن أجد من نفسي بين أهل العلم الشرعي، أن لي موقفا ومشاركة جيدة، حيث أن البعض يبدون إعجابهم بي، أو قد يحصل توجيه أغلب الحديث لي وأبقى متكلما، لكني في المجتمع المختلط الواجب علي - أي أني مجبر عليه - في دراستي حيث كان لدراستي نصيب من التأثير السلبي علي؛ مما نكسني بفترة من الفترات.
والعمل الذي تقدمت إليه حاليا بأحد محلات الألبسة، حيث كان أفضل عرض ولكن يحتاج إلى اجتماعيات كثيرة، وأنا وجدت نفسي بين مجموعة مؤلفة من عشرة شبان وسبع فتيات، وأنا أكثرهم خجلا وأقلهم تعاملا، ومن هنا عادت أموري للوراء كثيرا, حيث أخذ الجميع عندما ذكرت لهم الأمر - من أهلي مثلا – في نصحي بالابتسام والتعاون وقول ما يراودني، ولكني لم أستطع فعل ذلك ووجدت صعوبة قاتلة، بل أخذ الأمر مني تفكيرا كثيرا.
فهل هناك حل ألجأ إليه؟ حيث أني أشعر ببعض الأحيان بضيق أود معه الموت! والبعض ينظر إلي - عندما أدعو الله أن يرزقني الشهادة - بأني مكتئب، وهذا غير صحيح، فدعائي بهذا الأمر كان قبل مشاكلي أو قبل ظهور مشكلتي، إن صح التعبير.
لقد تشتت أفكاري! ولكني أرجو من الله أن تستطيع فهم قصتي ومساعدتي، والله ولينا وهو موئلنا! ولكم مني جزيل الشكر والمحبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى أن يرحمنا جميعا، وأن يحشرنا في زمرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا من الواردين لحوضه، والشاربين من يده الشريفة شربة لا نظمؤ بعدها أبدا.
أيها الأخ الفاضل! لقد تفهمت رسالتك بصورة واضحة جدا، ورسالتك الحقيقة تدل أنك ربما تعاني من نوع من صراع القيم، حيث أنك اضطررت للعمل في هذا المكان والذي به الفتيات وأنت من طبعك ربما تكون محافظا مع وجود شيء من الرهاب الاجتماعي والخجل.
الذي أراه هو أن نوع هذا العمل في حد ذاته -إن شاء الله- يعتبر نوعا من العلاج التأهيلي بالنسبة لك، أرجو ألا تستغرب لذلك، هنالك جزء في علم النفس يعرف بالعلاج بالعمل، نحن نصر على الكثيرين بأن يقوموا بأعمال يجدون صعوبة في أدائها، ولكن صدقني أن الإنسان بالاستمرار والضغط على نفسه قليلا يستطيع أن يتمرس ويستطيع أن يتواءم، ويجد بعد فترة أن هذا العمل أصبح بسيطا وروتينيا بالنسبة له، وبعد ذلك سوف تبدأ فترة القبول والاستمتاع بالوظيفة أيا كان نوعها.
فعليك – يا أخ عمر – أن تستمر في هذا العمل، وعليك أن ترفع من مهاراتك، ولا تراقب نفسك كثيرا.
أصعب الأمور التي تواجه الإخوة والأخوات الذين يعانون من الخجل والرهاب الاجتماعي هو الرقابة الصارمة التي يفرضونها على أنفسهم، لا تراقب أداءك، كن منطلقا، صدقني أن أخطاءك قليلة جدا، صدقني ألا أحد يراقبك، وصدقني أنك غير مرصود من قبل الآخرين.
ارفع من مهاراتك، فأنا متأكد أن لديك القدرة على التخاطب وعلى الحوار وعلى استقبال الزبون؛ فهذه نوع من الفنون التي يتعلمها الناس الآن، وإن كانت هي فطرية في كثير من جوانبها، هذا هو الشيء المهم بالنسبة لك، هو الثقة في نفسك، وعدم مراقبة الذات، والاستمرار في هذا العمل.
أنت الحمد لله استطعت أن تجمع ما بين العمل وما بين الدراسة، وهذا شيء لابد أن يجعلنا نشعر بالرضا، ونشعر بأنه لديك المقدرة للقيام بما تريد، فقط عليك الثقة بنفسك.
حقيقة، أنا من أنصار أن تتناول الدواء لفترة، بالرغم من أن من حولك قد نهوك عن ذلك، ولكن صدقني أن هذا الدواء سليم، وصدقني أيضا أن الجانب البيولوجي لا يمكن أن نتجاهله في الخجل والرهاب الاجتماعي، وبما أنه يوجد جانب بيولوجي فلابد من أن نصحح المسار الكيميائي بالدماغ، وهذا يتم عن طريق الدواء.
الزيروكسات دواء ممتاز وفعال ومفيد وغير إدماني، أرجو أن تتناوله بمعدل نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم ارفعها إلى حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم توقف عنه.
أيها الأخ الفاضل الكريم: أرجو أيضا أن تحاول أن تختلط وأن تكثر من صحبة الأخيار، ويا حبذا لو انضممت لجمعية من الجمعيات الخيرية، وإن انخرطت في أي نوع من العمل الاجتماعي إذا كان وقتك يسمح بذلك.
أنا متفائل جدا وعلى ثقة كاملة أنك بشيء من الجهد وشيء من الثقة في النفس تستطيع أن تعيش حياة عادية وتستطيع أن تساعد الآخرين أيضا.
وبالله التوفيق.