السؤال
عندما تحدثت للدكتور: أحمد حازم تقي الدين عن بشرتي وما أفعله بها من ثقبها وفضها، أشار إلى أنني عصبية، وهو بالأمر الصحيح، ولا أستطيع إنكاره، وما يشغلني الآن هو أنني لا أستطيع السيطرة على غضبي وعصبيتي، خاصة أنني أغضب لأتفه الأسباب وأصغرها، فمثلا عندما يفعل أحد إخوتي عملا ما بطريقة لا تعجبني ولا ترضيني أغضب وأشد على أعصابي، وأشعر أني أريد كسر أو ضرب شيئا ما.
فأرجو الإفادة لمساعدتي في التحكم بغضبي والتخلص منه؟ فإن أحد إخوتي يقول بأن صوتي عال جدا عندما أعبر عن مختلف انفعالاتي (الحزن، السعادة، الألم) مع أني لا أشعر بارتفاع نبرة صوتي كما يصفون لي! فلا أدري ما العمل؟
أرجو مساعدتي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الإنسان المستقر يستطيع أن يتحكم في مشاعره أكثر من الإنسان غير المستقر، فعلينا أن نسعى إلى الاستقرار وتجنب كل ما من شأنه أن يكون مثيرا للنفس ومبعدا لها عن الاستقرار، وإن أول ما يجب اعتماده واتباعه وتمثله للوصول إلى حالة الاستقرار هو الإيمان بالله تعالى مع اليقين بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، والعلم بأن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وكما هو الحال في القاعدة الذهبية التي أتى بها ديننا العظيم وهي العلم بالتعلم والحلم بالتحلم نستطيع أن نستشف منها أن الصفات السلوكية يمكن السيطرة عليها من خلال تدريب النفس وترويضها لقول ما ينبغي وفعله، أو تجنب ما يجب تجنبه قولا وفعلا (والصبر بالتصبر).
وإذا تذكرنا وصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال: (لا تغضب) وكررها ثلاثا تدل على أن الإنسان يستطيع أن يسيطر على نفسه وعلى غضبه، وكمثال على ذلك ما روي عمن قتل أحد أبنائه ابنه الآخر فتظاهر بعدم سماع الخبر، ولما روجع بالأمر بعد هدوء نفسه قال: تريدونني أن أسمع الخبر فأنفعل فأقتل القاتل دون تحقق فأخسر ابنين بدل واحد.
ومثال آخر عما روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما سأله أحدهم: أأعمى أنت؟ فقال: لا، فقال له: أسمعت ما يقول يا أمير المؤمنين؟ فقال رضي الله عنه: نعم، (سألني وأجبته).
ثم لنضع في الميزان أيهما أكثر إنتاجا الغضب والانفعال أم الهدوء والتريث والتحكم بالانفعالات لجني النتائج بدون خسائر، وبدون شك سنجد أن الرزانة والهدوء هي سمة الأنبياء والصالحين، وهي أكثر إنتاجا.
كما أن الإنسان يستطيع أن يحقق ذاته من خلال التفوق والتميز، فيبدأ بالبعد عن الانفعال والعصبية غير المبررة أي: عندما يكون الطالب كسولا يكون أقل استقرارا من الطالب الشاطر المتفوق، وأغلب المتفوقين يتميزون بالهدوء والاستقرار، وعلى ذلك نقيس فنسعى لتحقيق أكبر قدر من الإنجازات، وبالتالي نترفع عن سفاسف الأمور والعصبية في غير موضعها.
ويكاد لا يخلو إنسان من عنصر من عناصر العصبية ولكن بشكل متفاوت يختلف حسب الوراثة والبيئة والتربية وتهذيب المرء لنفسه وتعويدها عدم الانفعال غير المبرر، فالأمر يحتاج إلى مراجعة النفس وترويضها على عدم العصبية وأخذ الأمور ببساطة.
وللتخلص من العصبية من الممكن الاستعانة باستشارة الزملاء في قسم الاستشارات النفسية والعصبية سواء للنصح والتحليل النفسي أو باستخدام العقاقير أو الجمع بينهما، ولكني أظن أن الأمر في أوله يجب الاعتماد فيه على الذات ومراجعتها وقراءة ما ورد عن الغضب والعصبية ونتائجها السيئة على أصحابها.
وختاما؛ نذكر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله عز وجل، فعلينا ألا نغضب لأنفسنا أسوة برسول الله عليه الصلاة والسلام.
الأخت العزيزة: بإمكانك الاطلاع على استشارات العصبية والانفعال على الأرقام التالية:
(226699 - 237696 – 18060 - 232446)
وبالله التوفيق.