السؤال
السلام عليكم.
إخوتي الأفاضل في الشبكة الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:-
أشكر جميع القائمين على الشبكة الإسلامية على جهودهم، ونسأل الله أن يجعله في موازين حسناتهم.
مشكلتي هي: الخوف من الذهاب للمناسبات ومجالسة النساء؛ لأنه تأتيني حاله غريبة، وهي أني أرتعش ويدق قلبي بقوة، ويتصبب وجهي عرقا، وأرتعش والكوب في يدي، واستمرت هذه الحالة معي وسببت لي الكثير من الإحراج منذ ما يقارب عشر سنوات، وتظهر هذه الحالة أيضا عندما أؤم الناس بالصلاة، فأشعر بأن صوتي بدأ يضعف ويتقطع، وفي عملي أيضا عندما يأتي المراقب أو المدير مما حط من ثقتي بنفسي.
أفيدوني جزاكم الله عنا خير الجزاء علما بأنه لم يسبق لي مراجعة الطبيب بما يخص حالتي هذه.
ونأسف على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:-
أيها الأخ الفاضل! هذه الأعراض التي ذكرتها هي من صميم سمات وصفات ما يعرف بالرهاب أو الخوف الاجتماعي، والخوف الاجتماعي علة نفسية انتشرت كثيرة في هذا الزمان، وهي إن شاء الله ليست صعبة من ناحية العلاج وطرق العلاج، ولكن تتطلب الالتزام والثقة من جانب الشخص الذي يعاني من هذه العلة.
العلاج ينقسم إلى شقين: الشق الأول هو العلاج النفسي السلوكي، والشق الثاني هو العلاج الدوائي، وكلها إن شاء الله فعالة ومكملة لبعضها البعض.
وبالنسبة للعلاج السلوكي: أخي عليك أن تسجل وتكتب في ورقة كل أنواع المخاوف التي تنتابك، أي الظروف الاجتماعية التي تنتابك فيها هذه المخاوف، ثم بعد ذلك قم بمراجعتها واحدا بعد الآخر، ثم ركز على أقلها أو أضعفها من ناحية التأثير عليك، وتأمل أنك تواجه هذا الموقف، أي تأمل في خيالك أنك أنت الآن في مواجهة هذا الموقف الذي تخافه، فلابد لهذا التأمل أن يكون بجدية، وأن يكون لمدة لا تقل عن 20 دقيقة يوميا، بعد ذلك انتقل للفئة أو النوع الثاني من المخاوف، وهكذا حتى تصل إلى آخرها.
وهنالك تأملات في الخيال عامة وهي أن تجلس أيضا في مكان هادئ وتتصور أنك تخطب في جمع كبير من الناس، أو أنه لديك مناسبة في المنزل مثل الأفراح والأعراس مثلا، وأنك ملزم بمقابلة الضيوف بالطبع، ويمكنك أيضا تتخيل أنه قد طلب منك أن تصلي بالناس صلاة الجمعة في حال غياب الإمام، وهكذا عرض نفسك لهذه الخيالات بجدية كبيرة.
بعد ذلك - يا أخي - أرجو أن تقتحم فعليا هذه المواقف التي تخاف منها، وصدقني أن مستوى الخوف والرهبة التي تأتيك ليست حقيقة، فالخوف من الفشل، والارتعاش، هذه كلها مبالغ فيها، وأريد أن أؤكد لك أنك غير مرصود أو مراقب من قبل الآخرين، إذن الأمر يتطلب منك القوة والإقدام، ولتعلم أن التجنب للمواقف الاجتماعية يزيد من المخاوف.
إذن: لا تدع لنفسك فرصة للتقاعس والابتعاد من المواقف الاجتماعية، اقتحمها، واجهها، اذهب إليها، كن واثقا في نفسك، وصدقني أنك سوف تتحسن في فترة قصيرة جدا، وبالنسبة لمجالس النساء، لا أعرف ما قصدت بذلك، بالطبع لا يستحسن أصلا للإنسان أن يتفاعل مع هذه المجالس إلا إذا كان ذلك بقصد العلم أو إلقاء محضرات وخلافه.
أما الشق الثاني في العلاج أخي: فهو العلاج الدوائي وهنالك أدوية ممتازة وفعالة جدا لعلاج المخاوف الاجتماعية، أفضل هذه الأدوية عقار يعرف باسم زيروكسات، أرجو أن تبدأ في تناوله، والجرعة هي نصف حبة ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع هذه الجرعة بمعدل نصف حبة كل أسبوعين حتى تصل إلى حبتين في اليوم – أي 40 مليجراما – ثم تبدأ بعد ذلك في تخفيضها بمعدل نصف حبة يوميا كل شهر، وسوف تستغرق مدة التدرج في الإيقاف حوالي أربعة أشهر، وبعد التوقف عن العلاج لابد أن تستمر بالطبع في العلاج السلوكي الذي ذكرته لك أولا.
أخي: هنالك أيضا نوع من النشاطات الاجتماعية التي نراها جيدة لعلاج هذه المخاوف، مثل ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم، والمشاركة في حلقات التلاوة أيضا تجعل الإنسان يتفاعل بصورة اجتماعية ممتازة، وكذلك الالتحاق بالجمعيات الطوعية والخيرية، والانخراط في العمل الخيري متى ما أتيحت الفرصة لذلك، كلها تجعل الإنسان إن شاء الله يتفاعل اجتماعيا ويقوي من شخصيته، وهذا بالطبع يؤدي إلى زوال هذا الرهاب.
أسأل الله لك التوفيق والشفاء.
وبالله التوفيق.