أثر الضرب والصراخ على الطفل

0 761

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخوتي لم أجد سواكم لأستشيره، فأثابكم الله عني خير الثواب.

لي ابنة أكملت عامها الأول منذ شهر تقريبا، أحبها كثيرا وأسعى دائما لرعايتها رغم ضيق وقتي، حيث أقضي في العمل 7 ساعات، وتتولى أمي حفظها الله رعايتها في هذه الفترة، في أحد الأيام كنت مرتبطة بعد العمل بدورة تدريبية ولم أعد إلى المنزل إلى الساعة العاشرة مساء، وكانت ابنتي لم تنم بعد، وحاولت معها حتى تنام لكنها كانت نشيطة وتريد اللعب، تركتها تلعب لكنها بدأت في البكاء وحاولت معها بكل الطرق لتهدئتها، واستمر الحال لساعات متأخرة وفي نهاية المطاف وجدت نفسي أصرخ في وجهها وأضربها، لم يكن ضربا قويا " ضربة واحدة فقط ".

بكت بعدها بكاء شديدا وخلدت للنوم بعد أن احتضنتها وربت على ظهرها لكنها أخذت تستفيق من نومها بين الفترة والأخرى طوال الليل.

في الحقيقة شعرت بتأنيب ضمير شديد ولا زلت أشعر به ولا أعلم لماذا فعلت ذلك، فمهما يكن فهي طفلة لا تعي ظروفي ولا تستحق أن أضربها، ومنذ ذلك اليوم وأنا متعاطفة معها جدا ألبي رغباتها وأحاول أن أكون قريبة منها.

سؤالي هنا: كيف أتحكم بأعصابي كي لا تتفلت مني في المرات القادمة، وكيف أوفق بين عملي ورعاية ابنتي؟

وهل ردة فعلي بالتدليل جيدة؟

والأهم هل ضربي لها سيؤثر على نفسيتها وعلاقتها بي وهي في هذا العمر؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن للصراخ والضرب آثارا خطيرة، خاصة إذا كانت الطفلة لا تعرف لماذا كل ذلك، وكلاهما يدل على ضعف المربي، وقد أحسنت بضمها إلى صدرك والربت على كتفها، وسوف ينمحي الأثر لأنها ولله الحمد نامت بعد ذلك، وهذا هو الذي أشار إليه ابن القيم في علاج مثل هذه الحالة التي يسمع فيها الطفل أو يرى ما يخيفه ويحزنه، وذلك بأن تسارع الأم وتلقمها الثدي وتجتهد في أن تجعلها تنام، وهذا ما قمت به -ولله الحمد-.

لكننا لا نوافق على استمرار التدليل لأن ذلك ليس في مصلحتها، كما أننا نرفض هذه الطريقة بعد أن تكبر لأنها تفرغ العقوبة من معناها ومحتواها، ويشعر الطفل بانهزام الوالدة وضعفها الذي ربما استفاد منه وأثر عليه سلبا في مستقبل أيامه.

وإذا عاقبت الأم أو الأب أحد الأطفال فإن الصواب أن يمضي به في اتجاه واحد، فلا يدلل الأب من طرفه، ولا تعتذر الأم لمن عاقبته، ولكن الصواب أن يقوم الطرف الآخر بتنبيه الطفل للخطأ الذي وقع فيه، كأن يقول له: أمك تحبك لكنها ضربتك لأنك فعلت خطأ كبيرا، وإذا تركت الخطأ فتأكد أننا جميعا نحبك، ثم يوصيه بأن يطيع الوالدة ويعتذر لها، وإذا كانت العقوبة من الأب فإن الأم تقوم بنفس الدور، وهذا هو الأسلوب الصحيح في التوجيه والتربية، فلابد من أسس يتفق عليها.

أما ما يفعله بعض الأقارب كأن يقول: مسكين .. لماذا ضربتموه؟ أو كلما آتي إلى منزلكم أجده يبكي.... أو حرام عليكم يا جماعة.... إلى غير ذلك من العبارات التي نسمعها ونرددها ولا ندرك أضرارها على الطفل بكل أسف، فهذا خطأ عظيم يقع فيه الكثير من الناس والمربين.

وإذا غضبت الأم أو تضايقت من طفلتها فمن الممكن أن تعطيها لوالدها أو لجدتها، ونحن نتمنى أن لا تكرري هذا الخطأ، وأرجو أن تعرفي أنه من الخطأ توقف التربية على الدلال، فإن عواقبه غير طيبة، وكوني متوازنة في تربيتك بين الشدة واللين، وكوني حازمة في لين، ولينة في غير ضعف، وقدري لكل حالة وضعها المناسب.

وإذا جاءك الغضب فتعوذي بالله من الشيطان، واذكري ربك الرحمن، واهجري المكان، واحفظي اللسان، وغيري هيئتك؛ فإن كنت واقفة فاجلسي، وإن كان الغضب شديدا فتوضئي وصلي حتى يذهب عنك الغضب.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ومرحبا بك مع آباء وأخوات يتمنون لك ولطفلتك السعادة والهناء في رضى رب الأرض والسماء.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات