السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتمنى لك حياة سعيدة وأوقاتا طيبة تقضيها في مجال تخصصك.
أنا ابنك سامي من السعودية، أتقدم إليك بطلب المشورة في أمر يهمني كثيرا، ألا وهو:
أنا الآن في الفصل الأخير من دراستي الجامعية في جامعة الملك سعود، تخصص علوم حاسوب، وحيث أنني أرى أن ميولي نحو هذا التخصص ضعيف، لذلك أحبذ وأرغب في تخصص الإدارة ولدي رغبة فيه وأستمتع للعمل فيه، حيث أرى ذلك من نفسي، وحتى ممن حولي، وأستطيع تحمل الكثير من الأمور بيسر وسهولة، حيث يعتمد علي أهلي وأخوتي في أمورهم المالية ويثقون بي.
وبما أنني أكبر أخوتي فقد قمت بجميع الاستعدادات اللازمة لإعداد حفلات الزواج لجميع شقيقاتي الثلاث اللاتي يكبرنني، وتلقيت إشادة بذلك من قبل والدي وأعمامي وأصدقائي، وكنت أرافق والدي منذ الصغر للمناسبات التي يذهب إليها وجالست رجالا كبارا مع والدي، ولقد كان والدي يعمل في منصب إداري كبير وهو الآن متقاعد.
هذه مقدمة مختصرة وسؤالي هو:
هل تؤيد تغيير مجال تخصصي من علوم الحاسب إلى مجال إدارة الأعمال؛ حيث إنني أفكر بالدخول في دورة باللغة الإنجليزية بإحدى الدول الأوربية، فهل تؤيد الدورة، ثم إكمال الماجستير في تخصص إدارة الأعمال؟
عندي إشكال وهو أن تخصص الإدارة يحمله كثير من الناس، والحاسوب على النقيض، فهل هذا سيؤثر عند تغيير تخصصي؟
معلومات:
عمري 22 سنة، معدلي في الجامعة 3.5، متخرج من الثانوية بتقدير ممتاز من القسم العلمي، أعزب، دخلي المادي ممتاز .
أرجو مساعدتي، ولك خالص حبي وتقديري!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
أسأل الله العظيم أن يرزقك التوفيق والسداد وأن ينفع بك بلاده والعباد، وبعد:
فإنه من الضروري والمفيد جدا أن يتخصص الإنسان في المجال الذي تميل نفسه ويستطيع أن يبدع فيه، واعلم أن كل إنسان له مواهب وجوانب خصصه الله بها وميزه فيها، فنعم الله مقسمه، واكتشاف المواهب والميول والاستفادة منها من أهم الأشياء في بناء دولنا ونهضة أمتنا.
ولا شك أن دراستك في علم الحاسوب سوف تفيدك ولن تندم عليها، فالحاسوب هو لغة العصر، والصواب أن يأخذ الإنسان من كل شيء بطرف؛ لأن كثيرا من العلوم ترتبط ببعضها، ثم يتخصص في المجال الذي يحبه ويميل إليه، وأمتنا بحاجة ماسة إلى إداريين مهرة، يحسنون الاستفادة من الطاقات الكبيرة المهدرة والأموال الوفيرة الضائعة؛ لأنها لم تجد من يحسن استخدامها لتكون في مصلحة البلاد والعباد.
والإدارة علم يوزع الأدوار ويوجه الملكات، والإداري الناجح يوفر الجهد والوقت لتنفسه وأمته، ومن هنا نفهم أن سوء الإدارة هو السبب للكثير من أزماتنا وخسائرنا.
فنصيحتي لك بعد تقوى الله وطاعته، هي أن تحرص على مواصلة تعليمك والتخصص في العلوم الإدارية، وتحاول ممارسة العمل الإداري في بيتك ومناسبات أهلك، فالإداري الناجح يتحمل الصعاب ويتميز بسعة الصدر والنظرة العميقة للأمور، والاستفادة من جهود الذين معه، مع دقة التنظيم، ويفتح قلبه لنصح الناصحين. وأنصحك بالقراءة عن الإدارة في الإسلام، فهناك مؤلفات في هذا المجال؛ لأنها سوف تضيف لك أبعادا جديدة من مراقبة الله، وشفقة على من يجعلهم الله تحت يدك، وهذا يعد إنسانيا، إضافته إلى حياتنا وقيمنا الإسلامية العظيمة، وإذا كان في العمل إخلاص لله فإنه يفجر في الإنسان طاقات عظيمة.
وأنصحك بأن تنتقل بما عندك من مهارات في علم الحاسوب إلى دراسة العلوم الإدارية والتخصص فيها، وطور نفسك باستمرار في مجال الحاسب الآلي الذي سوف يساعدك في استيعاب التنظيمات الإدارية والبرمجة الخاصة بهذه الناحية، ولا تنظر إلى عدد من يحمل التخصصات الإدارية؛ فالناس كالإبل المائه لا تكاد تجد فيها راحلة، فرغم كثرة الإداريين فكم هو قليل عدد المبدعين، فنسأل الله العظيم أن يجعلك منهم وأن ينفع بك وبأمتنا لكل البلاد والعباد.
ونحن نؤيد تخصصك في العلوم الإدارية، وأرجو أن لا يكون هدفنا من التعليم هو طلب الوظائف والمناصب، فإذا تحصلنا على وظيفة توقفنا عن طلب العلم، ولا يزال المرء عالما ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل، فالعلم بحر لا ساحل له.
ويسعدني بذلك أن تحافظ كذلك على مهنة الوالد وأن تستفيد من خبرته، وأرجو وأنت تفكر السفر إلى البلاد الأوربية أن تحرص على دينك وأن تعض عليه بالنواجذ، وننصح كل مسافر إلى تلك الديار أن يزود نفسه بمعرفة هذا الدين، وأن يكون له ورع يحفظه، وأن تكون إقامته هناك بقدر حاجته، وأن يبحث عن الأخيار ليكون معهم، ويا حبذا لو حصنت نفسك بالزواج فتلك بلاد الشهوات، وأرجو أن يحفظك الله من كل سوء وبلاء، وأن يجعلك قرة عين لوالديك ولأمتك.
والله الموفق.