السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
توفي أبي منذ 25 عاما، وقامت والدتي بتربيتنا على أكمل وجه، ولكن للأسف فقدنا حب الارتباط ببعضنا البعض بسبب سوء تصرف من جهة والدتي؛ مما أدى إلى التفكك بيننا جميعا، ومنذ أيام حاولت أنا وزوجي الاتصال ببعض الأخوات مرارا ولكن دون جدوى، ولا يريدون حتى مجرد الكلام مع والدتنا حتى والدتنا لا تقبل الاتصال بهم؛ والسبب أنهم أولادها وهم من يجب عليهم السؤال عنها إلى أن يئست، فهل أعاقب على أنني قاطعة الأرحام؟ وما هو حكم الدين تجاهي وتجاه أخوتي وتجاه أمي؟ وماذا أفعل كي أعيد لهذه الأسرة مودتها وارتباطها؟ مع العلم أن والدتي لا تبدي أي نوع من الاهتمام، وكل حرصها على الشقة التي تقيم بها فقط، وتخاف من كل من حولها وتعتقد أن الكل يطمع في شقتها، لذلك لا تبدي أي مبادرة لتجميع أولادها حولها، فما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سامية الضبع حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
بداية أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجزيك عن والدتك وإخوانك خيرا، وأن يوفقك في مساعيك الطيبة لعودة المياه إلى مجاريها .
أما بخصوص ما ورد برسالتك فإليك ما يلي:
بخصوص الوالدة والتي قامت بتربيتكم منذ وفاة والدكم رحمه الله، فلها مني ومن كل مسلم ألف شكر وتقدير وتحية، إذ أنها ضحت بنفسها من أجلكم، وحرمت نفسها الزواج من رجل آخر كان من الممكن أن يوفر لها نوعا من السعادة والاستقرار، ولكنها فضلتكم على نفسها، وضحت من أجلكم بسعادتها وحياتها ورغبتها: لذا أقول لك ولجميع إخوانك: لو قدمتم كل صور المودة والرحمة والبر والإحسان لأمكم فلم ولن تعوضوها أو تكافؤوها على صنيعها العظيم، وتضحيتها المنقطعة النظير، جزاها الله عنكم أحسن الجزاء.
وأما مسألة فقدكم للترابط والتواصل فيما بينكم، فأعتقد أن أمكم لم تتعمد زرعه فيكم، وإنما لعلها هي نفسها ضحية لتربية خاطئة عاشتها في صغرها، فانعكس ذلك على تربيتها لكم، وإلا فمن المستحيل أن يتصور أي إنسان أن هناك أما تتعمد تفرقة أبنائها، وقطع التواصل بينهم، فوالدتك -كما أعتقد- قدمت أفضل ما عندها، وكونها أخفقت في بعض الجوانب لا يعني وضعها في القائمة السوداء، ونسيان فضلها وجميلها وتضحيتها، مهما كانت الأسباب؛ لأن هذا الشيء لا يعدو أن يكون نقطة سوداء في ثوب جميل أبيض، وستغفر في بحار عفوها وبرها وإحسانها وتضحيتها من أجلكم؛ لذا أنصحك بضرورة لعب دور أكبر وأكبر في عودة العلاقة الطبية بين هذه الأسرة، خاصة الوالدة مهما كانت شدة طبعها وحساسيتها من موضوع الشقة، وخوفها من استيلائكم عليها، فالرجاء بذل أقصى ما تستطيعين أنت وزوجك -جزاه الله خيرا- في القضاء على هذه القطيعة، وعودة المودة والمحبة للجميع .
وأما بخصوص كونك قاطعة للرحم : فأنا لم ألمس أي دليل على أنك كذلك، بل على العكس، ألحظ حرصك ومحاولاتك الإصلاح، وهذا شيء طيب تشكرين عليه، فلا تخافي من هذه الناحية، ولكني أود أن تواصلي المشوار، وأن توصي إخوانك بضرورة الصبر على والدتكم مهما كان تصرفها؛ لأنها أم ويجب لها عليكم السمع والطاعة لها، وأن تقوموا جميعا بزيارتها وطلب العفو منها، ولا تنتظروا أن تبدأ هي بالإصلاح، وذلك لكبر سنها ولمنزلتها وحقها عليكم، ولقناعتها بأن هذا واجب عليكم، وأن الصغير هو الذي يتواضع للكبير إلى غير ذلك من الأعذار، والمبررات، فرجائي الاجتهاد في محاولة الإصلاح، وعليك بسلاح الدعاء والإلحاح على الله، واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الله لا يخيب عباده فيه، فأحسنوا الظن بالله، وواصلوا المحاولات، وإن شاء الله سوف تسعدون جميعا بعودة المودة والرحمة إلى هذه الأسرة عاجلا غير آجل.
مع تمنياتنا لكم جميعا بالتوفيق والسداد.