السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله - يا د. محمد - عنا وعن الإسلام ألف خير، أما بعد فأنا صاحب الاستشارة السابقة 257390.
الحمد لله أستطيع أن أقول: إني تخلصت من الخوف من الموت، ولكن لا أستطيع أن أنكر بأن معاناتي لا تزال تشتد أكثر فأكثر.
لقد أخبرتك - يا دكتور - محمد في الاستشارة السابقة بذلك الشعور الغريب الذي انتابني على إثر نوبة الهرع والمتمثل في استغراب نفسي وما حولي.
هذا الشعور أصبح ملازما لي طوال الوقت، أريد أن أعرف لماذا لم أتخلص منه؟ فكما قلت لقد شفاني الله من الخوف من الموت، وكما هو معروف إذا عرف السبب بطل العجب، فإذا كنت قد تخلصت من الهرع والهلع فلماذا بقي هذا الشعور الغريب بل وازداد أكثر؟
إن كنت في السابق أستغرب نفسي، فقد أصبحت أستغرب كل شيء تقريبا، تصور - يا دكتور - أنا أستغرب أشكال الناس حتى أقرب الناس إلي ووالدي وإخوتي أستغرب أشكالهم، إني والله أعاني معاناة لا يعلمها إلا الله.
كما أنني لم أسلم من الوسواس القهري الذي لا يزال يهجم علي، وكأن هذا الوسواس يتكيف مع حالتي، فزيادة على الوساوس في العقيدة أصبحت الأفكار حول أنني أعيش في وهم وليس في الدنيا لا تفارقني.
أستغرب كل شيء حتى أصبحت أستغرب كيف كنت أعيش حياتي الطبيعية، وأكاد لا أصدق ذلك، لا أدري هل حقا لا أزال مصابا بعلة عدم التأكد من الذات أم أن كل هذا هو وسواس قهري؟ الشيء الوحيد الذي أنا على يقين منه هو أنني لست على حالتي الطبيعية، هذه الحالة لم تتجاوز الشهرين من ظهورها، وأنا في أشد الخوف من أنها لن تفارقني، لا أزال كثير البكاء طويل الحزن شديد الهم.
أخاف أن أفقد عقلي وأن أجن بسبب ما أحس به، فأرجو منكم - يا دكتور - المساعدة، أملي في الله كبير بأنني سأجد تفسيرا لكل هذا منكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك ونحن نتنسم نفحات الشهر الفضيل ومواسم الخير الطيبة هذه، ونسأل الله لنا ولك الصحة والعافية ولجميع المسلمين.
ابننا محمد! الحمد لله أن الأعراض الأساسية قد ابتدأت في التلاشي، وحقيقة هذا الشعور وهو استقرار الذات أو عدم التأكد من الذات، أعرف أنه مزعج إلى درجة كبيرة ولكنه ليس خطيرا، الإنسان قد يستغرب نفسه وقد يستغرب من حوله، وهذا كما ذكرت لك أحد التشخيصات المعروفة والواردة في اللغة الإنجليزية وهو يأتي تحت أمراض العصاب، وفي بعض الحالات يكون متداخلا مع الوساوس القهرية وكذلك مع المخاوف.
أنا أرجو أن أؤكد لك مرة أخرى أن الأمر ليس بخطير وإن كان مزعجا لك، وأنا أعتقد بتجاهلك والصبر عليه سوف يختفي تماما.
أعرف أنه لا يشكل علة أساسية في التركيب البيولوجي أو التركيب التشريحي بالنسبة للدماغ لديك، هذا هو الشيء الأساسي، إنما هو فقط حالة نفسية عصابية، مرتبطة في حالات كثيرة بالوساوس والمخاوف.
لابد أن نقدم لك مساعدة في هذا السياق، وإن كنت أرى أن تجاهل الأمر والصبر عليه سوف يؤدي إلى نتائج إيجابية، ولكن إذا ضاق بك الأمر وأصبحت الأمور لا تحتمل، ففي هذه الحالة لابد أن تتناول العقار الذي يعرف باسم زاناكس، أنا لا أميل كثيرا للزاناكس لأنه ربما يسبب بعض التعود، ولكن إذا تناوله الإنسان بحكمة ومسئولية إن شاء الله لن يحدث هذا التعود، وأنا أحسبك إن شاء الله سوف تتناوله بضوابط واضحة؛ حيث أن الزاناكس يعتبر من الملاجئ الأخيرة لعلاج استقرار الذات وهو يفيد كثيرا.
إذن أخي! ابدأه بجرعة ربع مليجرام صباحا ومساء لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك يمكن أن ترفع هذه الجرعة على ربع مليجرام ثلاث مرات في اليوم لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك عدل الجرعة على نصف مليجرام ليلا وربع مليجرام في الصباح، إذن تكون نفس الجرعة وهي ثلاث أرباع مليجرام، استمر عليها لمدة شهر.
أتمنى في خلال هذه الفترة أن يحدث نوع من التحسن بالنسبة لك، وبعد ذلك تبدأ في التخفيض التدريجي للزاناكس وهو أن تسحب ربع مليجرام كل أسبوعين حتى تتوقف عنه، هذا هو الذي أراه في هذه المرحلة مع تطبيق ما ورد في إجابة الاستشارات السابقة.
أنت الحمد لله لديك القوة ولديك العزيمة أن تواصل في مقاومتك للوساوس وأن تركز على دراستك وإن شاء الله سوف تجد أن الأمور قد أصبحت جيدة وإيجابية بالنسبة لك، وكل عام وأنت بخير.
وبالله التوفيق.