السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إننا نعيش حياة غريبة، فكل الذين حولنا يتعاملون بالسحر ويفعلونه لنا، ونحن نعلم من هم، والغريب أن الكثير منهم يقوم بذلك معي -أي يحاولون إيذائي- الأقارب وأناس آخروين، وأنا في حيرة من أمري؛ لأنني أرى أن حياتي تنهار أمام عيني ولا أعرف ماذا أفعل.
لقد كرهت كل شيء من حولي، وأصبحت أخاف من كل الناس، الرجاء إعطائي حلا لذلك.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
نسأل الله العظيم أن يحفظك من بين يديك، ومن خلفك، وعن يمنك، وعن شمالك، ونعوذ بالله من أن تغتال من تحتك، ونسأله تبارك وتعالى أن يرزقنا وإياك الثبات والسداد وبعد:
فإن الله تبارك وتعالى يقول: (( ولا يفلح الساحر حيث أتى ))[طه:69]، واعلم أنه لم يصيبك إلا ما قدره الله عليك، وأن أهل الأرض لو اجتمعوا على أن ينفعوك أو يضروك ما استطاعوا إلا بإذن الله وتقديره، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
وعليك بذكر الله وتوحيده وطاعته، فإن ذكر الله كمثل رجل خرج العدو في طلبه فوجد حصنا فتحصن به، ومن كان مع الله كان الله معه، فاحفظ الله بطاعته والتزام أوامره يحفظك من كل سوء وبلاء، والله تبارك وتعالى يدافع عن الذين آمنوا وتوكل على الله وردد بعد ذلك في ثبات: (( فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ))[هود:55-56].
وأرجو أن تشغل نفسك بالقرآن والذكر والطاعات، فإن كيد الشيطان وأعوانه ضعيف، ولا تكثر من اتهام الناس، واشغل نفسك بما خلقت لأجله، (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))[الذاريات:56]، وأبشر فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، والله تبارك وتعالى لا يهدي كيد الخائنين.
والمسلم يقي نفسه من السحر قبل وقوعه بما ذكرناه وبالمداومة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة سورة البقرة والمعوذتين، ودائما يكون أثر السحر ضعيف جدا إذا كان الإنسان مطيعا لله، وسرعان ما يزول إذا ردد المعوذتين ولجأ إلى الله تبارك وتعالى.
وأرجو أن لا يدفعك هذا الضيق للجوء للسحرة لفك السحر فتكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، فالسحرة كفرة، والعياذ بالله: (( وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ))[البقرة:102]، والله تبارك وتعالى سوف ينتقم من كل من يزرع الشرور لعباد الله (( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ))[الشعراء:227].
وتذكر أن من أتى كاهنا أو عرافا فسأله مجرد سؤال لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، أما من يأتي الكهان والعرافين والسحرة والمشعوذين ويصدقهم والعياذ بالله فإنه يكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
واعلم يا ابني الكريم – حفظك الله من كل سوء – أن هؤلاء السحرة ما توصلوا إلى هذا العمل القبيح إلا بعد أن كفروا بالله وتقربوا للشيطان والعياذ بالله، وإن ظهر للناس خلاف ذلك أحيانا بل وربما وصل الحال ببعضهم إلى مرحلة السجود للجن ووضع المصحف في مكان القاذورات، ولكنه يخفي هذا على الناس فقد يصلي أحدهم ولكن بغير وضوء، وقد يفتح المصحف لكنه يقرؤه منكوسا، أو ينظر فيه ويأتي بكلام لا يفهم ليخدع البسطاء والجهلة، ويسلب أموالهم، وأمثال هؤلاء لا يؤتمنون على الأعراض، ولا يجوز للمسلم الذهاب إليهم بحال من الأحوال.
فعالج نفسك بنفسك، وداوم على أذكار الصباح والمساء، ولا بأس بالرقية الشرعية بشرط أن تكون من كتاب الله أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأعني بذلك الأذكار الواردة في هذا الباب، وأن تكون بلغة مفهومة واضحة، وأن لا تصاحبها وسائل للخداع، فإن من علامات الدجالين أنهم يسألون من يأتي إليهم عن اسم أمه وربما طلبوا منه أن يذبح ذبيحه بلون معين، أو يطلبوا طعام معين وكل هذا ليتقدم قربا للشيطان والعياذ بالله.
وإذا ذهب الإنسان لهؤلاء فإنهم يسلطون عليه الجن ليعيدوا لهم المرض بين الحين والآخر لتأتيهم الأموال والهدايا والعياذ بالله! وهذا شأن الشياطين وأوليائهم من الإنس والجن، وقد كان العرب في الجاهلية يتعوذون بالجن من الجن، فكانوا يتعوذون من كيد الوادي من جماعته، فتسلطت عليهم الشياطين وزادوهم رهقا: (( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ))[الجن:6].
فلا تخف غير الله واجتهد في ذكره وطاعته، واجتهد في كتمان ما عندك من نعم وخير فإن كل ذي نعمة محسود، وقدم نصحك لأقاربك، ولاطفهم، وهذا شأن الداعية إلى الخير، فإذا رماك هؤلاء بالأذى فعليك أن تدفع بالتي هي أحسن، وكن كالشجرة يرميها الناس بالحجارة فتعطيهم أفضل الثمار.
وفقك الله لما يحب وحفظك من كل شر، وتعوذ بالله من شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد، واسأل الله نصره وتأييده.
وبالله التوفيق.