السؤال
السلام عليكم.
أنا -وأعوذ بالله من قول أنا- أخاف الله وأحبه، لكن يهاجمني الوسواس كثيرا في موضوع بالتحديد، أنا عندي 4 أخوات كلهن فوق 30 سنة بدون زواج، والمشكلة أنهن ملتزمات كثيرا بدينهن في عملهن وأقوالهن وأفعالهن، وهذا بشهادة الجميع، وهن محجبات، ونحن من أسرة ملتزمة، لكن ليس لهن ولا لي حظ لا في زواج رغم ما ذكرت، ولا في عمل، مع أن لدينا شهادات عليا!
وهنا تهاجمني وساوس الشيطان فأقول لنفسي لماذا يحصل معنا هذا؟ لماذا لا يستجيب الله لدعائنا؟ فأكره نفسي وأخجل من الله، فأستغفر ربي، ولكن بعد حين تعاودني الهواجس!
سؤالي: كيف أبعد نفسي عن هذا؟ وكيف أثبت إيماني لكي لا أقع في المحظور، ولا أقول لماذا نحن دون سوانا، مع أن سوانا يرتكب المعاصي جهارا ويحققون أمانيهم.
وجزاكم الله خيرا!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حليمة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فتعوذي بالله من الشيطان واحمدي الذي رد كيده إلى الوسوسة وقولي آمنت بالله، واعلمي أن من وجد الدين لم يفقد شيئا ومن حرم الدين والتوفيق للطاعات فهو المحروم، وتأملي قول الله تعالى: ((ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى))[طه:131]، ورزق ربك من النبوة والدين والأخلاق والهداية خير وأبقى، والسعيدة هي التي تتعرف على نعم الله عليها لتؤدي شكرها فكلنا صاحب نعمة ونعم الله مقسمة بين عباده ومن رضي بقسمة الله كان أسعد الناس.
وأرجو أن تعلمي أن إجابة الدعاء تتنوع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها، وأما أن يدخر له من الأجر والثواب مثلها) وتكلم الإمام ابن الجوزي رحمة الله عن أدب السلف الأبرار فقال: كانوا يسألون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه، ويقول: مثلك لا يجاب، أو لعل المصلحة في أن لا أجاب...
وفي قولهم مثلك لا يجاب اتهام للأنفس وهذه بداية التصحيح، أما قولهم لعل المصلحة في أن لا أجاب فهو إدراك منهج أن الله سبحانه قد لا يستجيب لعبده رحمة به، فكم من رجل سأل الله سيارة ليكون موته عليها، أو سأل الله امرأة ليكون ضلاله على يدها.
وقد أحسنت باستغفارك بعد تلك الوساوس فإن ذلك يغيظ الشيطان الذي يتحسر لاستغفارنا، ويبكي لسجودنا، ويندم ويحزن لتوبتنا.
وهذه وصيتي لكم بتقوى الله وبكثرة الدعاء والصبر على البلاء، واعلموا أن أكثر الناس بلاء الأنبياء ثم الذي يلونهم، ولو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء، فكوني راضية بقضاءه وقدره، سعيدة بحكمه بين عباده، وعجبا لأمر المؤمنة إن أمرها كله لها خير وليس ذلك لأحد إلا لأهل الإيمان، إن أصابتهم سراء شكروا فكان خيرا لهم أو أصابتهم ضراء صبروا فكان خيرا لهم، وتذكري أن السعادة لا تنال إلا بطاعة الله والمداومة على ذكره، وأشغلي نفسك بما خلقت له، واعلمي أن الكون ملك لله، وأنه لن يحدث فيه إلا ما أراده الله، وتذكري أن لكل آجل كتاب، فلا يحملنك ضيق الرزق، وتأخر الخطاب على الخروج عن الحجاب والصواب.
ونسأل الله لنا ولكم الثبات حتى الممات.