تربية الجنين في بطن أمه إلى بلوغ أشده

4 938

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم، وجزاكم الله كل الخير.

أنا في الأشهر الثلاثة الأولى من حملي، أريد أن أعرف كيف يربى الجنين تربية إسلامية منذ تكوينه في بطن أمه، كيف يكون بإمكاننا إيصال الأشياء الجيدة ويتعود عليها كحفظ القرآن منذ الصغر؟ وهل للموسيقى تأثير على أعصاب الجنين؟ وما هي كيفية التعامل معه عند الولادة وفي سنواته الأولى؟ لأنها عماد تكوين شخصيته. كما أتمنى أن تسعني رحابة صدركم فتمدوني بقائمة لأسماء البنات وأخرى لأسماء الفتيان.

ولكم جزيل الشكر والسلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جيهان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أسعدني هذا السؤال، وقد سألت عن أمر عظيم وأنه ليسير على من يسره الله عليه، وهكذا ينبغي أن تفكر المؤمنات، ونسأل الله أن يبارك فيك وفي الصالحات، ومرحبا بك في موقعك وبين إخوة وآباء يتمنون لك الهداية والثبات.

لقد ثبت في أحدث الدراسات أن تلاوة الأم للقرآن تسعد أطفالها وتؤثر عليهم، حتى لو كان الطفل في بطن أمه، وكذلك الذكر لله، وإذا أكثرت الأم من تلاوة القرآن كان وليدها من أسرع الناس حفظا لكلام الرحمن، وليت كل حامل ومرضع تعطر بيتها بأريج القرآن، ولا تستمعي للقائلين بآثار الموسيقي، فإنهم حزب الشيطان، ويكفي أن تعلمي أن أهل الموسيقى والفن هم أشقى بني الإنسان، ولذلك تكثر فيهم المخدرات والقتل والانتحار، فضلا عن الضيق والأكدار، وكيف يسعد ويطمئن من يبعد عن ذكر الرحمن، وقد شهد بذلك من تاب من أهل الفن والغفلة والخسران.

والتربية الصالحة تبدأ بالنية الصالحة وبالطاعة لله والتوبة إليه، فإنه يجيب من دعاه وينتصر لمن سار على هديه، وقد دافع عن خليله وأيد حبيبه ومصطفاه.

وأرجو أن تتجنبي التوترات، والحذر من الخلاف مع الزوج، أو الانزعاج من آلام الحمل وشدة الوضع، فإن الطفل وهو في بطن أمه يتأثر بكل المشاعر السالبة، ويتأثر بمعصية الأم لله، واعلمي أن خير ما نصلح به أنفسنا وأولادنا وحياتنا هو طاعتنا لله، فإذا خرج المولود إلى الدنيا فأظهروا الشكر لله الواهب، واسألوه من فضله.

وسارعوا بإسماعه كلمات التوحيد من خلال الأذان في أذنيه (الأذان في أذن والإقامة في أخرى) ثم حنكوه بتمرة تأسيا برسولنا صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك إعجاز طبي؛ لأن التمر غذاء جاهز وكامل وسريع، ثم حصنوه بالأذكار والمعوذتين صباحا ومساء، واحرصوا على صيانة عينه وأذنه، فلا يرى إلا خيرا ولا يسمع إلا خيرا، ورددوا إلى جواره الآيات، فإنه يعتاد على مقاطعها ويألف أصواتها، واهتمي بإرضاعه، واعلمي أنه يرضع مع اللبن خلقا وأدبا ودينا، وأرجو أن تفعلي ذلك وأنت مستقرة نفسيا وسعيدة وراضية، فإنه يحتاج مع اللبن إلى جرعات العطف والحنان، ويجد في صدر الأم الدفء والأمن والاستقرار.

ولا تحرميه من نظرات العطف ولمسات الحنان، ولا تسارعي إلى حمله إذا بكى إلا إذا عرفت سبب البكاء، فقد يبكي الطفل من الجوع أو البرد أو الحر أو الخوف أو الرغبة في الرضاعة أو المرض، وقد يبكي بدون سبب، وفي هذه الحالة نعطيه فرصة ولا نسارع إلى حمله لأنه ينتفع من البكاء فيتخلص من الفضلات المؤذية، ويتدرب على سعة الصدر، وقد أشار لذلك الإمام ابن القيم قبل ثمانية قرون وكثر الكلام عن هذه المسألة في زماننا.

وأرجو أن يدرك الآباء والأمهات أن أول ما نبدأ به في تأديب أبنائنا هو تأديبنا لأنفسنا، فإن أعينهم معقودة بأعيننا، فالحسن عندهم ما استحسناه، والقبيح عندهم ما استقبحناه.

ولا يخفى عليك أهمية الاسم الحسن وآثاره النفسية والمعنوية على الأطفال، ومن هنا كان حرص رسولنا على الأسماء الحسنة، بل كان يبدل الاسم القبيح، وأفضل الاسم ما كان فيه عبودية لله، أو كان اسما لرسل الله وأنبياء الله، بالإضافة إلى أسماء الصحابة والصحابيات، مع ضرورة أن يكون الاسم قليل الأحرف وسهل النطق.

وهذه وصيتي لكم بتقوى الله، ونسأل الله أن يجعل في المولود قرة عين لكم وللمسلمين.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات