السؤال
السلام عليكم
أنا شاب عمري (23 عاما)، متزوج وراتبي لا يكفي غير إيجار البيت ومصاريف ابني، وعلي ديون، لقد يئست، قولوا لي ماذا أفعل؟!
وشكرا.
السلام عليكم
أنا شاب عمري (23 عاما)، متزوج وراتبي لا يكفي غير إيجار البيت ومصاريف ابني، وعلي ديون، لقد يئست، قولوا لي ماذا أفعل؟!
وشكرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن المؤمن لا ييأس، لأنه يوقن أن الأرزاق بيد الله، لكنه المؤمن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، يتحرك ويبحث لأنه يعلم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور )) [الملك:15]، والمؤمن يوقن أن الله تبارك وتعالى تكفل بالأرزاق، فقال سبحانه: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) [طه:132].
قد تكفل الله برزقك فلا تيأس، وخلقك لعبادته فلا تلعب، واعلم أن الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)، واقتضت حكمة الله أن يربط الأرزاق بأسبابها، والمؤمن يفعل الأسباب ولكنه لا يعول عليها، وإنما ينتظر رزق الوهاب، ومن هنا جاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا )، لاحظ كلمة (تروح وتغدوا)، وقال سبحانه لمريم عليها السلام: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) [مريم:25].
وقد أحسن من قال:
لو شاء ألقى إليها دون هز الجذع *** رطبا ولكن كل شيء له سبب
وإذا كنت ولله الحمد شابا فلا تكتفي بالوظيفة، واجتهد في البحث عن وضع أفضل، وابحث عن عمل إضافي، وأكثر من الاستغفار، فإن الله سبحانه يقول في كتابه: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين)[نوح:10-12] الآيات، ولذلك كان السلف إذا احتاجوا للمال استغفروا الله.
عليك بالبعد عن المعاصي فإن الإنسان يحرم الرزق بالذنب يصيبه، وللمعاصي شؤمها وآثارها المدمرة.
أرجو أن تحرص على شكر ما عندك من النعم، فالعافية نعمة، والزوجة نعمة، والولد نعمة، والعين والأذن...(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) [إبراهيم:34].
اعلم أن الإنسان إذا شكر القليل أعطاه الله الكثير، وقد وعد بذلك فقال سبحانه: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) [إبراهيم:7]، وكان السلف يسمون الشكر الجالب - يعني للمزيد -، ويسمونه الحافظ. يعني: للنعم فلا تزول.
كما نتمنى أن تنظر إلى من هم أسفل منك، فهناك من ليس له وظيفة ولا زوجة وهو مع ذلك مصاب بالأمراض العديدة، وعود نفسك الرضا بقسمة الله، وقضائه وقدره، وربي نفسك على القناعة، وقد أحسن من قال:
هي القناعة لا تبغي بها بدلا لو لم يكن لك منها إلا راحة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الحنط والكفن
وليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس.
وهذه وصيتي لكم بتقوى الله والحرص على طاعته، فإن تقوى الله سبب لبركة الرزق، قال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) [الأعراف:96]، كما أن الاستقامة على هذا الدين تجلب الخيرات، قال تعالى: (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) [الجن:16].
احرص على أن تكون في حاجة الضعفاء ليكون الله في حاجتك، كما نتمنى أن تهتم ببر والديك، واحرص على صلة رحمك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه).
وبالله التوفيق والسداد.