السؤال
سؤالي لكم أنني فتاة أبلغ من العمر 31 عاما، جامعية وغير متزوجة، ومشكلتي تكمن في أنني غير مرغوبة من أحد، ويقولون عني: إني غير جميلة، على الرغم من أنني -ولله الحمد والمنة- خلقتي تامة، وليس لدي أي عيوب خلقية أو غيره.
لقد تعقدت من حياتي ومن نفسي، وصرت يوما بعد يوم أكره نفسي أكثر وأكثر؛ لأنني غير جميلة ولست مرغوبة من أحد! وعندما تأتي بعض النساء لرؤيتي يذهبن ولا يعدن مرة أخرى! ولا أدري ما هي مواصفات البنت الجميلة؟ وكيف هي المقاييس؟
ودائما ما نسمع علماءنا الأجلاء يرددون أنها ذات الأخلاق والدين، ولكن هيهات ما بين الكلام والواقع، فالكلام شيء والواقع شيء آخر! ولا أدري إلى متى سيستمر بي الحال هكذا؟!
وقد فكرت كثيرا بأن أجري عمليات تجميل بعد أن كرهت نفسي وشكلي، وحتى عندما تحادثني إحدى صديقاتي هناك بأن نساء يردن أن يزورونكم ليتعرفوا عليكم، ولكي يروك، ولكني أرفض لأني أعرف الرد مسبقا!
فبت أنام وأنا أبكي، وأقول: يا رب لماذا خلقتني غير جميلة؟ ولماذا لا أحد يرغب بي؟
ماذا أفعل؟ فأنا أدعو الله ليلا ونهارا، ومنذ سنوات ولكن لم يستجب الله دعائي! فهل كتب الله علي أن أعيش وحيدة بقية حياتي بلا زوج أو أطفال؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maryam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الأنثى جميلة بأخلاقها ودينها وأنوثتها، ولا يغني جمال الشكل إذا كانت الأخلاق فاسدة، وقد أحسن من قال:-
جمال الوجه مع قبح النفوس كقنديل على قبر المجوس
فهل تنفع الزينات والديكورات صاحب القبر الذي كان يعبد النيران؟ وسوف تطول ندامة من يقع في خضراء الدمن، لأنها شجرة تنبت في الوحل والقذارات، وتشرب من المياه الملوثة النجسة، وهذا هو مثل المرأة الحسناء في المنابت السيئة.
وأرجو أن تعلمي أن الجمال شيء نسبي، وأن وجهات النظر تختلف، وهكذا خلق الله الناس، وقد قيل: (لولا اختلاف وجهات النظر لبارات السلع)، وسوف يأتيك ما قدره لك الله في الوقت الذي أراده الله، ومرحبا بك في موقعك يا أمة الله.
ولا يخفى عليك أن الناس يختلفون في أذواقهم، فما يراه هذا جميلا يراه الآخر غير ذلك، وهذا من أسرار الإبداع في خلق الله، وإذا كنت كاملة الخلقة فليس فيك عيب، فسوف يأتيك من يعجب بك، فلا تغلقي على نفسك الأبواب، وتوجهي إلى الكريم الوهاب، واعلمي أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وأن رفض الشاب لأي فتاة لا يقلل من شأنها، فإن الإنسان لا يملك قلبه ومشاعره، وكذلك الأمر بالنسبة للفتاة.
وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يتيمة خطبها رجلان فقير وغنى، ونحن نريد لها الغني، وهي تهوى الفقير، فقال زوجوها من الفقير فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح، وشاهد أهل المدينة بكاء مغيث في طرقات المدينة خلف بريرة التي رفضته بعد أن أعتقها الله، أجل! رفضته رغم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن سألته: أشافع أنت أم آمر؟ وهذا دليل على فقهها رضي الله عنها، فلما قال لها بل أنا شافع، قالت: يا رسول الله لا أريده!
ونحن ننصحك بعدم رد الخاطبات، وسوف يأتيك الرجل المناسب، ولا ننصحك بعمل علميات تجميل إذا كانت خلقتك كاملة ولله الحمد، ولا داعي للانزعاج فلكل أجل كتاب، كما أن السعادة لا ترتبط بالزواج ولا بالمال، ولا بالمناصب والشهادات، ولكن السعادة تنال بطاعة الله والمداومة على ذكره وشكره، فمن نال بعد ذلك شيئا فذلك خير إلى خير.
ونعم الله مقسمة، فهذه قد أعطيت جمالا وحرمت العافية، وتلك قد أعطيت جمالا وعافية وحرمت المال، وهذه قد أعطيت العافية والمال، وحرمت من الجمال، والسعيدة هي من ترضى بقسمة الله بين عباده، وتعرف نعم الله عليها وتجتهد في الشكر لتنال المزيد، كما قال ربنا المجيد: ((وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد))[إبراهيم:7].
ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يرزقك الزوج الصالح، وأرجو أن تستقبلي الحياة بروح جديدة وبثقة في الله الكريم، واتركي البكاء والاعتراض على القضاء، وتوجهي إلى رب الأرض والسماء.
وبالله التوفيق والسداد.