السؤال
السلام عليكم.
أنا أعاني من الخجل منذ الصغر وحتى الآن، حاولت معالجة هذا الخجل ولكن فشلت، سبب المشكلة الصعوبة في نطق الحروف جعلني أهرب من الكلام، بالرغم أن جميع الأهل يشجعوني بالتكلم وأعطوني طرقا لأتخلص من الخجل، ولكن أشعر بصعوبة ما بداخلي تمنعني من التداخل مع الناس، وأشعر بالخوف إذا اختلطت مع الناس الغرباء، وإذا أحد أراد التكلم معي أرغب بالهرب منه ولا أرغب بالتكلم معه، حتى مع الأطفال لا أجد جرأة بالتحدث معهم، وأيضا مع أبي مع إني أتمنى أن أتحدث مع الجميع وأن أكون اجتماعية، أرجو أن تساعدوني بحل هذه المشكلة وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالخجل هو واحد من الصفات التي ربما تتسم بها شخصية الإنسان، والخجل ربما يكون منذ الصغر أو ربما يكون مكتسبا في مرحلة من مراحل العمر المختلفة، ولكنه يكثر أكثر في وقت الصغر.
ومهما كانت مسببات الخجل إلا أن العلماء يتفقون أنه أمر مكتسب، والشيء المكتسب يمكن أن يفقد عن طريق محاولة تغيير وتعديل السلوك، وعليه أرجو اتباع الآتي:
أولا: لابد أن تكون لك الثقة في نفسك ومقدراتك، ولا تنظري لنفسك بأنك أقل من الآخرين بأي حال من الأحوال.
ثانيا: أنت تعيشين في مجتمع منفتح مثل المملكة المتحدة، وفي مثل هذه المجتمعات تكون الفرص متاحة أكثر للتواصل ومقابلة الناس، ويمكنك أن تستفيدي من هذا الوضع بشرط أن تتخيري بالتأكيد نوعية هذا التواصل، وأنت قادرة وجديرة بأن تقومي بذلك.
ثالثا: يجب أن تضعي برنامجا يوميا ويفضل أن يكتب، وهذا البرنامج يقوم على تطوير المهارات الاجتماعية، وتبدأ هذه المهارات بتعلم فنون التخاطب، ومن أبسطها وأهمها أن أنظر للإنسان في وجهه حين أخاطبه، وألا تستعمل اللغة الحركية، وأنه يستطيع أن يتفهم ما سأقول له، ويا حبذا أيضا لو وضعت نفسك من الناحية الفكرية في أنك أكثر مقدرات من ذاك الشخص دون أن تقللي من قيمته؛ أي قولي مع نفسك: أنا مقتدرة وأنا قادرة وأنا متفوقة على الإنسان الذي أود مخاطبته الآن ولدي مقدرات أكثر منه،هذا أيضا يعطي نوعا من الدافعية وهو من التمارين النفسية الجيدة.
رابعا: يقوم برنامج المهارات الاجتماعية على تحديد الأغراض والأهداف، أي لا نترك الأمور تعتمد على العموميات، تضعي هذا البرنامج وتقولي الساعة كذا سوف أقوم بكذا، على سبيل المثال: سوف أقوم بزيارة أحد الصديقات وأتحدث معها في مواضيع يتم تحديدها أيضا،إذن الابتعاد عن العموميات وتحديد الأمور بوقتها وخصوصياتها يبني القدرة على التخاطب والمهارات الاجتماعية.
خامسا: يفضل ونحبذ أن يتدرب الإنسان في الخيال ومع نفسه، على سبيل المثال: يمكن أن تقومي بقراءة مواضيع بصوت مرتفع وتتخيلي أنك في مخاطبة الآخرين، وتقومي بتسجيل هذا الحديث وبعد ذلك تستمعي له مرة أخرى، وسوف تجدين أن أداءك أفضل كثيرا مما تتصورين.
سادسا: حين تقدمين على التحدث مع أي إنسان يجب أن تأخذي نفسا عميقا، أي املئي صدرك بالهواء، هذا يساعد الإنسان حين يقرأ آية من القرآن وتكون الآية طويلة مثلا، إذا تدرب وتحكم في نفسه لن يحدث أي نوع من انقطاع النفس، وهذا أمر معروف وسط الإخوة الذين يحافظون على تلاوة القرآن.
هذه جملة من التمارين النفسية البسيطة، وهي مفيدة، ولكنها تتطلب الصبر والمثابرة والتفاؤل بأنها سوف تكون مفيدة لك.
لا مانع أيضا من أن تتفقي وتقترحي على والدك ووالدتك بأن تكون هنالك اجتماعات أسرية، ويحدد لها وقت يتراوح ما بين ساعة إلى ساعة ونصف، ولابد أن تكون على الأقل مرة واحدة في الأسبوع أو مرتين، وفي هذه الجلسات الأسرية يرأس أحد أفراد الأسرة، ومهام الرئيس بالطبع معروفة في إدارة الاجتماعات، وتطرح مواضيع عامة أو خاصة –حسب ما تتفق عليه الأسرة– والقصد هو بناء شخصية أفراد الأسرة وتحسين التواصل بينهم، وهذا بالطبع يساعد في إزالة الخجل وعدم القدرة على المواجهة.
هذه التمارين وجد أنها مفيدة جدا، يمكن أن تقترحي ذلك على أسرتك وسوف تجدين فيها نفعا كثيرا بإذن الله.
لا أرى أنك في حاجة الآن لأي نوع من الأدوية، فقط طبقي الإرشادات السابقة، وأنت طالبة جامعية ويجب أن تتحيني كل الفرص التي من خلالها يمكن أن تواجهي وأن تعرضي مقدراتك على الآخرين، وكما ذكرت لك أنت في مجتمع تتاح فيه الفرصة للإنسان كي يتواصل ويتحاور، وأرجو أن تستفيدي منها؛ لأنها من الوسائل التأهيلية الممتازة لمحاربة الخجل.
وبالله التوفيق.