ارتعاش لا إرادي عند التعرض لأي موقف محرج

0 660

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد: إنني أتمنى لك المزيد من التوفيق والنجاح وأريد القول: إن موقعكم في غاية الروعة والجمال، كما أنه كثير الفائدة والمعرفة.

إنني وللثقة الكبيرة في علمكم وحرصكم على مساعدة الغير قررت أن أرسل لكم مشكلتي هذه لعلكم تساعدوني في حلها.

مشكلتي هي مع الرهاب الاجتماعي إذ تعرضت لموقف أحرجني إلى حد أني أحسست بوجنتاي ترتعشان بشكل لا إرادي، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني من هذه المشكلة وقد مضى عليها الآن أكثر من خمس سنوات، والرهاب عندي يتركز أساسا في هذا الارتعاش الذي يكون في وجنتي وتذوب معه الابتسامة التي في وجهي.

ومما يزيد الطين بلة أنني حتى في بعض المواقف التي لا أحس فيها بالرهاب أحس بأن وجنتاي عند الضحك ترتعشان، وهذا ما يؤلمني كثيرا، فهل أصبحت هذه الرعشات جزءا من حياتي أم ماذا؟

متى أتخلص من هذا الارتعاش أللا إرادي الذي يذيب البسمة في وجهي؟

هل يحتمل أن يكون مرضا من غير الرهاب لا أدري؟

ذهبت إلى طبيب نفسي وصف لي دواء زيروكسات حبة كل يوم، داومت عليه لمدة أربعة أشهر، وقطعته مرة واحدة، وكان هذا الدواء قد أعطاني بعض التحسن الملحوظ، لكن بعد ثمانية أشهر أو عشرة من آخر استعمال له أحسست مرة أخرى أن حالتي تسوء، فذهبت عند طبيب آخر، وهذا الأخير وصف لي دواء أنفرنيل ودواء آخر اسمه: Xanax. بعد شهرين لم ألاحظ أي تحسن، ورجعت عنده مرة أخرى ووصف لي أنفرانيل ودواء آخر اسمه Zepam 6mg
Proomazepam
وهذا هو المكتوب على الدواء وكل حبة تنقسم على أربع، وأمرني بأخذ الربع في الصباح والربع في المساء.

ولكني سمعت أن هذا الدواء يسبب الإدمان، فماذا أفعل حضرة الدكتور؟

أرجو أن تنصحوني بما ترونه مناسبا لي ولحالتي.
ولكم جزيل الشكر.

أتمنى أن أتلقى ردكم عاجلا لأني أريد أن أبدأ العلاج إن شاء الله، وتقبلوا فائق تقديري واحترامي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Rachid حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من هذا الوصف الذي وصفته عن حالتك أؤكد لك أنك تعاني مما يعرف بـ(رهاب المخاوف) أو ( رهاب العصاب الاجتماعي ) أو البعض يسميه (الخوف الاجتماعي، ولكن حالتك ـ الحمد لله ـ ليست من الحالات الشديدة، فهي أقل من المتوسطة.

والذي أؤكده لك أن الأبحاث قد دلت أن هذا الشعور بالارتعاش والتغيرات الجسدية هو ليس شعورا حقيقيا في كل الأحوال، أو ليس حقيقيا بالنسبة للذي تحس به، وقد تمت تجارب قام فيها العلماء بتصوير الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات، هنالك من قال أنه يرتعش، هنالك من قال أن وجهه يحمر، هنالك من قال أنه على وشك أن يسقط أمام الآخرين.. بعد أن تم تصويرهم وعرض الصور عليهم لاحظ حاولي 70% منهم أن مشاعرهم كان مبالغا فيها.

إذن هذه نقطة علاجية أساسية لابد أن تعتبرها، أنا أقدر مشاعرك جدا وأعرف أن هذا النوع من الخوف يعطي الإنسان الشعور بالحرج أو الشعور بالفشل أمام الآخرين، أو أنه سوف يحدث له شيء غير طيب أمام الناس، ولكن أؤكد لك أنه لن يصيبك أي شيء ولن يحدث لك أي شيء، وأن الارتعاش الذي تشعر به ليس بحجمه الحقيقي بل هو أقل من ذلك كثيرا.

إذن الحالة علاجها الأساسي هو أن تتفهمها، وبهذا الشرح البسيط تكون على دراية بها.

الشيء الثاني في العلاج السلوكي هو أن تعالج عن طريق المواجهة، لابد من المواجهة، والمواجهة تكون بإصرار وتكون بقوة، بمعنى ألا تتجنب مطلقا هذه الأماكن التي تحس فيها بالخوف أو الضيق أو أن الارتعاش قد حصل لك أو أن هنالك احمرار وتغير في الوجه، أو أن الابتسامة قد اختفت.. كن مواجها، ولكي تساعد نفسك يمكن أن تكون هذه المواجهة في الخيال أولا، بمعنى أنك تجلس مع نفسك وتتخيل أنك في مواجهة الناس، وفي تجمع كبير أو أنك تلقي محاضرة أو تقوم بإلقاء خطبة في المسجد أو خلافه... هذه الخيالات العلاجية تساعد كثيرا.. وبعد ذلك عليك أن تطبق المواجهة الفعلية.. يمكن أن تكون بالتدريج، أو ما يعرف بالإطماء؛ أي أن تدفع نفسك دفعا وبقوة لمصدر الخوف دون تردد .. هذا يساعد كثيرا.

الشق الآخر في العلاج، هو العلاج الدوائي، الأدوية مفيدة الحمد لله، أثبت الآن أن المخاوف بجميع أنواعها تؤدي عن تغيرات بيولوجية كيميائية بالنسبة للأشخاص الذين لديهم استعداد في الأصل لهذه التغيرات البيولوجية والمادة التي دارت حولها الأبحاث هي مادة السيرتونين.. إذن هنالك دور فعال للأدوية.

الأدوية التي ذكرها لك الطبيب يعتبر الديروكسات هو الدواء الأفضل والذي قامت عليه كل الأبحاث، لكن الجرعة المطلوبة قد تكون أكبر من الجرعة التي تناولتها، الأبحاث تدل أن 40 مليجراما – وليس 20 مليجراما – هي الجرعة الفاعلة، ولابد أن تكون مدة العلاج ستة أشهر، ثم بعد ذلك يبدأ التخفيض التدريجي.

الديروكسات أو الزيروكسات يتطلب تخفيضا تدريجيا لأن التوقف المفاجئ عنه يؤدي إلى آثار انسحابية، وأفضل طريقة للتدرج هي أن تقلل نصف حبة كل أسبوعين، ثم حين تأتي للنصف الحبة الأخيرة تناولها يوم بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله.

الأنفرانيل دواء أيضا جيد ولكنه ليس دواء مثاليا لأنه يسبب آثار جانبية كثيرة..

بالنسبة للزاناكس يستعمل في الحالات الطارئة ولا يستحسن استعماله لفترة طويلة حيث أنه ربما يؤدي إلى التعود.

أما بالنسبة للبرومازبان أو ما يسمى بـ (لكستونيل Lexotanil) فهو دواء حقيقة يساعد ولكنه غير مستحسن مطلقا لأنه تعودي وهو أكثر إدمانية من الزناكس، ولكن أيضا ننصح به في بعض الحالات الطارئة.

هذه الأدوية ما دامت لم تفيدك ولم تستفد منها بالصورة الفعالة فأرجو أن تبدأ في تناول دواء آخر يعرف باسم سبراليكس، وهو دواء جيد جدا، ابدأ في تناوله بجرعة 10 مليجرامت ليلا لمدة أسبوعين، ثم ارفعها إلى 20 مليجراما لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى 10 مليجرامات ليلا لمدة شهر، ثم إلى 5 مليجرامات ليلا لمدة أسبوعين، ثم توقف عنه.

وهنالك دواء بديل آخر يعرف باسم فافرين، وهو من الأدوية الجيدة أيضا ومفيد، ولكنه ربما يسبب عسر في الهضم بسيط يمكن التغلب عنه بتناوله بعد الأكل، وجرعته هي 50 مليجراما أولا ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة بنفس هذا المعدل – 50 مليجراما – كل أسبوعين حتى تصل إلى جرعة 200 مليجرام، وهذه الجرعة تعتبر جرعة مثالية، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر كاملة، ثم تبدأ في تخفيض الدواء بمعدل 50 مليجراما كل أسبوعين حتى تتوقف عنه.

إذا كان هنالك نوع من الارتعاش الشديد بالفعل أو خفقان لا مانع من أن تأخذ دواء مساعدا آخر يعرف باسم إندرال، تناوله بجرعة 20 مليجراما صباحا و20 مليجراما مساء لمدة شهر، ثم خفضها إلى 20 مليجراما مساء لمدة أسبوعين، ثم 10 مليجرامات مساء لمدة أسبوعين، ثم توقف عنه.

ولكن بالطبع الزاناكس والبرومازبان بالرغم مما تسببه من ارتياح وفائدة وقتية إلا أنهما ليسا علاجا مرغوبا، إنما الأدوية التي وصفتها لك هي الأفضل والأحسن ولابد أن تدعمها بالإرشادات السلوكية السابقة.
وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات