السؤال
السلام عليكم..
مشكلتي ظهرت منذ فترة طويلة، وهي أنني عندما أرى أي مشهد فيه موقف إنساني - ولو كوميديا أو موقف تافه - تطفر عيوني بالدموع، وحتى عندما أستمع لطفل يلقي قصيدة أو شخص في حالة فخر أو حب أو أي مشاعر - سواء بالسماع أو بالمشاهدة - وفيها بكاء أو شكوى أو حزن، أي تقريبا كل شيء في الواقع فإن عيوني تدمع ولا أستطيع حبسها.
وهذا أمر مزعج بشكل لا يوصف، ومحرج جدا لي، لأني أبدو كالمغفلة عندما أبكي على ما لا يستحق، ومع أني لا أظهر الأمر أمام أهلي أو محدثي باصطناع أي حركة لتغطية عيوني ساعة التدميع، إلا أن الأمر يبدو واضحا أحيانا ومخجلا في أوقات كثيرة.
وعندما أفكر بالأمر أجده من الغباء أن أدمع، مع العلم أنني عندما أكون وحدي وأترك لنفسي حرية البكاء فأنا أبكي بكاء من به حرقة، ربما أكثر من صاحب الشأن نفسه، وهو أمر مضحك ومخجل لتفاهته.
فماذا أفعل لأنهي هذه الحالة؟ وما السبب؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهنالك بعض الأشخاص الذين يعانون من سرعة الانفعال، والانفعال هو بالطبع أحد العواطف الوجدانية الإنسانية، ويمكن أن يظهر في شكل مخالف لما هو مطلوب، فسرعة التأثر والبكاء لمواقف معينة حقيقة هو تعبير عن الحالة الوجدانية وهو انعكاس لشخصية الإنسان.
وبالطبع أنت حين تتأثرين وبهذه الصورة لهذه المشاهد - أو اللقطات – تكوني قد عشت واقعا وجدانيا كلاما ولكنه ليس واقعيا، ويظهر أنك تنقلي نفسك نقلة كاملة مع هذه المشاهد، ولا تتصوري ولا تتخيلي أنها هي مجرد نوع من التمثيل، وليس من الضروري أن تنطبق على الواقع، وحتى إن كانت واقعية هي لا تنطبق عليك بالطبع.
إذن؛ أنت محتاجة لأن تفصلي حقيقة في داخل نفسك وفي داخل وجدانك، وتتصوري دائما أن هذه المواقف ما هي إلا مواقف قصد منها الإثارة، قولي لنفسك: هذه المشاهد قصد منها الإثارة وذلك من أجل التأثير على من هم سريع التأثر والانفعال والوجدان المرهف مثل حالتك، قولي مع نفسك ذلك، وحتمي ألا تكوني سريعة الانفعال أبدا.
وهذه الأشياء لا تعتبر حقيقة كما ذكرت لك، ويقول بعض علماء النفس: إن سرعة التأثر في مثل هذه المواقف ربما يكون هو تعبير عن بعض الأشياء المدفونة في العقل الباطني والتي لم يستطع الإنسان أن يخرجها أو يعبر عنها بالطرق الصحيحة، ولذا يعبر عنها بهذه الطريقة حين يرى مشهدا انفعاليا ينفعل له بصورة مبالغة فيها، ولكن لا أستطيع أن أؤكد أن هذه النظرية هي نظرية صحيحة مائة في المائة.
وعموما الذي أنصح به هو أن تكثري من إخراج العواطف الوجدانية الداخلية لديك، عبري عن نفسك، تحدثي عن الأمور التي لا ترضيك، لا تتركيها تتراكم وتكثر وتحتقن داخليا.. فهذا شيء مهم جدا.
وحين تكوني جالسة بمفردك أيضا تأملي هذه اللقطات التي ذكرتيها، وأجري مع نفسك حوارا منطقيا، قولي لنفسك أن هذا الانفعال هو مبالغ فيه وليس صحيحا ولا يناسب شخصيتي أبدا، قولي لنفسك ذلك، وقولي: هذا الأمر لا يناسب شخصيتي فأنا أقوى من ذلك، وهو أمر فيه الكثير من السخف ويجب ألا أنجر وراءه.
وهناك نظرية تقول إن الإنسان إذا مر بمواقف مؤثرة يمكنه أن يفكر في مواقف مضادة لها، أي مواقف يكون فيها نوع من الشدة والقسوة، ولكن بالطبع لا يستطيع الإنسان أن يبني في خياله مثل هذه الأفكار أو المناظر المخالفة للمشهد الذي يشاهده.. هذه وسيلة من الوسائل.
وبالطبع أنا أدعوك وبكل صدق أن لا تكثري من مشاهدة هذه اللقطات، أعتقد أن تجنبها إن شاء الله فيه خير كثير لك، فكوني أكثر حرصا على الأمور الجادة، واشغلي نفسك بالأعمال الاجتماعية والأعمال الدعوية، وتذكري قصص البطولات وحياة الصحابيات.. هذه إن شاء الله كلها تبعث على أن توجه عواطفنا ووجداننا إلى أمور أكثر جدية وأكثر واقعية تساعدنا لإخراج عواطفنا والتعبير عنها بصورة أكثر منطقية.
وعموما هذه الحالات أيضا تكون مرتبطة في كثير من الناس مع المراحل العمرية، فالمراحل العمرية ربما تلعب دورا في حياة الإنسان.
ولابد أن تغيري من جدول أسبقياتك في الحياة، أنت لديك ما هو أهم من ذلك، أنت لديك الأسرة، لديك البيت، هنالك أمور كثيرة تتطلب منك الجدية وقوة الشخصية والعزيمة والتعبير عن وجدانك بصورة مختلفة.
أسأل الله لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.