السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
مشكلتي: تكمن في علاقتي بأسرتي وأبي خاصة، حيث إني أريد السفر إلى أوروبا التي وضعتها كهدف منذ أن كنت صغيرا في بلدي الحياة فيها شبيهة كالحياة في السجن، حيث تمتاز بالملل والروتين ويصعب علي النجاح.
أنا أعمل عند والدي وأملك في نفسي طموحات وأهدافا سامية أريد تحقيقها، لكن والدي يمانع أن أسافر وأن أرى مستقبلي، يريدني أن أبقى معه في حين الكثير من أصدقائي يعملون ويسعون لتحقيق أهدافهم، تصوروا أنه منذ ولادتي لم أخرج في نزهة مع أصدقائي، ولم أتمكن من أن أشتري ما أريد بسبب المبلغ الزهيد الذي أتلقاه من والدي!
شبابي يضيع وأبي يتحجج باستمرار على أنه يعمل لمستقبلنا، أنا -والحمد لله- إنسان عاقل ومثقف، أعرف مصلحتي وأعرف اختيار أهدافي، لكن لا أريد منكم أن تنظروا إلى أبي نظرة المستبد فهو مع هذا يحبني، ولكن تصوراته وعقليته قديمة يريد أن يفرضها علي، فما الذي يجب أن أفعله فأنا يائس وأريد التمرد؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن طاعة الوالد من طاعة الله، وتجلب للإنسان رضوان الله، ورضوان الله أكبر أهداف الإنسان الذي خلقه الله، ومرحبا بك في موقعك ومع إخوة يحبونك في الله، ويتمنون لك كل خير وتوفيق، فتوجه إلى الله، وشكرا لك على الطموح العالي.
نسأل الله تعالى أن يرفع قدرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمك السداد والصواب، ولا شك أنك تعرف أن كل أب يتمنى لأولاده الخير، ولا يوجد إنسان على وجه الأرض يتمنى أن يكون الآخر أفضل منه إلا الوالد مع ولده، ولا أظن أن الوالد يرفض بعدك من دون سبب، وإذا عرف السبب بطل العجب.
احمل رفض والدك على أحسن المحامل، والتمس له الأعذار، واعلم أن النجاح ليس في جمع المال، ولكن النجاح والفلاح في محافظة الإنسان على أخلاقه ودينه وقيمه، وهل يربح من خسر دينه حتى لو ربح الدنيا كلها، وملك مشارقها ومغاربها؟! وهل من مصلحة الإنسان أن يضع نفسه أمام تيارات الشهوات والشبهات، ويكثر سواد أهل الشرور والآفات؟
لا يخفى عليكم أن الوالد يعمل من أجلكم، فاشكروه على ذلك وحاوروه بهدوء، وأرجو أن تؤخر ذهابك إلى البلاد الغربية إلى ما بعد الزواج؛ فإن في ذلك حفظا لك ولزوجتك، وعونا لك على الصبر، ونحن ننصح كل شاب يرغب في الذهاب لبلاد الغرب أن يعمق في نفسه معاني العقيدة والإيمان، وأن يكون له علم يدفع بها الشبهات، وورع يرد به انحراف الشهوات، وأن تكون هناك ضرورة ملحة لذلك السفر، وأن لا يطيل المكث في ديار الكافرين بغير حاجة ملحة، وأن تكون بصحبته زوجته، وأن يتمكن من إظهار دينه وأداء عباداته والدعوة لدينه وقيمه.
قد أسعدني قولك والدي يحبني، وقد يكون سبب رفضه لسفرك هذا الحب! والإنسان لا يعرف صعوبة بعد الأولاد عن آبائهم إلا عندما يكون له أولاد، فقدر هذه المشاعر.
نحن ننصحك بتقوى الله والصبر على الوالد ومحاورته بهدوء والاجتهاد في إقناعه، وحبذا لو عاونك على ذلك الأعمام والعلماء والوجهاء، ولا بأس من طلب مساعدة الوالدة والعمات، وتوجه إلى الله وسارع إلى صلاة الاستخارة، وانظر للأمر من كافة الجوانب، واعلم أنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.
مرحبا بك في موقعك، وشكرا لك على سؤالك وتواصلك.
وبالله التوفيق والسداد.