العلاج الأمثل للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية

0 892

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي الأكبر مصاب باضطراب وجداني منذ تسع سنوات، ولم يتم تشخيصه إلا في الآونة الأخيرة منذ 3 سنوات، وحدثت له عدة انتكاسات من فترة لأخرى، وهو الآن يأخذ حبتين (ديباكين كرونو 500) وحبتين (أولابكس 10) يوميا.

ولدي عدة استفسارات أود أن أطرحها عليكم، وهي كالتالي:

هل هذا العلاج هو الأفضل لهذه الحالة أم أن هناك ما هو أفضل؟ ومنذ ستة أشهر والجرعة ثابتة، فهل يجب أن تتغير أم لا؟ وإلى متى يستمر العلاج؟ وهل هناك علاج بالأعشاب لهذه الحالة أو علاج بالقرآن؟

وهو يعاني من الخوف الشديد من الخروج وكثرة النوم وقلة الحركة وعدم الاهتمام بالمتعلقات الشخصية وكثرة الأكل وعدم الاغتسال لفترة طويلة، وهذه كلها صفات لم نستطع أن نغيرها فيه، فهل لذلك علاج أم لا؟ وكيف نستطيع التغلب على ذلك؟

وهو يظهر لديه بعض الالتهابات على الجلد في مناطق عدة، فهل لذلك ارتباط بالعلاج الذي يتناوله؟ وهل الزواج يفيد في مثل حالته أم لا؟ وما هي أمثل طريقة للتعامل معه في شتى مجالات الحياة؟ وهل هناك أمل في الشفاء التام منه؟

أفيدوني، ولكم جزيل الشكر والعرفان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا نأسف على التأخر في الرد عليك، ونسأل الله لأخيك الشفاء والعافية، ونشكرك كثيرا على اهتمامك به وبحالته.

وبالنسبة للإجابة على استفساراتك: فإذا كان التشخيص مؤكدا أنه يعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية منذ تسع سنوات فأقول لك: إن العلاج الأمثل والأفضل هي الأدوية المثبتة للمزاج، ومنها الدباكين كرونو الذي يعتبر من الأدوية الجيدة جدا، والبعض يعطيه لوحده، وتكون الجرعة في مثل هذه الحالات (1500) مليجرام في اليوم، علما بأنه في كثير من الدول توجد إمكانات معملية ومختبرية لفحص مستوى هذا الدواء في الدم، ومن خلال نسبة الدواء في الدم يمكن التحكم في الجرعة، ولكن المتوسط بالنسبة للمرضى هو (1500 - 1000) مليجرام في اليوم.
وتوجد بعض الحالات تتطلب إضافة لبعض الأدوية المضادة للذهان، ومنها عقار يعرف باسم رزبريدون، وآخر يعرف باسم ولانزبين، وثالث يعرف باسم سيروكويل.

إذن: بالنسبة للسؤال الأول: هل هذا العلاج الأفضل لهذه الحالة أم لا؟ فأقول: إن الدباكين كرونو هو الدواء الأفضل والأمثل، وأما الدواء الآخر فبصدق وأمانة هذا اسم تجاري ولا أعرفه، فأرجو إفادتي بالاسم العلمي، ومن خلال ذلك يمكن أن أفيدك أكثر.
لكن بصفة عامة: الدباكين كرونو مع الولانزبين أو الرزبريدال أو السيروكويل تعتبر هي العلاجات الأمثل لهذا المرض، والجرعة يمكن أن تكون ثابتة؛ لأن المريض ينتقل من مرحلة العلاج المكثف إلى مرحلة الاستمرارية ثم إلى مرحلة الوقاية.

ومن الواضح أن هذا الأخ الآن هو في مرحلة الوقاية، وهذا ربما لا يتطلب زيادة أو نقصانا في الجرعة، ولكن بالطبع إذا كان هنالك أي نوع من عدم التحسن الملموس؛ ففي هذه الحالة لابد للطبيب أن يتحكم في الجرعة بصورة أفضل، ويزيدها أو ينقصها أو يدخل آليات إضافية، وهكذا.
واستمرار العلاج في مثل هذه الحالات، وما دام معه المرض لتسع سنوات أقول: إنه يجب أن يستمر على الدواء لمدة طويلة قد تمتد طول العمر، فهذا هو الموقف العلمي الصحيح.
وبالطبع ليس من الضروري أن يقال ذلك للمريض، يمكن أن يقال له: إنك تستمر على الدواء ويترك الأمر للطبيب، وربما تستمر عليه لمدة طويلة، وهذا الدواء إن شاء الله نافع وجيد، وهو يعتبر وسيلة ممتازة لئلا تعاودك الانتكاسات، ولابد أيضا أن يفهم المريض أن هذا المرض يساوي تقريبا مرض السكر أو ارتفاع ضغط الدم، وهذه حالات يعرف أنها تحتاج للعلاج لفترة طويلة إن لم تكن دائمة.

ولا شك أن العلاج بالقرآن مفيد، وكذلك المداومة على الأذكار والتلاوة، والتمسك بكتاب الله بصفة دائمة، فكلها وسائل علاجية فعالة لكل إنسان.

ولا أعرف أن هناك دواء من الأعشاب مفيدا في هذه الحالات.
وبالنسبة للخوف الشديد وكثرة النوم فربما يكون كثرة النوم بالطبع من الدواء، وكذلك قلة الحركة؛ لأن هذه الأمراض تفقد الإنسان الدافعية في كثير من الحالات، وكثير من الناس لا يهتمون بمتعلقاتهم الشخصية أو حتى نظافتهم الشخصية، وهذا ينطبق على هذا الأخ، وأما كثرة الأكل فهذه الأدوية أيضا قد تفتح الشهية بعض الشيء.

والشيء الذي يحتاجه هذا الأخ هو العلاج التأهيلي، والعلاج التأهيلي هو أن نشجعه وأن نحفزه، وأن نشعره بأنه ليس معاقا أو ناقصا عن الآخرين، فهذا أمر ضروري جدا، وبعد ذلك لابد أن نعطيه بعض المهام البسيطة، نبدأ بمتطلبات الحياة البسيطة: النظافة الشخصية، الاستحمام، نظافة الأسنان، الأظافر، فهذه كلها أساسيات لابد أن نذكره بها ونشجعه عليها، وهذا يأتي بالصبر وبإشعاره بالمودة والاحترام، فهذا يجعله يستفيد كثيرا، وهذه نقطة علاجية أساسية لابد من التركيز عليها.
وأيضا لابد أن نشركه في النشاطات الاجتماعية، يذهب معكم للمناسبات ولزيارة الأهل، والمشاركة في كل هذه المناسبات الأسرية والاجتماعية تساعد كثيرا وتعطي الدافعية.

ولابد أيضا أن يشارك في شئون الأسرة، ولابد أن يستشار، ويشعر بالاهتمام والاعتبار، فهذه كلها إن شاء الله تساعده كثيرا.

ونحن نوصي أيضا بالعلاج بالعمل، فالعمل يعتبر وسيلة فعالة من وسائل العلاج، فالعمل هنا ليس من الضروري من أجل العائد المادي، ولكن من أجل العائد العلاجي النفسي الذي يعتبر ضروريا جدا، والتشجيع والتحفيز والإصرار على الاهتمام بأمر الشخص يجعله إن شاء الله يتبع هذه الإرشادات.

ولا أعتقد أن الالتهابات الجلدية ناتجة عن هذه الأدوية مطلقا، فأرجو أن تعرضه على طبيب الجلدية أو طبيب الباطنية حتى يعطيه الإرشاد اللازم.

وأما موضوع الزواج فإذا كانت له الرغبة في ذلك فلا مانع أن يزوج، ولكن لابد أن يخطر الطرف الآخر أنه يعاني من علة نفسية، وأنه يحتاج للعلاج، ويحتاج إلى المساعدة، فلو وجد الزوجة الصالحة التي سوف تقبل به أرجو أن ذلك سوف يساعده.

لقد تحدثنا عن التعامل معه، التعامل يجب أن يكون قائما على التحفيز والمساندة والترغيب، وإشراكه وعدم إهماله، وإشعاره بأنه عضو فعال مرغوب فيه بالنسبة للأسرة وبالنسبة للمجتمع.

وبالنسبة للسؤال الأخير فقد أجبت عليه، وهو أنه يحتاج أن يستمر على هذا العلاج لمدة طويلة قد تستمر طول العمر، وهناك أمل في الشفاء، فهذه الحالات قد تتحسن بدرجة جيدة، والتحسن الجيد من مقاييس الطب النفسي يعتبر شفاء بإذن الله تعالى، فقط لابد من العلاج الدوائي، ويكون معه العلاج التأهيلي وهو مهم جدا في نظري.

بارك الله فيك، ونسأل الله لأخيك الشفاء والعافية، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات