السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في سن الزواج وقد بدأت أستعد لهذه المسئولية، خصوصا وقد وجدت بفضل الله ذات الخلق والدين ولذلك بدأت أبحث في السيرة النبوية عن ما يخص هذا الموضوع (كيف كان بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ كيف كان يعامل أهله؟ كيف كان يربي أطفاله... إلخ) غير أنني لم أجد مرجعا يتحدث عن هذا الموضوع تحديدا، وجدت بعض الأحاديث المتفرقة في مختلف المراجع ولذلك أرجو منكم مساعدتي، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Rmz حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هنيئا لك بطلب الحلال، وأبشر فإن الله سبحانه يعين طالب النكاح، فسبحانه من كريم فتاح، ومرحبا بك في موقعك مع آباء وإخوان يتمنون لك التوفيق والفلاح.
لقد أفرحتني رغبتك في السير على هدى النبي صلى الله عليه وسلم والتمسك بما جاء به، وقد أحسنت، فأننا مأمورون بذلك، قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) [الأحزاب:21]، وقد كان عليه صلاة الله وسلامه خير الناس لأهله، وأوصى رجل أمته بحسن التعامل مع النساء، وكرر في ذلك الوصية مرارا حتى مضى من الدنيا وهو يردد: (استوصوا بالنساء خيرا).
اقتضت حكمة الله أن تكون للنبي صلى الله عليه وسلم تسع زوجات نقلن هديه معهن كاملا وعشن في كنفه كأسعد ما تكون الحياة، وكان وفيا لهن في حياتهن، وبعد ممات من سبقنه إلى الآخرة منهن، ولا شك أن الحديث في هذا الباب يطول، ولكن سوف أحاول أن أضع لك بعض المعالم على الطريق، وهي كما يلي:-
1- إدراك طبيعة المرأة: وهذا مفتاح للسعادة الأسرية، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك عندما بين أن (المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن ذهبت تقيمه كسرته وكسرها طلاقها) ثم قال: (فاستوصوا بالنساء خيرا) وقد وجه الكلام للرجل من آجل أن يصبر ويحتمل ويعفو ويتنازل؛ لأن الكبير يعطف على الصغير والقوي يرفق بالضعيف.
2- الإنصاف والواقعية: (لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، وهذا يجعل الرجل ينظر إلى الإيجابيات كلما قابلته سلبية من السلبيات، وهذا لو أدرك كل رجل أنه لن يجد امرأة بلا عيوب لأنه لا يخلو من العيوب أحد.
3- حسن العشرة والملاطفة: فقد كان يدخل السرور على أهله، ويدخل عليهن ويقترب منهن ويقبلهن حتى يأتي بيت صاحبة النوية فينام عندها، وقد وسعهن بعطفه وحلمه، وكان في بيته ضاحكا بساما يشارك أهله المهنة، ويحتمل منهن، ويعذرهن في مواقف الغيرة التي جبلت عليها المرأة، ولا يخفى على أمثالك موقف عائشة عندما كسرت الإناء وأراقت الطعام فلم يزد رسول الله على التبسم وجمع الطعام بيديه الشريفتين، وهو يردد: (كلوا غارت أمكم غارت أمكم).
كذلك له موقف مع صفية رضي الله عنها عندما أغلقت عليه الباب ومنعته من الدخول ظنا منها أنه ذهب إلى بعض زوجاته، وهكذا يتبين أن المقصود من حسن العشرة ليس مجرد المعاملة الحسنة، ولكن يدخل فيه احتمال الأذى والصبر على الجفا.
4- عدم الضرب والنهي عن التوبيخ: والنبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب بيده امرأة ولا خادما ولا طفلا إلا أن يقاتل في سبيل الله فيضرب الكفار، وقال عن الذين يضربون: (أولئك ليسوا بالخيار)، ونهى بنت أبي قبيس عن نكاح أبي جهم؛ لأنه ضراب للنساء، والرجل الناجح مع أسرته وفي تربيته لا يصل إلى مرحلة الضرب، كما أن المرأة المواتية العاقلة لا تضطر زوجها إلى ضربها، ومع ذلك يبقى الضرب علاجا إسلاميا في إطار ضيق جدا، ومع أنواع شاذة، وفي ذلك إعجاز أدركه أعداء الإسلام أخيرا.
هناك أنواع من النساء لا علاج لهن إلا بالضرب مثل المرأة التي اعتادت وتربت على الضرب، وتلك المتعالية المتكبرة على زوجها والشاذة التي تستمتع إذا ضربت بل أن رسولنا نهى عن مجرد التوبيخ فقال: (ولا تقبح ولا تضرب في الوجه).
5- الاهتمام بالنظافة والتزين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته يبدأ بالسواك ويهتم بشعره ونظافته.
6- التواصل الناجح باللمسة الحانية، والكلمة الحلوة والترخيم والاستماع الإيجابي والمسر مع أهله كما بوب لذلك أهل السنن.
7- العدل بين زوجاته، وبالعدل يصلح الناس وتكتسب الحياة لونا وطعما ورائحة.
وقد ألفت كتب كثيرة في الحياة الزوجية من المنظور الشرعي، وكل تلك الكتب تتكئ على ما جاء في القرآن ثم على ما جاء في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه بعض الكتب النافعة: – كتاب زاد المعاد، والأبواب الموجودة في الصحاح وحسن عشرة النساء للنسائي، وأحكام النساء لابن الجوزي، وتحفة العروس، والسعادة الزوجية للصباغ، ومؤلفات جاسم المطوع – وأكرم رضا وغيرهم.
ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك.
وبالله التوفيق والسداد.