السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
موضوعي باختصار هو أنني يئست من صلاح نفسي، فأنا أشعر أنني منافق، وأكون يوما في قمة الشفافية والصفاء والنقاء مع الله رب العالمين، واليوم الذي يليه مباشرة أكون في قمة الوضاعه والدناءة والتبجح مع الله رب العالمين.
أريد أن كون شخصا واحدا، وأريد أن أكون مؤمنا بحق، ولا أعلم ماذا أفعل؟!
فكلما عزمت على التوبة النصوح خارت قواي سريعا وعدت كما كنت متقلب الحال، فهل أنا منافق فعلا؟ وهل فعلا ذنوب السر تحبط حسنات العلن؟ وهل الصلاة والوضوء تمحيان الخطايا حتى بدون توبة واستغفار؟!
أفيدوني أفادكم الله، ولا تنسوني من صالح دعائكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد بن على حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلست بمنافق إن شاء الله، وأرجو أن يتوب الله عليك وعلينا، وأن يحبب الإنابة إلينا، وأن ييسر الهدى عليك وعلينا، ومرحبا بك في موقعك بين آباء وإخوان يتمنون لك السداد والثبات.
ولا يخفى عليك حديث حنظلة رضي الله عنه عندما لقي صديق الأمة عليه من الله الرضوان فقال: (كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله ما تقول، قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟، قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات).
مع ضرورة أن تدرك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أبعد الناس عن المعاصي، ولم يكونوا يقصدون الوقوع في المنكرات، ولكن المقصود هو معدل الإيمان الذي يزيد بالذكر والطاعات، وليس المقصود بقوله: "ساعة وساعة" ما فهمه بعض الجهلاء حتى قال قائلهم: (ساعة لقلبك وساعة لربك)، وذلك لأن قلب المسلم وساعاته كلها لله، ولكن هذا الأثر يساعدنا في الوصول إلى حل لمسألة الفتور.
أما مسألة الانتكاس إلى دركات المعاصي، فيتحاج صاحبها إلى صدق التوبة، والبعد عن الرفقة السيئة، والبحث عن البيئة الصالحة، والاجتهاد في الحسنات الماحية، والتخلص من كل ما يجر إلى المعاصي من صور وأرقام وشاشات، والحرص على تجنب الوحدة لأن الشيطان مع الواحد، والاجتهاد في شغل النفس بالخير بدل أن تشغلنا بالباطل والشر.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله وبضرورة استشعار مراقبته وقل لنفسك: كيف تعصي الله يا نفس وهو يراك، وكيف تعصي الله وأنت تأكل من رزقه وتعيش على أرضه، وعليك بذكر الله وتلاوة كتابه.
واعلم أن الشيطان يستدرج ضحاياه، ويزين لهم الشرور، وننصحك بأن تجارب خاطره السوء قبل أن تتحول إلى فكرة وحارب الفكرة قبل أن تتحول إلى هم وإرادة وعزم، وحارب الإرادة قبل أن تصير إلى عمل، فإن وقع الخطأ فساع بالتوبة والرجوع إلى الله ولا تتأخر فإن الإنسان لا يدري متى يتخرم به لحظات العمر.
ونسأل الله لك السداد والثبات، وبالله التوفيق.