السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما رأي الشرع في هذه الشابة، وهل لها صلة بالدين أم لا؟
فهي تعمل في مكان عمل مختلط، وتقوم بالصلاة سائر الأيام دون استثناء رياء، وذلك في مصلى العمل، وأحيانا تذهب للجلوس فيه بحجة التستر، ولا تفشي السلام بل تخص به النساء دون الرجال، ولا تختلط مع أحد في مكان العمل، ولو على الأقل النساء فقط، فهي منعزلة دائما.
ولا تجيب الدعوة إلى الطعام والجلوس ولو مع النساء فقط، متعللة بخوفها من دخول الرجال أو وقوفهم عند باب حجرة الطعام، وهي هادئة بشكل غريب ولا تتكلم إلا كلمات معدودة، ونادرا ما تأمر النساء فقط بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتدعي الإعراض إذا ما استهزأ الرجال بالله -عز وجل- وآياته، مع ضحكها في مواقف يستهزئ الناس فيها بالناس.
تتحدث بأسلوب جامد قاس مع زملائها الرجال في مجال العمل فقط، دون الأخذ والعطاء في الأحاديث الجانبية المفيدة، وهي كثيرة العبوس وتظهر عليها علامات الهم والمشاعر السلبية، وتغض البصر بصورة مبالغة جدا.
وقد حاولنا الوصول إليها كثيرا بلا فائدة، فهي هادئة جدا وتكتفي بإطلاق نظرات تفكير مطولة، وقد تنحجز الدموع في عينها، وتهز رأسها هزات موافقة عند الحوار معها، ولكنها لا تغير تصرفاتها، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب النساء ويخاطبنه، فما حكم المخاطبة؟ وهل هي على صواب أم نحن المخطئون؟
وإن كانت هي على خطأ فكيف ننصحها بالالتزام الصحيح بطريقة تكسر عنادها وصمتها ولا تكسرها هي كامرأة؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الفتاة تحمد في بعض تصرفاتها وتحتاج للتعليق على بعضها، كما ينبغي أن تعرفي بأن تعامل المرأة مع الرجل ينبغي أن يكون في حدود الضرورة، وأن تراعى فيه الضوابط الشرعية، فإن الله أذن للمؤمنات أن يكلمن المؤمنين إذا احتجن لذلك: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا)، [الأحزاب:32].
فالآية بهذا حددت طريقة الكلام بلا خضوع، ونوعية الكلام، فجعلته من المعروف، وبينت العواقب السيئة للمخالفة فقال سبحانه: (فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا)، [الأحزاب:32]، كما ينبغي أن يكون الكلام في الحدود المقبولة، فإذا كانت الكلمة الواحدة كافية فلماذا الثانية؟! وليس من الصواب ما تفعله بعض النساء من الغلظة والجفاء عند الكلام مع الرجال، وينبغي أن يكون الكلام عاديا وفي الحدود المقبولة شرعا.
وأما عدم مشاركتها لكم في الطعام فربما كان لها فيه عذرا إذا كانت لا تأمن دخول ووجود الرجال، وأتمنى ألا تتهموها بالرياء إذا صلت؛ لأن ذلك لا يجوزه ولا تشغلوا أنفسكم بالكلام عنها؛ فإن العاقلة من شغلتها عيوبها عن عيوب غيرها.
ولا شك أن الهدوء في المرأة محمود، خاصة في أماكن وجود الرجال، وأما عند أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر فإنها تلام عليه إذا كانت هناك منكرات وأمنت على نفسها وتوقعت قبول نصحها وكان عندها العلم الشرعي، وأرجو أن تقتربن منها وتأخذن مما عندها وتساعدنها على التأقلم مع أخواتها.
وقد كانت الصحابيات يسألن رسول الله ويجادلنه، وما زال الخلفاء والأمراء والقضاة يستمعون للنساء ويكلمونهن، وهكذا تمضي الحياة، ولكن إذا لم تكن هناك حاجة للكلام مع الرجال فالسكوت والبعد عن الرجال منقبة وليست عيبا.
ونحن نتمنى أن تتركوا هذه الأخت في حالها، وتحاولوا الاقتراب منها، كما أرجو أن يكون تعاون الجميع على البر والتقوى، وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله.
ونسأل الله أن يوفقكن ويسدد خطاكن، ومرحبا بكن في الموقع.
وبالله التوفيق والسداد.