اختلاف أثر الدواء النفسي باختلاف استجابة المرض

0 307

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد استمررت على علاج (فافرين) 200 ملغ لفترة شهرين، ولم أشعر إلا بتحسن طفيف جدا للرهاب، وسبق أن ذكرت أني لم أتناول زيروكسات وسبراليكس لمشاكلهما الجنسية، وسبحان الله اجتهدت على نفسي وبدأت أخفض الفافرين حتى صار 100 ملغ، وبدأت من اجتهادي بالبروزاك 20 ملغ وتركت الفافرين.

وأصبحت بحمد الله بعد ستة أيام فقط أرى الحياة بصورة مبهجة، وقل الرهاب كثيرا، ولم يعد له تأثير قوي، وتحسنت حتى قلت كيف لو استمررت على الدواء فترة طويلة فقطعا سوف يفيدني، وأرجوك أن لا تقل أن هذه النتيجة بسبب الفافرين، فأنا رغم جهلي بتخصصكم ومنكم نتعلم أكاد أحلف أن هذه الفائدة من البروزاك.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنحن حين نتحدث عن الثوابت العلمية وما قامت به الأبحاث فلا شك أن هذه الأبحاث لم تغط كل شيء، وكما ذكرت أنت وتفضلت ربما نقول إن التحضير الكيميائي قد بدأ من الفافرين، خاصة أن الفافرين يعمل تقريبا على معظم الموصلات العصبية ونهايات الأعصاب التي يعمل عليها البروزاك، فهذا هو التفسير المنطقي والعلمي، ولكني أرى أنك ترفض هذا التفسير، وأنا حقيقة أقول لك إن هذا هو الأرجح.

ولكن سبحان الله لا أحد يعلم ربما يحدث نوع من التغير والإفراز الكيميائي أو ما يسمى بالإفراز الإطمائي، أي أن المواد الكيميائية تفرز بشدة شديدة جدا وتؤدي إلى نوع من التشبع الداخلي للموصلات العصبية فيما يخص مادة السيرتونين وهذا يؤدي إلى التحسن، هذا بكل أمانة وصدق لا نراه كثيرا مع الأدوية، ولكن نراه في حالة العلاج الكهربائي، فالعلاج الكهربائي يصيب أصحاب الاكتئاب الشديد والحاد والاكتئاب المطبق في فترة قصيرة جدا؛ لأنه يؤدي إلى نوع من الإفراز والإطماء الكيميائي السريع، ولكن هذا التحسن لا يستمر كثيرا إذا لم يتناول الإنسان الأدوية بعد ذلك.

وعموما كل التفسيرات واردة وكل التفسيرات جائزة، وحقيقة الطب النفسي من الأشياء التي تميزه أنه علم يقوم على النقاش وعلى الرأي والرأي الآخر، وكل هذه الأمور تتحمل الكثير من التفسيرات.

إذا؛ استمر على البروزاك ما دام هذا الدواء قد أفادك وهذا من فضل الله ورحمته، ولابد أن أعترف لك بشيء ضروري جدا، أنه يأتينا كثير من المرضى تجد أنهم يعانون من نفس المرض - شخصين أو ثلاثة - نعطيهم نفس العلاج، فيستجيب واحد أو اثنان ولا يستجيب الآخر، بنفس الجرعة وبنفس المدة، فهناك أمر حقيقة فوق معرفة البشر وفوق طاقة البشر، وهو من علم الله.

وشيء آخر وهو الحديث عن الخارطة الجينية والحديث فيها كثير، فيقال إن هذه الخارطة هي التي سوف ربما تحدد مسار العلاج الذي يناسب كل إنسان في المستقبل، فهذا التمازج وهذا التطابق السريع للأدوية في بعض الحالات ربما يكون أصلا قائما على استشعار وتطابق وتمازج مثالي ما بين الداء وما بين البناء الجيني للإنسان، وهذا أيضا تفسير.

وتفسير آخر: ربما يكون أنك أصبحت أكثر استعدادا للتحسن، ونحن نؤمن بخارطة التحسن، فالإنسان يمكن أن يعيد بناء الخارطة الداخلية له، وهذا يجعله حقيقة أكثر تهيئة للتحسن، فهذا جائز جدا، فربما تكون الظروف الحياتية كأمور صغيرة جدا تحدث في حياتنا وتغيرات قد لا نعيرها اهتماما ولكنها ربما تكون ذات فائدة نفسية عميقة.

عموما وفي مجمل القول: الحمد لله الذي أنعم عليك بالشفاء، وأرجو أن تستمر على هذا الدواء، وبارك الله فيك، وقد أعجبتني رسالتك كثيرا، فجزاك الله خيرا.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات