السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا أسأل الله العظيم أن يجعل هذا العمل في موازين أعمالكم وأن يجزيكم الله خير الجزاء...
مشكلتي أني منذ صغري خجول جدا جدا حتى مع أقرب الناس لي، وأعتقد أنه تطور الوضع معي إلى الرهاب والخوف حسب قراءتي عن هذه المشاكل.
أنا إنسان اجتماعي جدا جدا، ولكن بدأت تظهر علي علامات الرهاب منذ سنتين، تعرق، رجفة، احمرار في الوجه، تلعثم، رجفة في اليدين، تلبك لأتفه المواضيع، ثق يا دكتور أنها لم تكن في من قبل، ولم أشك منها لأني إنسان اجتماعي مرح وليس لدي مشكلة ولكن لا أدري، فجأة أتتني هذه الحالة.
يا دكتور! الآن لا أقدر أن أناقش أحدا حتى في موضوع تافه أغضب وتأتيني هذه الأعراض وصرت أتجنب النقاشات، يا دكتور لو يقول لي أحد أنت تضحك علي لم تأت للموعد مثلا وإن جئته يحمر وجهي وتأتيني حالة الرهاب.
ذهبت إلى دكتور وشخص حالتي وأعطاني:
1_ سالبياكس 20 ملجرام.
2_ توفرانيل 10 ملجرام، ولقد استمريت على ال ( سالباكس ) لمدة عشرة أشهر .. وتركت توافرانيل لأنه سبب لي حرقة في البول أكرمك الله، وأثر علي في المعاشرة الزوجيه، تغيرت حالتي بعد استخدامي له في المعاشرة، ليست مثلها قبل استخدامي لتوافرنيل، وتركته إلى الآن، فقط أستخدم السالباكس فقط ولم تتغير الحالة، بدايتي أتجنب النقاش وأبتعد عن الكلام، تعبت، أرجو من الله ثم منكم أن تساعدوني.
أنا عملي أمام الجمهور أغلب الأوقات، مما سبب لي بعض الإحراج والمتاعب عندما أتعرض لموقف تـأتيني هذه الأعراض ( رجفة في اليدين وتعرق شديد واحمرار في الوجه وتلعثم ) وسمعت أنه يوجد حبوب تؤخذ قبل المواقف تساعد على تلاشي هذه الأعراض مثل أندرال وزاناكس، هل تنصحني أن أستخدمها وكيف؟
أتمنى أن تصفوا لي علاجا لحالتي مع الرهاب.
ثق -يا دكتور- أني كنت إنسانا عاديا ليست في هذه الأعراض، وليست لدي مشاكل في حياتي .. فقط الخجل منذ صغري، خجول جدا ..
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م-ع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
أرجو ألا تستغرب أن هذه المخاوف قد أتتك في هذه المرحلة العمرية، فالمخاوف أمر مكتسب، وقد يكون الإنسان اجتماعيا ومتفاعلا ولكن لسبب ما أو لتجربة سلبية وإن كانت بسيطة ولم يلحظها الإنسان ربما تكون هي المسبب للخوف أو الرهاب الاجتماعي، وهو لا يعني مطلقا أنه نوع من الجبن، وحتى موضوع الخجل يشكك فيه كنظرية بسبب الرهاب.
عموما أنت لديك الكثير من الأمور الإيجابية التي تجعلك تتخطى هذا الرهاب، وما وصفته بالخجل..
أولا: يجب أن تثق في نفسك.
ثانيا: صدقني هذه الأعراض التي ذكرتها والتي تشعر بها، ونحن لا نشك في مشاعرك أبدا، ولكن صدقني أنها بالرغم من ذلك هي مشاعر مبالغ فيها.
والشيء الثالث هو - حسب ما أثبتته التجارب - أنك غير مرصود وغير مراقب فيه، فالمبالغة في هذه المشاعر هي التي تجعلها معيقة للناس في بعض الأحيان، خاصة ما ذكرته من احمرار في الوجه، ربما يكون هنالك شيء من زيادة في الدورة الدموية مع الخوف وذلك نسبة لإفراز مادة تعرف باسم أدرنانيل، ولكن ليس بالتصور الذي تتصوره أنت، بل هي أقل من ذلك بكثير.
أرى أن تتفهم هذا الأمر وهذا الاستفسار الذي قمت بتوضيحه يعتبر ضروريا جدا وهو ركيزة أساسية من ركائز العلاج، فأرجو أن تتفهم ذلك.
الشيء الثاني هو أن الإنسان حين يصاب بنوع من المخاوف لابد أن يقوم بضدها وعكسها، وهي
أولا: التعرض في خيال عميق لهذه المواقف الرهابية، تصور أنك تخاطب جمعا من الناس، تصور أنك تلقي محاضرة ... وهكذا، لابد أن تتأمل وتتخيل لفترة لا تقل عن 15 دقيقة.
وثانيا: لا تترك لنفسك المساومة في التردد، قل: سأقوم بعمل شيء، سوف أصلي في الصف الأول، سوف أرفع رأسي حين أقابل أي أحد وسوف أنظر في وجهه وفي عينيه وسوف تكون مهاراتي أفضل من الطرف الآخر، سوف أبدأ بالسلام، سوف أطرح معه مواضيع... وهكذا هذه نوع من التمارين الذهنية البسيطة، ويمكن أن تطبع في الواقع أيضا بنفس المستوى، ومتى التزم الإنسان بالتطبيق والمواجهة سوف يجد أن الرهاب قد انتهى بدرجة كبيرة بإذن الله تعالى.
هنالك أيضا المواجهات الجماعية والغير مباشرة والتي لا يجد الإنسان فيها صعوبات كثيرة، مثل ممارسة الرياضة كرياضة كرة القدم والمشي وخلافه يؤدي هذا أيضا إلى نوع من التمازج والتواصل الاجتماعي اللاإرادي الذي يزيل المخاوف ويزيل الرهاب بصورة ممتازة.
أيضا الدوام على حضور حلقات التلاوة والمشاركة فيها، ربما يحس الإنسان برهبة في بدايتها أو ربما يحس بنوع من الحرج خاصة إذا كانت قراءته لم تكن جيدة، ولكن إن شاء الله هو مأجور على ذلك وسيستفيد من ناحية العلاج.
أرجو أن تأخذ هذه الطرق العلاجية التي ذكرتها لك.
أما بالنسبة للأدوية فهي بحمد الله كثيرة وهي تساعد، خاصة الذين يلتزمون بالجانب السلوكي في العلاج.
يظهر أن السبراليكس لم يساعدك، وهذا الدواء من الأدوية الجيدة والفعالة، ولكن قد لا يكون الدواء الجيد على الإطلاق في علاج الرهاب الاجتماعي، وهو ينجح مع كثير من الناس ويفشل مع بعضهم، إذن أرى أن توقف السبراليكس وتستبدله بعقار آخر يعرف باسم زولفت أو ( لسترال )، ابدأ بجرعة حبة واحدة 50 مليجرام في اليوم، يمكن أن تتناوله ليلا أو ظهرا، وبعد أسبوعين يمكن أن ترفع الحبة إلى 100 مليجرام، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة بالنسبة لك، بعض الناس قد يحتاج إلى ثلاث حبات في اليوم، ولكن إن شاء الله حبتين سوف تكون كافية بالنسبة لك.. هذا هو العلاج الأساسي، استمر عليه لمدة ستة أو سبعة أشهر ثم بعد ذلك يمكن أن تخفض إلى حبة واحدة وتتناولها لشهرين أو ثلاثة.
هنالك علاجات إضافية في نظري مهمة جدا لك، والعلاج الأول هو فلونسكول، هو علاج مضاد للقلق والضيق ويساعد بنسبة معقولة في علاج الخوف ويدعم الزولفت بصورة جيدة، تناوله بجرعة نصف مليجرام ( حبة واحدة ) في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عنه.
لا شك أن الإندرال يعتبر جيدا في أنه يقلل ضربات القلب المتسارعة والرجفة والتعرق، لا مانع أن تتناوله بجرعة 10 مليجرام صباحا ومساء..
أنا أفضل من حيث المبدأ أن يستعمل الإندرال عند اللزوم فقط، يجب أن تكون هنالك أسس علاجية في بداية الأمر، تناوله بمعدل 10 مليجرام صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى 10 مليجرام ( حبة واحدة ) لمدة شهر، ثم توقف عنه، ثم بعد يمكنك أن تستعمله بعد ذلك عند اللزوم وإن كنت أرى أنك لو التزمت بالتعليمات التي ذكرتها لك سابقا وتناولت الأدوية بالصورة التي ذكرتها لك فإنك إن شاء الله لن تحتاج له عند اللزوم، وإن احتجت فلا بأس بذلك أخي.
أما بالنسبة للزاناكس فهو بالطبع دواء شائع الاستعمال وهو يعالج القلق والمخاوف كمخاوف ركوب الطائرات والأماكن العالية والامتحانات وخلافه، وأنا لا أمانع من استعماله عند اللزوم ولكني لا أفضله لأنه دواء تعودي وإدماني.
لا مانع إذا لم تنجح الوسائل الأخرى، ولكني متفاءل جدا للأدوية التي وصفتها لك.
يعاب على الزاناكس أن بعض الناس قد يشعرون بخمول زائد حين يتناولونه ودائما أنصح الذين يريدون استعماله كدواء في حالة الطوارئ أن تكون لهم تجربة مع الدواء قبل الذهاب للامتحان مثلا، يجب أن يجربه ليلة أو ليلتين ثم بعد ذلك يمكن أن يرى درجة التفاعل معه.
إذن إن شاء الله باتباعك الإرشادات السابقة وتناول الدواء الذي وصفته لك سوف تجد أن هذا الخوف قد انتهى تماما.
وبالله التوفيق