أعاني من المخاوف النفسية المصاحبة لركوب السيارة وأداء الصلاة وعند النوم، ما الأسباب والعلاج؟

0 583

السؤال

السلام عليكم

أعاني من إحساس دائم باقتراب الموت، وتصيبني حالات من الخوف من الموت، وإحساس بضيق في التنفس، وسرعة في ضربات القلب، وألم في الصدر، وأحس أني سوف أموت، مع العلم أنه يصيبني هذا الإحساس أثناء ركوب السيارة، وأثناء الصلاة، وعند النوم، وهذا الإحساس عندي منذ 6 أشهر، ذهبت إلى طبيب قلب ولم يجد عندي شيئا، ومنذ بدء هذه الأعراض وأنا أعاني من نقص في الوزن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم، فهذا الشعور الذي يأتيك من مخاوف متعددة على رأسها الخوف من الموت، وكذلك الضيق في التنفس، وتسارع ضربات القلب، ويكثر لديك الإحساس هذا عند ركوب السيارة وأثناء الصلاة، لا شك أن هذه نوع من المخاوف المعروفة لدينا جدا، وأرجو أن أؤكد لك أن هذه المخاوف لا تعني أنك تعاني من خلل في شخصيتك أو ضعف في إيمانك إن شاء الله هي أمور سلوكية مكتسبة، ربما تكون قد بدأت معك حين تعرضت لموقف معين أو لعلة بسيطة ربما لم تأت إلى انتباهك.

هذا هو الأمر الأساسي في هذا النوع من المخاوف، ولا شك أن المخاوف تكون مرتبطة في بعض الحالات بنوع من الاكتئاب النفسي؛ لأنه بالطبع الإنسان ينشغل بهذه الأعراض، هي مزعجة ولكنها ليست خطيرة، وفقدان الوزن ربما يكون مرتبطا بنوع من الاكتئاب، ولكن أيضا لا بد أن نتأكد من وظائف الغدة الدرقية، حيث أن زيادة نشاط الغدة الدرقية أحيانا يؤدي إلى شعور بسيط بالخوف والقلق، وتسارع في ضربات القلب، وكذلك الرعشة.

أخي، أنا على قناعة تامة أن الحالة هي حالة نفسية، ولكن حتى نتأكد أرجو أن تقوم بإجراء هذا الفحص البسيط، وهو فحص سهل وغير مكلف، وهو كما ذكرت لك يتعلق بوظائف الغدة الدرقية، وإذا كان هنالك أي خلل في الغدة الدرقية، فإن شاء الله تصحيح هذا الخلل سهل جدا، فهنالك عدة أدوية متوفرة في هذا السياق.

سوف ننظر إلى الحالة -كما ذكرت لك- هي مخاوف مكتسبة، المخاوف دائما تعالج بأن يقوم الإنسان بتحليلها، وحين يحللها بعمق ودقة، هذا إن شاء الله يجعلك تؤمن بسخفها، وأنها ليس من المفترض أن تسيطر عليك بهذه الدرجة، أنت أقوى منها بكثير، التأمل في طبيعة المخاوف يجعل الإنسان يكتسب البصيرة الكاملة بأنها علة وعلة يجب أن يتغلب عليها هو بنفسه، فأرجو أخي أن تقوم بذلك.

الشيء الثاني: هو المواجهة وعدم الاستسلام، وعدم التجنب أو الهروب من المواقف التي تحس فيها بعدم الارتياح، الخوف من الموت يعالج - إن شاء الله - بالذهاب إلى زيارة القبور، الذهاب في الجنائز، هذا -إن شاء الله- فيه أجر عظيم، وهو أيضا يبعث في الإنسان شعورا بأن الموت حقيقة لا بد منه، ولكن في ذات الوقت الأعمار هي بيد الله، هذا النوع من التفكير أرى أن فيه خيرا للإنسان، والإنسان يعيش حياته ودنياه ويعمل لآخرته، وبما أن هذه المشاعر مشاعر مرضية في الأصل، الخوف من الموت هو أمر طبيعي، ولكن حين يسيطر هذا على كيان الإنسان، هنا تنتقل الحالة من حالة طبيعية إلى حالة مرضية، وأنا على ثقة كاملة -إن شاء الله- أن كل الأعراض سوف تختفي، أرجو أن لا تتجنب دخول السيارات وركوب السيارات، حاول أن تركب السيارة عدة مرات لمسافات قصيرة، سوف تحس بهذا القلق والتوتر والخوف، ولكن صدقني حين تكثر من ذلك سوف تجد أن الأمر قد أصبح عاديا، حين تدخل السيارة خذ نفسا عميقا وبطيئا، هذا النفس العميق والبطيء إن شاء الله يساعدك كثيرا.

الخوف في أثناء الصلاة، الصلاة دائما هي تذكرة للإنسان، وهذه التذكرة في بعض الأحيان ربما تتحول إلى مشاعر حول الآخرة، والتأمل والتفكر فيها وفي الموت، وبما أنك في الأصل لديك القابلية والاستعداد للمخاوف، هذا ربما يولد لديك مخاوف أكثر، ولكن مهما كان الأمر فالصلاة هي مرتكز الطمأنينة وهي حقيقة الوسيلة التي نتقرب بها إلى الله تعالى، والإنسان حين يكون في رحاب ربه هو في موقع الأمان والطمأنينة، فيمكنك ببعض الجهد البسيط أن تحول مشاعر الخوف إلى مشاعر طمأنينة وأمان.

أنت ذهبت إلى طبيب القلب وهذا شائع جدا، كثير جدا من مرضى الرهاب والمخاوف والفزع يذهبون إلى أطباء القلب؛ لأن الإنسان يعتقد أن به علة عضوية، إذن أخي نحن لا نقول ليس عندك شيء، عندك شيء ولكنه ليس في القلب، قلبك سليم، ولكنها هي علة الخوف، هي أدت إلى إفرازات أو نتجت عن إفرازات في بعض المواد الكيميائية مثل أدرانلين، وهذا أدى إلى تسارع في ضربات القلب.

الشق الثاني في العلاج وهو مهم جدا يا أخي هو العلاج الدوائي، توجد الآن -الحمد لله- أدوية فعالة وممتازة جدا لعلاج مثل هذه المخاوف، من أفضل الأدوية العقار الذي يعرف باسم زيروكسات، زيروكسات هو العلاج الذي بحث أكثر من غيره وأثبت فعاليته، أرجو أن تبدأ في تناوله، هو من العقارات السليمة جدا.

جرعة البداية هي نصف حبة 10 مليجرام، يمكنك أن تتناولها ليلا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، وبعد أسبوعين من ذلك ارفع الجرعة إلى حبة ونصف، ثم بعد أسبوعين أيضا ارفع الجرعة إلى حبتين، 40 مليجرام سوف تكون هي الجرعة المناسبة جدا، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة ليلا، أو يمكنك أن تتناولها حبة ظهرا وحبة ليلا، كله إن شاء الله جيد ولا خلاف عليه.

أرجو أن تستمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة ستة أشهر، بعدها يمكن أن تبدأ في تخفيض الجرعة بمعدل نصف حبة كل أسبوعين حتى تتوقف عن الدواء.

الالتزام القاطع بوقت الجرعة ومدتها يعتبر هو المرتكز الأساسي في نجاح العلاج.

لا مانع أيضا من أن تأخذ دواء إضافيا بسيط، يعرف باسم إندرال، هذا يمكن أن تتناوله لمدة شهر فقط، هذا يساعد في تقليل الضربات الزائدة في القلب والتي تحس بها، تناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء، هذا -إن شاء الله- سوف يساعدك كثيرا، ولكن العلاج الأساسي بالطبع هو الزيروكسات.

ممارسة الرياضة تعتبر من الأمور الجيدة، التواصل العام مع الأصدقاء والأرحام يعتبر أمرا مفيدا جدا، حضور حلقات التلاوة هي وسيلة من وسائل المواجهة، والرفقة والصحبة الطيبة، وهذا بالطبع يؤدي إلى تحسن الصحة النفسية لدى الإنسان بصفة عامة، وتزيل المخاوف بصفة خاصة.

أسأل الله لك الشفاء.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات