الاضطراب ثنائي القطبية والخوف من توريثه للأبناء .. نظرة طبية علاجية

0 268

السؤال

السلام عليكم
أنا صاحبة استشارات سابقة أخبرتكم فيها عن حالة زوجي المصاب بالثنائي القطبي، هو حاليا موجود بالمستشفى منذ حوالي 3 أسابيع بعد إصابته بنوبة هوس، وهي الثالثة من بداية مرضه الذي بدأ من 4 سنوات، والسنة الفائتة لم يصب بها.
سؤالي: هل الحالة ستلازمه دائما بنوبة في السنة؟ ودواؤه في الماضي كان الليثيوم، لكن الأطباء السويديون قالوا أنه لا يكفي وحده، فأضافوا له دواء اللمكتال، الآن أريد أن أعرف ما حكمة بقائه بالمستشفى لأكثر من شهر؟ وما مصير أولادي خاصة أن المرض وراثي؟
ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Somia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن بقاء زوجك في المستشفى له ما يبرره؛ لأن الحالة حين تكون حادة خاصة نوبة الهوس قد تضر بالشخص ومن حوله، والمستشفيات تشكل نوعا من الحماية، كما أن الأطباء يستطيعون أن يراقبوا الحالة عن كثب، ويستطيع الطبيب أن يتحكم في الدواء والجرعة المناسبة، وحالات الهوس في الأصل تتطلب البقاء في المستشفى من أسبوع إلى أربعة أسابيع، وذلك حسب الحالة والاستجابة.

أرجو ألا تحسي بأي نوع من الأسى، وأؤكد لك أن مصير أولادك وزوجك وحتى مصيرك أنت هو بيد الله تعالى أولا، ثم هنالك ارتباط بين الأسرة وأفراد الأسرة، فانظروا إلى الأمر أنكم أصحاب مصير واحد، زوجك هو زوجك وهو والد أولادك، ولا شك أن عقيدتنا ومثلنا تحتم علينا أن يرعى فينا القوي الضعيف، وأن نساعد المحتاج في حاجته، وهي أسس وأطر هامة وضرورية جدا، وأنت بالطبع يربطك ميثاق غليظ بينك وبين زوجك يحتم عليك في هذه المرحلة الوقوف بجانبه، ويجب ألا يعتريك الخوف والشفقة ويسيطر عليك، فهذا الذي ذكر عن الوراثة وفيما يخص هذه الأمراض ليست تأكيدية، نحن لا ننفي أن هنالك ميولا لهذه الحالات أن تحدث في بعض الأسر، ولكن ليس هو الإرث الجيني المباشر الحتمي، بمعنى أنه من عنده هذا المرض من الأب أو الأم تكون إصابة الأولاد بهذا المرض حتمية؛ لا. ليس كذلك، ولكن ربما يكون هنالك نوع من الاستعداد لدى بعض الأولاد أن تحدث لهم هذه الحالة، والاستعداد لا يعني حتمية وقوع الأمر.
إذن: فوضي الأمر إلى الله تعالى، ولا تشغلي نفسك مطلقا بأمر هذه الوراثة، أرجو أن ينشأ الأولاد التنشئة الصحيحة، احرصي على التعليم والتربية وشئون دينهم الذي يعطيهم الواقي والمانع من هذه الأمراض، ونحن حين نتكلم عن الوراثة نقول هي من الأسباب المرسبة، ولكن إذا لم توجد الأسباب المهيئة لن يتم ولن يحدث المرض والأسباب المهيئة نعني بها المحيط والبيئة والتربية، إذن إن شاء الله تكونين حريصة على ذلك.
الشيء الآخر: وهو بالنسبة للأدوية، فلابد لزوجك أن يلتزم بالأدوية، وأعتقد أن الدور الأساسي في ذلك يقع عليك أنت، فأرجو أن تعاونيه، ثبتي له وقتا للأدوية، قدميها له بصورة فيها الود والعطف وسوف يقبلها منك

في بعض حالات الهوس يتطلب المريض أن يعطى أكثر من دواء، والليثيم من الأدوية الجيدة ولكنه قد لا يكون كافيا، واللامكتال يعتبر من الأدوية الجيدة في تثبيت المزاج، ونحن نعطيه في حالات كثيرة مع الليثيم، وفي بعض الحالات نضيف عقارا ثالثا وهو الدباكين أو التجرتول.

أرجو ألا تنزعجي للفنيات العلاجية فالحمد لله الطب النفسي متقدم في السويد حسب ما أعرف، وبالطبع الأطباء سوف يضعون له البرمجة العلاجية التي تناسبه، ولكن أؤكد وصيتي لك وهي إعطاؤه الدواء والالتزام بالدواء، وما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء، فتداووا عباد الله، أنا متفائل جدا أن زوجك إن شاء الله ليس من الضروري أن يصاب بكل نوبة أو بنوبة كل سنة، ليس هذا من الضروري مطلقا، ولا أريد أن أكثر التكرار، ولكن عدم الالتزام بالدواء هو أكبر سبب للانتكاسات المرضية، خاصة في حالات الاضطراب ثنائي القطبية.
إذن أرجو أن تحرصي على إعطائه الدواء، وبالطبع يجب ألا يشعر مطلقا أنه معاق، أو أنه يعاني من مشكلة كبيرة، بل يجب أن يحفظ له كينونته ووجوده في داخل الأسرة، وأنا على ثقة كاملة أنك على دراية بذلك، وعليك بالصبر، وأسأل الله له الشفاء وأن يحفظ لك أولادك وزوجك، وأن يمتعكم بالصحة والعافية.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات