ضرورة تصحيح المفاهيم تجاه الرهاب الاجتماعي للتمكن من التغلب عليه

0 558

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبدأ قولي بالدعاء لكم، وأسأل الله العزيز القدير أن يجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم بإذن الله.

أبلغ من العمر 26 سنة، أدركت أنني مصاب بالرهاب الاجتماعي في سن الثانية والعشرين، لأنني لا أستطيع التحدث بالاجتماعات، ولا أن أكون إماما في الصلاة الجهرية.

باختصار، أربع سنوات من الخوف شبه اليومي حتى أنني أشعر أن قلبي من الخفقان قد مرض، وأخاف أن يتطور المرض ليطال جميع أعضائي.

أشعر أن السبب هو المشاكل الشبه يومية بين أفراد الأسرة عندما كنت صغيرا؛ لأنني كنت أخاف جدا آنذاك، والسبب الثاني هو عدم الأمان ماديا.

وضعت لنفسي هذه الخطوات للتغلب على الخوف.

1. التقرب من الله أكثر.

2. دراسة سيرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كقدوة.

3. الصحبة الصالحة.

4. زيادة الثقافة بالقراءة بجميع المجالات.

5. اسشارة موقعكم للحصول على النصيحة والعلاج الدوائي.

في حال مساعدتكم لي جزاكم الله كل خير، ما هو العلاج الدوائي الأمثل هل هو Seroxat وفي أي الأوقات يجب أخذه بالضبط وما هي الكمية؟ مع العلم أني أعاني من مشكلة أخرى هي عدم التركيز والقلق أيضا؟ ( هل من دواء لذلك )؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة.

الحمد لله أنت شخصت المشكلة التي تعاني منها وهي بالطبع الرهاب الاجتماعي، وبفضل الله تعالى قد وضعت خطوات علاجية سلوكية في رأيي هي خطوات فعالة ومطلوبة، وليست فقط من أجل إزالة الخوف والرهاب الاجتماعي، ولكنها أيضا من أجل بناء الشخصية، والتقارب بين أبعاد الشخصية يوصل الإنسان دائما إلى مرحلة المواكبة والمواءمة مع الذات، وهذا شرط من شروط الصحة النفسية.

فجزاك الله خيرا على هذه الخطوات التي اتخذتها وأريد أن أضيف لك بعض الإضافات الأخرى التي أراها أيضا إن شاء الله أنها مفيدة:

أولا ـ أريدك أن تصحح بعض المفاهيم الخاطئة حول هذا الرهاب الاجتماعي.. نعم نحن نعترف أن التنشئة ربما تلعب دورا في أن تكون سببا في الرهاب الاجتماعي، ولكننا لا نستطيع أن نقول إنها السبب الرئيسي، ربما تكون عاملا مهيئا للإنسان الذي لديه نوع من الاستعداد.. وعموما الطفولة أو التنشئة مهما كانت صعبة وقاسية في نظري يجب ألا نتخذها كلها سلبية، فهي تجربة يمكن للإنسان أن يستفيد منها من أجل أن يطور مستقبله ويبني حاضره على أسس يتجنب فيها الإخفاقات والصعوبات التي حدثت في الماضي، وهي بالطبع تساعد أيضا في بناء الشخصية بصورة إيجابية بالرغم من السلبيات التي تحملها.

أود أن تعرف أن الخوف والرهاب الاجتماعي ليس جبنا ولا ضعفا في الشخصية ولا قلة في الإيمان.

ثانيا: أرجو أن تعلم جيدا أن الأعراض التي يعاني منها الإنسان خاصة الرجفة والرعشة والخفقان هي أعراض مبالغ فيها، لا ننكر وجودها ولكن الشخص يستشعرها ويحس بها بصورة مبالغة.

ثالثا: من المؤكد أن صاحب الرهاب الاجتماعي يعتقد أنه مرصود أو مراقب أو أن أداءه مكشوف للآخرين أو أنهم يركزون عليه فقط، هذا ليس صحيحا، الناس يوزعون انتباههم على من يرونه ولا نعتقد – حسب الدراسات العلمية – أن صاحب الرهاب يكون مرصودا أو مراقبا بصفة معينة..

هذه بعض المفاهيم التي إذا صححها الإنسان يستفيد كثيرا في علاج الرهاب الاجتماعي، وبالطبع من أهم وسائل العلاج هي أن تحقر فكرة الخوف الاجتماعي، وأن تخاطب نفسك داخليا بأن هذا الأمر هو أمر سخيف ولا يناسبك مطلقا، فأنت أقوى وأكثر إيجابية وقوة من أن تكون محاصرا أو تحت سيطرة واستعباد هذا النوع من الخوف.. هذا التحليل النفسي الداخلي مطلوب جدا وهو يساعد كثيرا.

الشيء الآخر هو الإصرار على المواجهة، والمواجهة تكون في الخيال، الخيال المتمعن القوي بأن تتصور نفسك أنك في هذه المواقف الاجتماعية التي تتجنبها، تصور أنك تؤم الناس في الصلاة في أحد المساجد المشهورة والمعروفة، تخطب فيهم، تصور أنك تدير اجتماعات هامة، عش هذا الخيال بتمعن وقوة، وبعد ذلك إبدأ في التطبيق وعدم التجنب، يمكنك أن تبدأ بالمخاوف البسيطة ( المواقف البسيطة ) ولكن لابد من الاستمرار والاستمرار في المواجهة.

هنالك أنواع من المواجهة غير المباشرة والتي تساعد كثيرا، فمثلا: حلقات التلاوة هي حقيقة مركزا من مراكز الخير والتفتح الذهني والمزيل للخوف والقلق، فأرجو منك أن تحرص على هذه الحلقات وسوف تجد إن شاء الله أنك قد فزت بخيري الدنيا والآخرة.

كما أن ممارسة الرياضة الجماعية – أي رياضة – مثل كرة القدم؛ حيث أن الإنسان يتفاعل اجتماعيا شعوريا وغير شعوريا، وهذا أيضا يقلل من الرهاب الاجتماعي..

العمل الخيري والانضمام إلى الجمعيات الخيرية، والأعمال التطوعية، يعطي الإنسان صفة القيادة ويقلل من الرهاب الاجتماعي.

وهنالك أيضا تطوير المهارات الاجتماعية الشخصية، حين تتكلم مع الناس انظر في وجوههم، لا تتجنب مطلقا، كن دائما أنت البادئ بالتحية والسلام، وكن دائما لديك مواضيع تود أن تناقشها حين تقابل الأصدقاء أو أي مجموعة من الناس.

هذه وسائل طيبة جدا وذلك بجانب ما ذكرته أنت في الخطوات الخمس التي اتخذتها.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فهو بالطبع يكمل الصورة العلاجية ويكمل الوصفة العلاجية، والزيروكسات هو من أفضل الأدوية التي تعالج الخوف والرهاب الاجتماعي، وجرعته (للرهاب الاجتماعي) هي من حبة إلى ثلاث حبات في اليوم، أي 20 إلى 60 مليجرام في اليوم، ويفضل أن يبدأ الإنسان بالتدريج، ابدأ في تناوله بجرعة 10 مليجرام (نصف حبة) ليلا، هذا هو الأفضل، حيث إنه ربما يسبب بعض الاسترخاء البسيط لبعض الناس لذا يفضل تناوله ليلا، ولكن لا يمنع أبدا في تناوله في وقت النهار أو في الظهر، ولكن من تجربتي المتواضعة أنه من الأفضل تناوله ليلا.. ثم بعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، وبعد ذلك – بعد أسبوعين - ترفع إلى حبة ونصف ( 30 مليجرام )، ثم بعد أسبوعين – أي بعد أن تكون أكملت شهرين – ارفع الجرعة حبتين كاملتين (40 مليجرام )، ولا أعتقد أنك سوف تحتاج لأكثر من ذلك، استمر على هذه الجرعة ولابد من الالتزام وتناول الجرعة بصفة يومية؛ لأن البناء الكيمائي الذي ينشط الموصلات العصبية يعتمد على ذلك، استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمعدل نصف حبة (10 مليجرام ) كل شهر حتى تتوقف عن العلاج.

التدرج في البداية مهم وكذلك التدرج في إيقاف الدواء أيضا يعتبر مهما وضروريا حتى لا يكون الإنسان عرضة لأي آثار جانبية، علما بأن الزيروكسات هو من أسلم وأفضل الأدوية، وصدقني أن الزيروكسات أيضا دواء يساعد كثيرا في تحسين التركيز وإزالة القلق والتوتر وحتى عسر المزاج، سوف تجد - بالتزامك بهذا الدواء وتطبيقك الإرشادات السابقة - بإذن الله تعالى أنك أصبحت في صحة نفسية جيدة.

أسأل الله لك العافية والشفاء وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات