ما هي إرشاداتكم للاعب كارتيه في التحكم في الغضب وتدارك الفشل في البطولات؟

0 562

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من الغضب والانفعالات العاطفية التي تؤثر علي والتي أعمل على إخفاضها لعدم التأثير في، لأني أستخدم عقلي بنسبة 70% والعواطف بنسبة 30%، وأسعى للتحكم بها في لعبتي وهي الكاراتيه، وهي لعبة قتالية كما تعلم، فهناك منافسات دولية أشارك بها كثيرة، والذي يضايقني أنني في التمرين رائع جدا وأفضل من اللاعبين، ولكن في البطولات الحالة النفسية تؤثر في ولا أستطيع التحكم في نفسيتي أو انفعالاتي، وأظنكم فهمتم قصدي.

فالذي أريده والذي أعجبني أن أعرف نقاط قوتي وضعفي، ولكن كيف أعرف أو كيف يتم التحليل عن طريق لعبتي أو أخلاقي.

إن عندي شيئا جيد للحصول على النجاح في هذه الرياضة، فأنا لي إنجازات في هذه الرياضة عالمية وعربية وخليجية، ولكنها تضاءلت في السنوات السابقة الأخيرة وهذا مؤسف بالنسبة لي، وها أنا أواصل وأضع أهدافي من جديد، ولكني أسعى أيضا لكي أزيد من معرفتي بنفسي في هذه اللعبة، والذي يهمني في هذا العام أن أعرف سر اللعبة الذي لا يعلمني أحد إياه إلا إذا اكتشفته بنفسي، فما هي الأشياء التي من الممكن أن تساعدني في ذلك؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فالتحكم في الغضب والانفعالات - كما ذكرت لك - يقوم أساسا على التفريغ النفسي وعلى عدم الكتمان وعلى ممارسة الرياضة نفسها؛ لأنها وسيلة من وسائل التفريغ للغضب وإحراق لهذه الطاقات الغضبية، ولا شك أبدا أن ما ورد في السنة هو أيضا من أعظم وسائل علاج الغضب، فعليك ألا تغضب، وتذكر أن الغضب ليس بالشيء الحسن، ومجرد التذكر والإصرار على أنه شيء ليس جيدا هذا في حد ذاته يجعل الإنسان يتراجع عنه، وعليك أن تتذكر دائما أنك ربما لا تقبل الآخرين في لحظات الغضب، أي: إذا انفعل أحد عليك وثار عليك فأنت لا تقبل ذلك لنفسك، فبنفس المستوى لا تقبل انفعالاتك إذا تسلطت على الآخرين.

وأيضا فإن الإنسان حين يغضب فعليه أن يغير مكانه، وعليه أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين، فخذ نفسا عميقا وكرر هذا الأمر وقم به حتى في لحظات الغضب البسيطة، فهذا من الأشياء الفعالة جدا لعلاج القلق.

وبالنسبة لفن لعبة الكاراتيه فيما أعلمه عنها أنها لعبة جيدة، ولكن قد لا تخلو من العنف، ولكنها أيضا هي الإصرار على الدفاع عن الذات في كل وقت، وهذا ربما يخلق في الإنسان نوعا من الانفعال الداخلي في حد ذاته، أي أن يكون متحفزا في جميع الأوقات، ولكني أقرها تماما وأرى أن فيها شيئا من تعلم الفروسية وشيئا من تعلم فنون الدفاع عن النفس، لا أقول القتال، وهي تقوي الجسم والنفس كذلك، إذن: فخذ هذه اللعبة بإيجابية وخذها بتفكير أنك تود أن تستفيد منها في هذا السياق.

وأما بالنسبة لأدائك الجيد ولفشلك في البطولات فهذا يجب أن تعيد النظر فيه؛ فالإنسان الذي يؤدي أداء جيدا متواصلا لا يفشل في كل البطولات، ربما تكون هناك بعض الإخفاقات من وقت لآخر، وهذا شيء معروف ومقبول ولا يمثل نمطا، وأما إذا كان النمط هو دائما أن الإنسان ممتاز ويعتقد أنه ممتاز وأنه يؤدي بصورة جيدة ثم يخفق في البطولات فهذا في نظري يجب أن يعاد النظر في الطريقة التي تؤدي بها؛ فالإنسان ربما يتصور أنه يؤدي أداء جيدا، وبالفعل ربما يكون هناك أداء جيد، ولكن في ذات الوقت قد تكون هناك أخطاء فنية بسيطة تتيح الفرصة للمنافس من أجل أن يستغلها وأن يدخل بها، فهذا بالطبع يستطيع المدرب الذي لديه خبرة في هذا السياق أن يوجهك.

والرياضة التي فيها تنافس هي مثل الاختبارات الدراسية العادية، فالإنسان إذا ذهب لهذه الاختبارات باسترخاء وتفاؤل وهدوء وثقة في نفسه بإذن الله تعالى سوف يكون أداؤه جيدا، فهذا أرى إذا كان هو المنهج الذي سوف تتبعه سوف يغير كثيرا إن شاء الله من هذه الإخفاقات.

وبالنسبة لمعرفة سر اللعبة فهذا بالطبع لا يستطيع الممارس لها أن يكتشف كل ما فيها من أسرار لوحده، فربما يتعلم الإنسان ويتطلع للأمر، ولكن لابد من الاطلاع، فلابد أن تتطلع عليها، ولابد أن تسأل الآخرين، ولابد أن تقرأ السيرة الذاتية للذين أبدعوا ونجحوا في هذه اللعبة كنمط حياتهم وأدائهم، ومن الجميل أن تحاول أن تستكشف أسرارها بنفسك، ولكن دائما يستطيع الإنسان أن يكتشف الأمور بنفسه إذا كانت لديه قاعدة من البيانات والمعلومات الجيدة عما يود أن يكتشفه بنفسه، والاكتشاف عن طريق الذات هو مهم وهو جيد؛ لأننا نؤمن تماما أنه لا يوجد شخصان متطابقان في كل شيء، فمهما كان هناك نوع من التماثل أو التشابه بين الناس ولكن هناك اختلافات تقوم على السمات أو الصفات الشخصية للإنسان.

إذن: أرجو أن تقوي من اطلاعك وأرجو أن تقرأ في سيرة الآخرين الذين مارسوا هذه اللعبة، وعليك أن تلاحظ اللاعبين الآخرين الذين هم حولك، وعليك أن تستفيد من المدرب حتى تستكشف أسرارها بما هو ظاهر وبما هو خفي، والإنسان حين يعرف سر الشيء بالطبع يستطيع أن يؤدي أداء حسنا ويبلي فيه بلاء ممتازا.

ومن الجيد أيضا أنه لديك اهتمام بهذه الرياضة، وأنا لا أريد أن أثنيك عن ذلك، ولكن لابد أن تتطور المهارات الحياتية الأخرى؛ فهي مكملة، فنفسية الإنسان تبنى على تطوير مهاراته في أمور أخرى كأمور الاطلاع والتواصل وإدارة الوقت، فهذه كلها وسائل لتقوية الأبعاد المختلفة للشخصية، وحين تنمو الشخصية بصورة متوازية – أي: في جميع الاتجاهات – تجعل الإنسان أكثر توفيقا في الشيء الذي يرغب فيه ويود أن يؤديه أداء حسنا.

إذن: لا تهمل الأمور الأخرى في شخصيتك وفي بنائها، وإذا كنت طالبا أو كنت في محيط العمل فلابد لك أن تحاول أن تكون متميزا فيما تقوم بأدائه؛ لأنه – كما ذكرت لك – الأبعاد الأخرى للشخصية تعتبر مهمة جدا لأن يصل الإنسان إلى ما يصبو إليه وفيما يرغب فيه.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات