السؤال
السلام عليكم..
أود أن أسأل عن ضعف العقل، أي ضعف الفهم وسوء التصرف، والصعوبة في الفهم والاستيعاب، والتردد في اتخاذ القرار حتى في أبسط الأشياء، ويصاحب ذلك أحيانا تأتأة في الكلام، وعدم خروج الكلام، وعدم فهمه من الآخرين، فهل هذا نوع من الغباء؟ وإن كان كذلك فما هو السبب؟ وهل ذلك الأمر وراثيا؟ لأن عندي أولاد صغار، وأود أن يكونوا طبيعيين، وهل من طريقة للعلاج؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد مندراوي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهنالك عدة أسباب لضعف العقل أو عدم المقدرة على التفكير السوي بالصورة المطلوبة، وقبل سرد هذه الأسباب أود أن أتحدث عن ما يعرف بالتخلف العقلي - وهذا بالطبع لا ينطبق عليك وذلك استنادا على ما ورد في رسالتك ومحتواها والمنهج الذي اتبعته في سرد سؤالك - الذي يعرف عنه أن نسبة من يعانون إليه تقدر من 3 إلى 4%، وهو يتفاوت من تخلف بسيط إلى تخلف متوسط إلى تخلف شديد وإلى تخلف شديد جدا.
وتعتبر هذه النسبة نسبة متعارف عليها عالميا، ومن ضمن هذه النسبة هنالك حاولي 2 % نستطيع أن نقول أن نوعية التخلف العقلي الذي يعانون منه هو ناتج عن عدم تعرضهم أو إتاحة الفرصة لهم لوسائل تعليمية أو تثقيفية أو وسائل تطور مهاراتهم، فهنالك بعض المجتمعات أو الأسر المنغلقة جدا والتي لا تتيح لأبنائها التفاعل والتواصل والتعلم واكتساب المهارات، وبالطبع هؤلاء في الأصل هم يعتبرون من المجموعة الحدية، هنالك تخلف عقلي عضوي بسيط جدا، وهذا التخلف العقلي العضوي أصبح أشد أو أكثر تعقيدا لأنه لم تتح لهم فرصة التعلم.
والتخلف العقلي بجانب عدم القدرة على الاستيعاب يتميز أيضا بفقدان النضوج الوجداني، وكذلك عدم التكيف الاجتماعي، وأعتقد أنك قابلت مثل هؤلاء الناس الذين يعانون من هذه العلة.
والتخلف العقلي له عدة أسباب: هنالك أسباب بيولوجية، وهنالك أسباب وراثية، وهنالك أسباب تتعلق بالإصابات في أثناء الولادة وأمهما هو انقطاع الأكسجين عن الدماغ، ويعرف عن انقطاع الأكسجين لمدة أكثر من دقيقتين أو ثلاثة سوف يؤدي ذلك إلى صعوبات وضعف في الذكاء والتعلم.
أما بالنسبة لما ذكرته وهو قلة الفهم أو ضعف الفهم وسوء التصرف والصعوبة في الفهم والاستيعاب والتردد في اتخاذ القرارات، أرى أن ذلك متعلق بالشخصية أكثر من تعلقه بالقوة العقلية أو الإدارية أو المعرفية، فإذا كانت الشخصية مترددة أو إذا كانت ضعيفة بعض الشيء أو اعتمادية أو ينتابها القلق وشيء من الوساوس فقد يؤدي ذلك إلى سوء التركيز وربما عدم إحسان التصرف وبعض صعوبة الفهم وكذلك التردد، والشخصية الوسواسية دائما هي أكثر الشخصيات عرضة للتردد وعدم اتخاذ القرار، وهذا بالطبع لا ينطبق عليك.
أود ألا تظلم نفسك ولا تضع هذه المعايير الشديدة بأنها تنطبق عليك، فربما يكون الأمر مجرد أمر بسيط أو هذه هي سمات شخصيتك وطبيعتك، وهذه هي النمط التي سرت عليها في حياتك، ولا أود أن تأخذ الأمر بالسلبية، ولكن رأيت من الواجب أن أطلعك على التأصيل الطبي لسؤالك.
إذن الضعف الشديد وعدم الفهم والتردد ربما يكون مرتبطا بالشخصية أكثر مما هو ناتج من ضعف عضوي في العقل، والتأتأة بالطبع ما دامت هي موجودة فهذا يعطيني انطباعا أكثر أن الأمر في حالتك يتعلق بالقلق، وربما – كما ذكرت لك – يكون نمط الشخصية فيه نوع من البساطة وشيء من الاعتيادية البسيط.
إذن أرجو ألا تصف نفسك بالغباء، أنت لست غبيا أبدا وأنا أستطيع أن أؤكد لك ذلك حتى من النظرة الأولى لرسالتك أستطيع أن أقول أنك إنسان عادي جدا.
أما بالنسبة للأثر الوراثي على الأبناء فلا يوجد أي نوع من هذا القبيل، وحتى إن وجد نوع من التردد في الشخصية، ولكن إذا كان هنالك ضعف عقلي ناتج من مرض عضوي هنالك بعض الحالات التي ربما تكون وراثية.
إذن لا تخف على أولادك إن شاء الله وأنا لا أرى أن هنالك أسبابا وراثية سوف تؤثر على أبنائك من الناحية السلبية، ولكن أيضا لابد أن يكون هنالك في محيط المنزل فيه شيء من إتاحة الفرصة للتعلم وتطوير المهارات، فبالنسبة للأطفال لغة الحوار اليومية من الأفضل أن تكون متقدمة لأنه يساعد الأطفال كثيرا، أن تحكى وتقص بعض القصص عليهم، أن تقرأ بعض الأشياء المفضلة للأطفال، الحرص على حفظ القرآن فهو يوسع آفاق الطفل بصورة ملحوظة جدا، والأشياء الجديدة التي دخلت في حياتنا كالكمبيوتر وخلافه لابد أيضا للطفل أن يتاح له الفرصة من أجل تطوير مداركه. وكذلك الطفل يمكن أن يتعلم كثيرا عن طريق اللعبة المفيدة التي تعتبر وسيلة تعليمية.
إذن أرجو أن تطمئن كثيرا بالنسبة لأطفالك، وأسأل الله لهم أن يحفظهم وأن يجعلهم من النابغين الناجحين، وبالنسبة لك أرجو أن تكون أكثر ثقة في نفسك وأن تكون غير متردد، والتردد بدرجة معقولة هو أمر مرغوب فيه؛ لأن الإنسان إذا كان مندفعا في اتخاذ قراراته غالبا يقع في أخطاء، ولكن في نفس الوقت لا نريد الإنسان أن يكون مترددا، أرى أيضا أن صلاة الاستخارة سوف تساعدك كثيرا، فحاول أن تستخير الله تعالى في أمورك وهذا هو أصل الأمر؛ لأن الاستخارة تعطي الإنسان الثقة والقدرة على اتخاذ القرارات بإذن الله تعالى.
أيضا أرجو أن تمارس الرياضة - أي نوع من الرياضة – لأنها تنشط الدورة الدموية وينشط بعض الكيميائيات التي تؤدي إلى امتصاص الغضب والتوتر والقلق وفقدان الثقة في الذات.
الشيء الآخر في العلاج هو العلاج الدوائي، وأود أن تتناول أحد الأدوية البسيطة المضادة للقلق، وهذا الدواء يعرف باسم موتيفال، أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة صباحا وحبة مساء لمدة شهرين، ثم خفضه إلى حبة واحدة ليلا لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.
أيضا أرجو أن تطور من مهاراتك الشخصية وذلك حين تتحدث مع الناس انظر إليهم في وجوههم، وحاول أن تتكلم بصوت مرتفع نسبيا، وحاول أن تزيد وترفع من مخزونك اللغوي وذلك بالطبع بالقراءة والاطلاع والاستماع إلى مصادر الإعلام النظيف ومحاولة تخير بعض الكلمات وترديدها مع نفسك، هذا يساعدك كثيرا، وكما ذكرنا في حالة الأبناء في حالتك أيضا يعتبر القرآن الكريم وسيلة طيبة جدا لتحسين النطق وكذلك لرفع الرصيد اللغوي للإنسان، فأرجو أن تكون حريصا على ذلك، وعلى حضور حلقات التجويد.
أنت لديك إيجابيات عظيمة في حياتك، فأنت لديك الحمد لله لديك وظيفة ولديك أسرة التي كونتها بفضل الله تعالى، فلا تفكر أبدا في النواقص ولا تفكر في الفشل، نحن نقول أنه لا يوجد فشل حقيقة، توجد تجارب، هذه التجارب ربما نصل إلى ما نريد وفي بعض الأحيان أو لا نصل إلى ما نريد ولكن يجب أن نستفيد من ذلك ونتخذه وسيلة للتطوير النفس وتطوير الذات والحاضر والمستقبل إن شاء الله تعالى.
هذه هي الطرق التي أرى أنه مفيدة بالنسبة لك، وجزاك الله خيرا على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.
وبالله التوفيق.