تأثير كثرة الأدوية النفسية والكحول على الكبد

0 752

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أستعمل زولفت كعلاج أساسي وأستعمل من حين لآخر أدوية مختلفة من بينها زاناكس ودوجماتيل وأتراكس وكردينال وغيرها، وفي بعض الأحيان أستعمل بعض الأعشاب مثل الناردين والبابونج وغيرها، كما أستعمل أقراص الفيتامينات والأملاح المعدنية مثل المغنيسيوم، وفي بعض الأحيان عندما يشتد علي المرض أتناول الكحول، حيث أنني مصاب بالاكتئاب والوساوس والرهاب والقلق وفي بعض الأحيان الأرق وأحيانا كثرة النوم.

وأعاني من هذه المشاكل منذ الصغر، وكل ما ذكرته أعلاه أستعملته بالإضافة إلى الأدوية التي تتعلق بالأمراض العضوية التي أصاب بها من حين لآخر، ومؤخرا شعرت ببعض الآلام الخفيفة جهة الكبد، إلا أن الطبيب قال: إن كل شيء سليم ما عدا ارتفاع شديد في بعض الإنزيمات، وقد أرجع سببه إلى كثرة الأدوية، وطلب مني أن أستعمل الزولفت فقط، فما رأيكم في هذا الحل؟!

وهل الاستقرار على الزولفت هو الحل الأنسب أم التوقف نهائيا عن الدواء أم تغيير الزولفت إلى دواء آخر لا يؤثر على الكبد مطلقا؟! ولماذا أشعر بألم في الكبد؟ مع العلم أن الأشخاص الذين ترتفع عندهم إنزيمات الكبد لا يشعرون بالألم؟ وماذا يمكن أن يترتب على إنزيمات الكبد إذا بقيت مرتفعة؟ وكم من الوقت تستغرق حتى تعود إلى طبيعتها؟!

وقد أصيبت أختي باكتئاب ما بعد الولادة، فيبدو أن عندنا استعدادا وراثيا في العائلة لنصاب بالأمراض النفسية، وقد وصفت لها الطبيبة أحد الأدوية القديمة ويدعى أمتريبتلين، علما أنني استعملت العديد من الأدوية المماثلة له مثل لوديوميل، وحتى بعض الأدوية الحديثة مثل زيروكسات ولم ينفعني إلا زولفت بالدرجة الأولى ثم بروزاك بدرجة ثانية.

علما أن زولفت فقد تأثيره بعض الشيء مؤخرا، وأخشى على أختي - بما أننا متقاربان من الناحية الجينية - أن لا تستفيد من تلك الأدوية أيضا، فهل من الممكن أن تستعمل زولفت؟! وأنا أعتقد أنها لن يناسبها بروزاك لأنها مصابة بالأرق، كما أنها تخشى أن تسبب لها الأدوية النفسية الاسترخاء والنوم إلى درجة أن لا تشعر بطفلها إذا استيقظ ليلا، فهل الزولفت سيناسبها؟ وهل ستستطيع الإرضاع إذا استعملته؟!

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شاكر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنا أتفق مع الطبيب تماما أن الأدوية – خاصة الأدوية التي تناولتها بهذه الكثرة – ربما تؤدي إلى ارتفاع في إنزيمات الكبد، وأيضا تناول الكحول يعتبر أمرا يؤدي إلى خلل كبير في إنزيمات الكبد، والكحول كثيرا ما يؤدي إلى تليف الكبد، وتليف الكبد يعتبر بالطبع من الأمراض الشديدة التي ربما لا يكون هناك شفاء منها، وهناك عدد من مرضى التليف يتحول لديهم إلى أمراض سرطانية وهذا يحدث في 25% من الناس.

ونحن لا نريد أن نخيف الناس ولكن نريد أن نملكهم الحقائق، وحقيقة أحذر تماما في موضوع الكحول هذا بالنسبة للناحية الطبية حيث أنه مضر، وأعتقد أن ارتفاع إنزيمات الكبد يكون الكحول أيضا قد ساهم فيه؛ حيث أن الأدوية جعلت الكبد قابلا لزيادة هذه الإنزيمات ثم أتى الكحول وأتم البقية الباقية، ومهما كانت الكمية قليلة إلا أنه من الصواب جدا أن تبتعد عنه، فهذا بالنسبة للناحية الطبيبة.

أما من الناحية الشرعية فبالطبع لا يجوز التداوي بشيء حرام، والكحول محرم تحريما قاطعا في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أرى أنك على وعي تام ولديك إدراك ديني يجعلك تبتعد عن تناول هذه المسكرات والعياذ بالله تعالى، أسأل الله تعالى أن تصل إلى هذه القناعة بأنه لا تتداوى بحرام بالنسبة لهذا الكحول أو غيره من الحرام.

والذي أقترحه بالنسبة للأدوية هو أن توقف الأدوية كلها حتى الزولفت، وهذا بالطبع ربما يسبب لك بعض المعاناة والقلق البسيط، ولكن أعتقد أن صحتك الجسدية تتطلب ذلك، وحاول في هذه الفترة أن تصبر، وحاول أن تمارس شيئا من الرياضة والاسترخاء، وبالدعاء والذكر والصلاة تكون الأمور في وضع أحسن، وبعد توقفك عن الدواء لمدة أسبوعين تناول عقار يعرف باسم ريمانون الذي أعتقد أنه سيكون الدواء المناسب بالنسبة لك، وذلك خاصة أن مستوى سلامته عال جدا بالنسبة للكبد، كما أنه علاج ممتاز للاكتئاب ويساعد كثيرا في النوم، وجرعته هي حبة واحدة (30 مليجرام) ساعتين قبل النوم.

وأقول لك ذلك وفي ذات الوقت أنا لا أمانع في تناول الزولفت، وهو دواء سليم وجيد جدا ولكن أعتقد أن الريمانون سيكون أفضل بالنسبة لك.

إذن خيار هذا الدواء (الريمانون) هو الخيار الأول ثم بعد ذلك يأتي الزولفت، ويفضل بالتأكيد أن تكون هناك فترة توقف عن الدواء حتى يأخذ الكبد وضعه الطبيعي، ويفضل أن تجري فحص إنزيمات الكبد أسبوعيا خاصة في الشهر الأول، وذلك حتى تتأكد أن الأمور قد استقرت تماما.

وبالنسبة للألم الذي في منطقة الكبد ربما يكون ناتجا من انسداد الغشاء الخارجي للكبد الذي يعرف أنه في بعض حالات ارتفاع الإنزيمات يحدث نوع من التضخم البسيط للكبد، ومع ذلك فأنا لا أقول أنك تناولت الكحول بكميات مسرفة ولكن أيضا التسمم الكحولي يؤدي إلى انسداد هذا الغشاء الخارجي للكبد الذي يؤدي إلى الألم.

وأيضا ربما يكون هذا الألم ناتج من التهاب في الأمعاء، ولابد أيضا أن تقوم بالتأكد من أنه لا توجد أي حصوة في المرارة، وهذا بالطبع يمكن التوصل إليه بفحص بسيط عن طريق الموجات الصوتية.

والمدة التي تستغرقها إنزيمات الكبد حتى ترجع إلى وضعها الطبيعي بالطبع يعتمد على السبب والمسبب، ففي حالات ارتفاع الأنزيم الذي ينتج عن طريق الإصابة بالفيروسات كفيروس (أ) يأخذ فترة حاولي شهر، وبالنسبة لفيروس (ب) و(س) بالطبع ارتفاع هذا الأنزيم ربما يكون الأمر دائم، وفي حالات ارتفاعه الناتج من استعمال الأدوية يعتمد على نوع الدواء ولكن في الغالب ترجع الإنزيمات بعد أسبوعين إلى ستة أسابيع من التوقف عن الدواء، وهذا الذي أراه ينطبق في حالتك.

وأما بالنسبة لموضوع أختك فأتفق معك تماما أن هناك نوعا من الاستجابات للدواء تكون مرتبطة بالتكوين الجيني للإنسان، وهنالك ميول تام بأن يستجيب أعضاء الأسرة لدواء معين، وما دمت بحمد الله قد استجبت للزولفت فلا مانع جدا أن تأخذه أختك، وهذا بالطبع يعتبر دواء جيد ووسطي وهو غير استشعاري وفي نفس الوقت لا يؤدي إلى الخمول والتكاسل.

وأما بالنسبة للرضاعة فهناك محاذير، ونحن نقول: إن عمر الطفل حين يكون شهرين أو أكثر لا مانع من أن يرضع وذلك إذا كانت جرعة الدواء جرعة صغيرة، وفي حالة هذا الدواء (الزولفت) حبة واحدة لا تؤثر على الطفل، وذلك لأن إفرازه في الحليب لا يكون أكثر من 5%، وبعد بلوغ الطفل عمر الشهرين يكون الكبد لدى الطفل أصبح أكثر نضوجا وتحملا للأدوية.

إذن يمكن إرضاع الطفل إذا بلغ عمره شهرين وذلك بشرط أن لا تكون الجرعة أكثر 50 مليجرام، والدواء الذي يعتبر أكثر سلامة في أثناء الرضاعة هو الزيروكسات وذلك لأنه لا يفرز بكميات كبيرة في الحليب ولا توجد لديه إفرازات ثانوية.

أرجو أن تكون أختك حريصة على تحسين الصحة النومية لديها، وذلك بأن تمتنع عن تناول الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساء وأن لا تنام في النهار إلا وقت القيلولة الشرعية، وبأن تمارس الرياضة وأن تثبت وقت نومها ليلا، وأن تحرص على أذكار النوم وغيرها من الأذكار.

أسأل الله لكم الشفاء والتوفيق والسداد، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات