السؤال
والسلام عليكم ورحمة الله
أعاني آلاما نفسية أتعبتني كثيرا في حياتي، وأريد أن أسمع رأي أحد المختصين لعل الله يجعل لي مخرجا من هذا العذاب..واسمح لي أن أسرد عليك قصتي ببعض التفصيل.
كانت طفولتي سعيدة جدا للغاية، وكنت تلميذا متفوقا في دراستي، وكنت دائما محل إعجاب أساتذتي وزملائي في الدراسة، وكان مشواري الدراسي جيدا جدا، حيث كنت دائما الأول على الصف منذ أن دخلت الحضانة إلى أن حصلت على شهادة الثانوية العامة...كنت طفلا خجولا لكني كنت جديا ومجتهدا وقضيت طفولة بدون مشاكل تذكر.
بدأت الأمور تتغير حينما سافرت إلى مدينة أخرى لإكمال دراستي في الهندسة، وكان عمري 18 سنة، ومنذ هذا السن بدأت متاعبي النفسية تطفو إلى السطح.
لم أكمل دراستي كمهندس حاسوب وغادرت الجامعة لأني أصبحت غير قادر على التركيز أو الاستمرار.
بدأت العلاج بالأدوية منذ سنة 1993.
تنقلت بين الكثير من الأطباء، وكانت حالتي تشخص على أنها خليط من اكتئاب عميق ورهاب اجتماعي ووسواس قهري تعسفي واضطراب وجداني، وربما أشياء أخرى لا أعرفها وقد يعرفها المختصون.
أصعب فترة كانت في التسعينات، حيث كنت أمر بحالات اكتئابية حادة أعاقتني عن ممارسة أبسط الأمور اليومية...فكنت أقضي ما بين ستة إلى سبعة أشهر دون أن أغتسل أو أقص شعري أو أحلق لحيتي أو حتى أغادر الفراش، وأنام أكثر من 17 ساعة في اليوم..خلال هذه الفترة القاسية كنت أشعر بخوف كبير كلما طلعت الشمس في الصباح وأحاول أن أغيب نهائيا عن الوعي بالاستغراق في النوم لساعات طويلة...والغريب أنه عندما يقترب غروب الشمس أشعر بفرحة وسكينة وأحس نوعا ما بالأمان.
خلال هذه السنوات السبع أيضا كنت يوميا أرى كوابيس في نومي، وكان الكابوس هو هو دائما لا يتغير..كنت أرى أحد الطلاب الذين كنت أدرس معهم في طفولتي وهو يحاول أن يتحرش بي جنسيا فأبدأ وأنا نائم أركل برجلي وأصرخ حتى تأتي أمي لتوقظني وأدرك أنه الكابوس اليومي الذي لا يفارقني.
جربت الكثير من الأدوية وأستطيع أن أذكر لك ما أذكره الآن:
Soliane 200 mg
Prozac
Deroxate
Haldol
Lexomil
Artane
Nozinane
وأدوية أخرى نسيتها الآن..أنا الآن آخذ ربع حبة سوليان ونصف حبة زيروكسات ..لكنني لم أعد أزور أي طبيب لأني لم أعد أملك المال لدفع أجرة الطبيب كل شهر...وقد أنفقت خلال فترة مرضي أموالا طائلة حتى أفلست ولم أعد قادرا على تحمل تكاليف زيارة الطبيب.
حينما أكون في عزلتي وبعيدا عن الناس وضغوطهم تكون حالتي جيدة وأشعر نوعا ما بالراحة..لكن حينما أحتك بالناس أشعر بالقلق والاضطراب وأحس أنهم يحتقروني ولا يحترموني. لكني متأكد أنها ليست مجرد هلاوس أو هواجس بل هي حقيقة، وربما المشكلة أني لا أعرف كيف أتعامل مع هذه السخرية بالحكمة والهدوء اللازمين.
بعض المسئولية تقع على والدي فهما شخصان ساذجان جدا وليست لديهما خبرة كبيرة في الحياة ولم يعطوني وإخوتي أية مهارات اجتماعية أو تربوية... وأنا لست وحدي من يشكو من هذا، بل كل إخوتي قالوا نفس الملاحظة لوالدي..لكن بقية إخوتي أكثر مني صلابة وقوة ويستطيعون أن يتدبروا أمورهم بشكل أو بآخر.. مؤخرا اعترفت لي والدتي بذلك وهي تبكي وقالت لي: يا بني أنا وأبوك شخصان ضعيفان ولا نعرف في أمور الحياة كثيرا، لكننا قمنا بكل جهدنا وعلى قدر ما علمنا الله لتربيتكم.. وأنا أوافقها وأعذرها هي ووالدي ..
خلال السنوات الأربع الأخيرة فقدت القدرة نهائيا على التواصل مع الناس وحبست نفسي في البيت.. أشعر أنهم يكرهوني كثيرا، وأصبحت أحقد على كل المجتمع حولي وأحتقرهم وأتمنى الانتقام منهم جميعا.
كما أني لاحظت منذ بدأ استعمال زيروكسات أني أصبحت عدوانيا جدا، وأحيانا أصبح خطيرا وأضرب كل من في البيت حين أغضب وتتملكني حالة هستيرية حادة تجعلني أضرب كل ما تقع عليه يدي.
تتأرجح حالتي بشكل غريب بين الاستقرار والانتكاس ..لكن الانتكاس مرتبط دائما وأبدا بخروجي إلى الشارع ومخالطة الناس..لقد أصبحت أبغض أهل بلدي كثيرا، وأتمنى أن ينتقم الله منهم بما سببوه لي من أذى.
ملاحظة أخرى: أني متدين جدا منذ صغري وأحافظ على الصلاة وقراءة القرآن ..ووجدت نفسي في الخلوة والمناجاة لله حيث أشعر بالرضا والسعادة ...لكن هذه السعادة سرعان ما تفسد وتنقلب إلى هم وكرب كلما آذاني الناس بسخريتهم ..لا أدري لماذا لم أستطع أن أدرب نفسي على احتمال الأذى رغم أني أقرأ كثيرا ومثقف ومستواي العلمي يحسدني عليه الكثيرون...كما أن بعض من يعرفوني جيدا يشهدون لي برجاحة العقل والذكاء؛ لكن هذه المميزات لا تظهر أبدا في تعايشي مع من لا يعرفني، ويحكمون علي بشكل سيئ ربما من خلال المظهر الخارجي، لا أعلم!
عمري الآن 34 سنة لم أحقق أي شيء في حياتي، لم أتزوج وأعمل بشكل متقطع -عمل انطلاقا من البيت-لا يضمن لي الأمان من غدر الزمان... الآن معتمد كليا على والدي اللذين يقومان بتوفير كل حاجياتي كالأكل وخلافه .. أشعر بالقلق من المستقبل ولا أدري من سيرعاني بعد وفاة والدي.
هناك تفاصيل أخرى مهمة لم أتطرق إليها ممكن أن أبعثها لاحقا إن وجدت اهتماما بحالتي من أحد المستشارين هنا وفقهم الله.
أعتذر عن الإطالة لكني أردت أن أذكر التفاصيل، فربما دلني أحد المختصين على ما أعانيه وما يجب علي أن أفعله.
والسلام عليكم ورحمة الله.