المعاناة من عدم الراحة في النوم وعسر المزاج

0 784

السؤال

أعاني منذ فترة ليست بالقصيرة -سنتين تقريبا- من عدم الحصول على نوم عميق، مما يسبب لي إحباطا في الصباح إذا نهضت من فراشي متعبة مجهدة؛ مما يؤثر علي بقية يومي، فأصبح عصبية مع الطالبات ومع زميلاتي، وشرسة، ومتحفزة لأي هجوم انتقادي.

بعكس بعض الأيام -وهي قليلة جدا- إذا ما نعمت بنوم مريح عميق، التزمت كثيرا بصحتي النومية؛ لكن للأسف كانت النتائج محدودة.

علاقتي سيئة مع مديرتي، إلا أنني لا أقدر أن أنتقل من المدرسة لقربها من بيتي.

بداية هذا الاضطراب النومي معي عندما حصلت مواجهة بيني وبين أختي بسبب ميراث، عندما أحسست بالضيم والظلم وأنا لا أملك من أمري شيئا كي أدفعها به، وأنا من النوع الذي لا يسكت عن حقه، وأظل أفكر بالشيء الذي يقلقني حتى أجد له حلا.

في الأخير تم حل هذا الموضوع لكن كان ثمنه المقاطعة بيني وبين أختي، فقد أخذت حقي كاملا لكن استمرت معي مشكلة النوم.

أنا لا أنكر أن صفة العفو تكاد تكون معدومة عندي، فلا يهدأ لي بال، ولا يقر لي قرار حتى أنتقم ولو بالكلمات، وإذا لم أستطع أن أنتقم فإني أنتظر انتقام الله سبحانه وتعالى بمن ظلمني وهو أقوى مني، لكن يبدو لي أن ثمن هذا الانتظار هو أعصابي ومشاعري، وأنا مؤمنة إيمانا كاملا بأن معظم مشاكل هذا العالم أن قانون الغاب هو السائد، وهو أن القوي يأكل الضعيف عند اختلاف الآراء ما بين القوي والضعيف.

ماذا تقترحون علي أن آخذ من دواء لتحسين النوم بجرعة لا تسبب أي ضرر أو آثار جانبية مزعجة؟ حيث أني أخاف من الأدوية ومن آثارها من زيادة بالوزن وغيرها.

هل هناك علاج سلوكي معرفي إرشادي يخفف للتعامل مع مثل هذه الأمور.

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه، ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

في حالتك من الواضح أن عسر النوم واضطرابه هو أمر ثانوي، بمعنى أنه ناتج من صعوبات نفسية أخرى، وهذه الصعوبات النفسية تتمركز في شخصيتك، فأنت تفرضين صرامة شديدة جدا على شخصيتك، وحتى على تعاملك من الآخرين، وهذا يعرف عنه تماما أنه يؤدي إلى عسر في المزاج، وهذا العسر في المزاج ربما يتطور إلى اكتئاب، وهذا الاكتئاب بالطبع نتج عنه اضطرابات النوم.

إذن: الأصل والأساس هو أن نحاول أن نتحاور بصورة منطقية ونصل إلى علاج السبب؛ لأن علاج السبب بالطبع يؤدي إلى تحسن النوم.

وبالطبع هنالك الكثير من العلاجات السلوكية وهنالك الكثير من العلاجات الدوائية، وأرى أن أهم علاج سلوكي هو أن تسعي إلى صلة الأرحام، وأنت على إلمام تام أن قطيعة الرحم هي من أكبر المعاصي، مهما كان جور الآخرين، ومهما كان تجنيهم، ومهما كانت الصعوبات التي تصدر منهم تجاهنا، إلا أن قطعية الرحم أمر لابد لنا كمسلمين، أن نتجنبه تجنبا مطلقا، وهذا علاج سلوكي في حد ذاته، وعليه أرجو أن تراجعي نفسك في هذا الأمر، وأن تتخذي المواقف التي هي من صميم توجهنا الإسلامي، ومن صميم عقيدتنا، وهذا بالطبع سوف يؤدي إلى راحة وإلى انفراج نفسي كبير.

وأنا أعرف أنك على دراية بهذا الأمر ولكن أتمنى أن تتحدثي إلى أحد المشايخ وتعرضي عليه المشكلة بالتفصيل، وبكل تأكيد سوف يرشدك الإرشاد اللازم لتجنب هذه القطيعة بينك وبين أختك، وعموما الإنسان يمكن أن يدرب نفسه ويمكن أن يطوع نفسه سلوكيا إذا وازن الأمور، وإذا نظر للأمور بتجرد شديد، كثيرا ما نستعمل النكران، وكذلك التبرير كدفاعات نفسية، نقنع أنفسنا من خلالها بتصرفاتنا الخطأ، ولكن الإنسان إذا حاول أن يتخلص من هذه الدفاعات النفسية تكون رؤاه أكثر إيجابية، وحين ينظر للأمور بتجرد، وحين ينظر للأمور بسمو يؤدي إلى تصحيح المفاهيم، فعليك أن تجري مع نفسك حوارا إيجابيا يقوم على التسامح وعلى العطاء، فهذا أيضا يفيدك كثيرا، هذا أمر ضروري جدا.

ومن تجاربنا المتواضعة نعرف أن الانضمام للأعمال الخيرية يولد في الإنسان الكثير من روح التسامح، فإذا كانت هنالك أي وسيلة للانضمام لأحد الجمعيات التي تعمل في هذا المجال فسوف يكون أمرا طيبا وجيدا.

عليك أيضا أن تعبري عن ذاتك، وأرجو ألا تكتمي وتتركي الأمور البسيطة تترسب في داخل النفس، فهذا أيضا يساعد كثيرا في التخلص من الانفعالات والدفاعات النفسية السلبية، أرجو أن تكتبي في ورقة كل فكرة نفسية تجدينها مزعجة أو غير مقتنعة بها، وبعد ذلك تتدارسي هذه الفكرة وأجري الفكرة المضادة المخالفة، حاولي أن تركزي على الفكرة المضادة حتى تتضخم وتتجسم في داخل الكيان وفي داخل الضمير، وهذا بالطبع يؤدي إلى تغيرات كثيرة.
أنت لديك الكثير من الإيجابيات، وأنت الحمد لله لديك وظيفة محترمة، وأنت تقومي بدور المعلمة، وأنا أرى دائما أن المعلم يحمل رسالة عظيمة أهمها أنه الجسر الذي يوصل الفضيلة للطلبة والطالبات، وهو القدوة الذي يقتدي به الآخرون، وأنا لا أرى أن دور المعلم مطلقا هو أن يوصل المعلومة إلى الطلاب، ليس هذا هو الدور الأساسي، نعم، إيصال المعلومة الأكاديمية مهمة، ولكن المعلم يجب أن يكون قدوة ومثالا لتلاميذه، أنا أذكر جيدا أننا لا زلنا نتأثر ببعض من علمونا حتى في المراحل الأولى، وأنا أعرف من يحاول أن يقلد الطريقة التي يمشي بها معلمه أو الطريقة التي يلبس بها معلمه، فهذا الأمر أرجو أن تعتني به.

أما بالنسبة للعلاجات الدوائية فهنالك علاجات كثيرة تساعد، فهنالك دواء مضاد للاكتئاب يعرف باسم (ولبيترين Wellbytrin)، وهو مضاد للاكتئاب، ويتميز أنه لا يزيد الوزن مطلقا، بل على العكس ربما يخفض الوزن نسبيا، وجرعته هي 150 مليجرام صباحا ومساء، فيمكنك أن تتناولي هذا الدواء لمدة ثلاثة أشهر، ابدئي أولا بجرعة 150 مليجرام يوميا لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى 150 مليجرام صباحا ومساء، ثم استمري عليه لمدة أشهر، ثم بعد ذلك يمكنك التوقف عنه، ويفضل بعد إتمام الثلاثة أشهر أن تستمري على حبة واحدة (150 مليجرام) يوميا لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عنه.

هذا الدواء لن يحسن النوم كثيرا بصورة مباشرة، ولكن حين يتحسن المزاج وتنتهي هذه العصبية وهذه الاحتقانات بالطبع سوف يتحسن النوم، خاصة أنك الآن على دراية تامة بالصحة النومية، واصلي في برامج الصحة النومية، وفي ذات الوقت أرجو أن تتحصلي على دواء يعرف باسم (إسليب أشور Sleep assure )، وهو لا يحتاج لوصفة طبية، ويمكن الحصول عليه من الصيدليات، فيمكنك أن تتناوليه بمعدل حبة إلى حبتين ليلا، وهو سوف يساعدك في النوم.

هنالك أدوية كثيرة أخرى تساعد في النوم، منها عقار يعرف باسم (إستلنكس Stilnox) وجرعته هي 10 مليجرام ليلا، وهو دواء مريح جدا في النوم، ولكنه لا يمكن الحصول عليه إلا بوصفة طبية، ويمكنك أن تتحدثي مع طبيبك في هذا الخصوص إذا لم تستفيدي من العقار الأول وهو (Sleep assure)، وبالنسبة لهذا الدواء (Stilnox) أرجو ألا تتناوليه لمدة طويلة، يكفي فقط أسبوع أو عشرة أيام.

أيضا ممارسة الرياضة ضرورية جدا ومهمة جدا، وتمارين الاسترخاء، وعدم تناول أي مشروبات تحتوي على مادة الكافيين بعد الساعة السادسة مساء، مثل الشاي والقهوة والبيبسي وغيرها من المشروبات، وتناول الحليب الدافئ، وتثبيت وقت للنوم، وأذكار النوم، وبعض القراءات البسيطة قبل النوم، كلها إن شاء الله تساعد الإنسان في تحسين النوم.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.


مواد ذات صلة

الاستشارات