التعرق المفرط، ما أسبابه وعلاجه؟

1 736

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أعاني من التعرق المفرط حتى في فصل الشتاء، خصوصا من الوجه وفروة الرأس، إلى درجة التقطر، وشعري يصبح مبللا، وتنبعث مني رائحة مزعجة، حتى بعد الاستحمام مباشرة، كما أن المكان الذي أكون فيه يعبق برائحتي؛ مما يسبب لي إحراجا حتى لو وضعت عطرا فإن الرائحة لا تذهب كليا، وتختلط بالعطر، فهل هذا مرض، وهل من علاج لحالتي سواء دواء أو أعشابا يقلل من التعرق والرائحة المزعجة؟

مشكلتي الأخرى هي ترهل جسمي، رغم أنني نحيفة جدا من الساقين والفخدين، وأعاني من السمنة في منطقة البطن والظهر، فهناك كتل شحمية على شكل طيات، كما أن لينا كبيرا يشبه العجينة اللينة في ملمسه، وزني لا يتعدى (60) كلغ، وطولي (162) سم، فهل ما أعاني منه هو الماء تحت الجلد كما قيل لي، وما هو علاج ذلك؟ علما أنني أمارس بعض التمارين في المنزل ولكن دون جدوى.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليندا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن مشكلة التعرق قد تم عرضها بالتفصيل في استشارة سابقة ولكن حفاظا على خصوصية السائل الأول نرفق نسخا مما أوردناه في إجابتنا، ثم نتابع الفقرات الأخرى بعد انتهاء النسخ، وهو التالي بين ثلاثة أقواس:

قبل أن أبدأ بالإجابة أود التذكير بأنه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، وأود أن أقول أني خلال (25) سنة من الممارسة في عيادة الأمراض التخصصية الجلدية، والتي تشمل كل ما يتعلق بالجلد وتوابعه، كالرائحة الغريبة والتعرق وغيرها، وخلال كل هذه الفترة لم ترد إلي شكوى مشابهة لشكواك، وأود أن أقول أن ما عندك ليس بمس من الجن، ومع ذلك تكفي الرقية الشرعية لنفي هذا الهاجس.

هوني عليك، فلكل مشكلة حل، ولكن الأمر يحتاج إلى روية وتدبر وتفكير، ومراجعة وصبر، وتعاون وتجريب ومتابعة.

ونظرا لضخامة الشكوى وكثرة المعاناة، فقد آثرت أن أطيل الإجابة المتعلقة بموضوعها، وألا أكتفي بالإشارة إليها، وذلك لتسهيل الموضوع ودمجه، ولو أن بعض الإجابات متعلقة بالتعرق العام، والآخر بالقدمين أو الفطريات، وبعضها بالرائحة بشكل عام، وقد يكون فيها بعض التداخل أو التكرار، نظرا لتشابه الشكوى والأعراض.

إن من القواعد الهامة البديهية، أنه لا يوجد شيء إلا وله سبب، وإن جهلناه فهذا لا يبرئ المسبب، وإن تجاهلنا لسبب يحرمنا التحسن من آثاره.

من الأسباب المعروفة لرائحة البدن الكريهة واحد أو أكثر من الاحتمالات التالية:

A. التعرق وفرط التعرق، ونوعية التعرق تراجع الاستشارات رقم ( 18638 و235478 و241550 و18547 و239626 ).

B. أكل بعض المواد الغذائية كالبصل والثوم وغيره الكثير مما يأكله بعض الناس أو الشعوب، فتتميز برائحة قد لا يحتملها غيرهم.

C. هناك بعض العروق (أو المجموعات الأثنية) تتميز بروائح عن غيرها من العروق، (مثلا الزنجي أو تميز الهنود برائحة أو غيرها) علما أن بعض العادات من أكل وعطر وثقافة سلوكية معينة، قد ينجم عنها تميز أصحابها بروائح معينة.

D. بعض الأدوية قد تؤدي إلى روائح معينة بالعرق أو البول أو الجسم بشكل عام.

E. بعض الأمراض تتميز برائحة مثل السكري، ورائحة الاسيتون، وقصور الكلية، والصدفية ورائحتها، والفقاع ورائحته، وهكذا.

F. يجب نفي وجود ناسور، أي فتحة من الأمعاء إلى الجلد، فهي تؤدي لرائحة شبيهة برائحة البراز، ولكن ينبغي أن تكون في منطقة العجان (أي الحوض وما حوله) وقد يكون هذا الناسور صغيرا، أي فتحة دقيقة تحتاج إلى تحري المخرج، وذلك بتتبع مصدر الرائحة (ولو كان هذا السبب لتم إصلاحه جراحيا بسهولة).

G. بعض الإنتانات تتميز برائحة خاصة، مثل الجراثيم والإنتانات الرطبة والإفرازات الدورية، وخاصة في المناطق الحساسة والتناسلية، وفي حالتك يجب نفي وجود الفطريات، خاصة في الأطراف السفلية أو مواضع الرائحة.

H. عدم الاستحمام الدوري، أو عند اللزوم، أي بعد جهد، أو تعرض للحرارة، أو عمل رياضي، أو غيره من موجبات الغسل، ولكن الأمر مختلف عندك؛ لأن الرائحة تفوح بعيد الاستحمام.

ومما يمكن عمله للتغلب على الرائحة هو:

1. تقصي الأسباب وتجنبها وتغيير العادات المؤدية لها.

2. الغسل اليومي.

3. علاج الالتهابات إن وجدت على اختلاف أشكالها وتوضعاتها.

الرائحة الكريهة في العرق قد يكون لها أسباب عديدة، راجعي على الإنترنت المتعلقات بعنوان (Bromohidrosis) والتي تعني العرق ذا الرائحة الكريهة، ونذكر بتجنب المأكولات المبهرة والبصل والثوم وغيره، مما يشك فيه، وانتبهي إلى أن هذه الرائحة تتحسن بزوال الأكل المسبب لها، ولكن على درجات وليس فورا (مثلا هل تخف مع الصيام؟)

وإن التعرق ذا الرائحة الكريهة غالبا ما يحدث في الإبطين والقدمين أو ما حول المنطقة التناسلية وغالبا ما يترافق مع:

أ‌- زيادة التعرق.

ب‌- سوء وظيفة الغدد العرقية المفرزة.

ج‌- إنتانات فطرية أو جرثومية.

د‌- تفكك الحموض الدسمة يؤدي لرائحة متميزة.

هـ‌- بعض أنواع الطعام مثل الثوم، البصل، وفرط تناول البروتينات.

و‌- أو الانسمام ببعض المعادن الثقيلة، كالزرنيخ وما أظنك تناولتيه.

أما المعالجة للرائحة الكريهة في العرق:

1. فأولها معالجة السبب إن أمكن (خاصة الطعام والإنتانات الموضعية، وخاصة الفطرية منها).

2. تنظيف عام للجسم وحمامات متكررة.

3. تغيير الألبسة، خاصة الداخلية والجوارب بشكل متكرر.

4. واستخدام ألبسة غير ضيقة وتجنب التعرق المفرط.

5. تجنب بعض أنواع الطعام مثل كثرة البروتينيات (الثوم) البهارات.

6. تهوية المنطقة.

7. بودرة خاصة للقدمين قبل ارتداء الجوارب أو بودرة خاصة للإبطين.

8. أما الإبطين خاصة، فمزيلات الرائحة المتوفرة بمستحضرات مختلفة، ومنها الدرايكلور، ولكن يجب الحذر من الحساسية الموضعية الناجمة عن بعض هذه المركبات.

9. صوابين مطهرة مضادة للجراثيم.

10. كما ويمكن للبوتكس أن يخفف التعرق، وبالتالي تخف الرائحة التي يحملها العرق، حتى ولو كان العرق خفيفا، وأنصح بتجريبه حتى ولو كان تأثيره جزئيا، أو مؤقتا، خاصة قرب المواضع شديدة الرائحة.

11. وآخر الدواء الكي، فإن كانت الغدة التي تفرز العرق القليل بالكمية والكريه بالرائحة لا تستجيب لأي من العلاجات السابقة، فهناك الاستئصال الجراحي لهذه القطعة، خاصة من جلد الإبط الحاوية على هذه الغدد، وليس من القدمين، وبهذا تنتهي المشكلة إلى الأبد، وهذا الإجراء يحتاج إلى طبيب مجرب، وقد كان من الإجراءات المتبعة قبل عهد البوتكس.

وإن كانت هذه الرائحة متعلقة بالقدم، فلابد أنها مكتسبة وليست من الولادة أو من الطفولة.

فإن كانت مكتسبة، فلا بد من وقت بدأت به، وهو إما مع البلوغ، أو وقت آخر معلوم للمريض، وغالبا ما يكون قد تصاحب بأي من التبدلات التي تدل على السبب.

تتميز القدم الطبيعية بشكل طبيعي غير مرضي، وعند كل البالغين برائحة مزعجة، ولكن إن زادت عن حد معين فهي مرضية، وبحاجة للتدخل أو الاستقصاء أو العلاج.

وبشكل عام يجب فحص القدم ورؤية التغيرات الموجودة ووصفها، وخاصة ما بين الأصابع والأظافر وأخمص القدم، فقد يكون هناك زيادة في التعرق، أو حويصلات صغيرة، أو وسوف أو تعطن أو طبقة بيضاء، أو تسمك في الجلد، أو ثخانة في الأظافر أو ما تحتها أو غيره.
أما العلاج فهو بعلاج السبب إن عرف، أو باتخاذ الأسباب العامة التالية:

A. الغسل اليومي المنتظم ولكن بالماء والصابون وليس بالماء فقط.

B. التنشيف والتجفيف بعد كل غسل، ولكن بالورق وليس بالفوطة أو المنشفة القماش.

C. تغيير الجوارب اليومي مرة أو مرتين.

D. استعمال الحذاء المهوي، أي الذي فيه فتحات، وليس كتيما (أي استعمال الحذاء الذي يحوي مسام مفتوحة أو خروم أو موديل يسمح بالتهوية أثناء استعماله).

E. استعمال مغاطس (ليد صب اسيتيت 10%) مرة إلى مرتين يوميا لمدة 10 دقائق (تقل المدة مع التحسن).

F. عدم إبقاء الحذاء لفترات طويلة؛ لأن ذلك يؤدي إلى التعرق واحتباسه وعدم تهوية القدمين.

G. استعمال المنيوم كلورايد ودهن القدمين، خاصة من الجهة الأخمصية وبين الأصابع.

H. دهن كريم بيفاريل أو كانيستين أو داكتارين مرتين يوميا على كامل القدم، مع التركيز على الأخمص، وأما ما بين الأصابع فيدهن نفس المستحضر على شكل لوشن وليس كريم.

I. إن لم تتحسن فيمكن إضافة استعمال بخاخ سائل أو بودرة مضاد فطريات (نفس الأسماء السابقة) داخل الجورب وقبل استعماله مباشرة في كل مرة نستعمل الجورب.

J. لا تستعملي نفس الحذاء ليومين متتاليين، ولكن البسيه كل يومين بالتناوب مع غيره، أو كل ثلاثة أيام، أو حتى كل أربعة أيام، حسب المتوفر.

K. لو كنت من هواة الرياضة، فلا تستعملي الجورب الرياضي استعمالا متكررا بحجة أنه للرياضة، بل غيريه واغسليه بعد كل استعمال.

L. في الفترة الأولى قد تحتاجين الالتزام بصرامة مع التعليمات المذكورة، ولكن مع الزمن ستشعرين أن الرائحة بدأت تخف بالتدريج، ويصبح الالتزام عند التحسن الذي يرضيك أقل ضرورة، بل حسب الحاجة.

M. قد تكفي واحدة أو أكثر من الإجراءات المذكورة، والتي نزيد عددها حسب الضرورة، ونكثر من الالتزام بها حسب حاجتنا لمزيد من التحسن.

الإجراءات المذكورة أعلاه تفيد في حفظ صحة القدم ووقايتها من التعرق الزائد والفطريات والعدوى، سواء أكانت طبيعية أم مرضية.
وأخيرا: استعيني بالله وفتشي عن الأسباب وتجنبيها واغسلي واستعملي مجففات العرق ثم البوتكس، وأخيرا الجراحة حيث أنه إن لم تجد خطوة أخذنا ما بعدها.

وختاما: اقرئي بتمعن، وراجعي هذه الإجابة وما حولها من المتعلقات، وابدئي بالسبب، وراجعي طبيبة النساء، وانتبهي لغذائك ووزنك، والاستحمام الدوري، وتغيير الملابس الدوري، وإن شاء الله سيكون كل شيء على ما يرام.

والكلمة الفصل هي لطبيبة ثقة أمينة خبيرة تفحص وتتحرى الأسباب، ولو احتاجت العديد من التحريات والاستشارات لبقية الزملاء ثم تصل إلى التشخيص، فمشكلة كهذه لا تكفي فيها المراسلة ولا الاستشارة عن بعد.

وأما كتلة الجسم فتحسب بتقسيم الطول بالمتر على مربع الوزن بالكغ، وبالتالي كتلة الجسم عندك هي 22.8 وهي ضمن الحدود الطبيعية حيث تقييم النتائج كالتالي:

الكتلة تحت العشرين = نحيف.

الكتلة 20- 25 = طبيعي.

الكتلة 26- 29 = بدين.

الكتلة فوق 29 = بدين جدا.

ولكن ما تعانين منه هو سوء توزع الدهن والسليوليت والحل فيه هو الرياضة المنتظمة المتزايدة تدريجيا وفق إشراف أحد المراكز المتخصصة سواء من خلال كتاب أو اشتراك أو بالإنترنت.

وأما السيلوليت كما تعلمين فهو تراكم للدهون والسموم في باطن الجلد، والذي يعطي مظهر قشرة البرتقال، ويأتي من التراكم والانكماش غير الطبيعي للشحوم في الجلد والنسيج الضام تحت الجلد.

كما أن العوامل المسببة لها هي عديدة، وقد تتشارك، والتي منها العامل الهرموني (خلل في معدل الاستروجين /البروجيستيرون)، البلوغ، وحبوب منع الحمل، ولا ننسى العامل الوراثي الذي له تأثير أكيد على عدد وأحجام الخلايا الدهنية، وهناك العامل الغذائي الصحي، والنقص في ممارسة الرياضة، والنظام الغذائي غير الصحي، (والكحول- من باب إتمام الموضوع ولو أنننا على علم أنكم بعيدون عن هذا وكذلك التدخين ) وهناك العامل النفسي من إرهاق وضغوط وغيره.

أما التخلص منه فيحتاج إلى تعاون بين المريض والطبيب، ويحتاج همة ونية صادقة، وليس من نجاح يناله المرء بالأماني، فما عليك إلا:
1- أن تعتمدي نظاما غذائيا صحيا ومتوازنا.

2- اتباع برنامج منحف مدروس مترافق مع الرياضة، وليس بهدف التنحيف فقط.

3- ممارسة الرياضة المناسبة، وذلك حتى يعاد توزيع الدهن بالعدل بين المواضع التشريحية المختلفة من الجسم.

4- تجنب الضغط النفسي، والسعي للاسترخاء.

5- تجنب تناول حبوب منع الحمل إن كنت تتناولينها.

6- تفادي ارتداء المشدات والبنطلونات الضيقة إن كنت تستعملينها.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات