السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي جدة مسنة، وهي ممن قال الله فيهم: ((ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا))[النحل:70]، وهي الآن تعيش معنا أنا وأخواتي، لي 4 أخوات بنات ويتقون الله فيها ويراعونها، ولكن توجد مشكلة بأن هذه المسنة تفعل أشياء غريبة مما يضجر منها أخواتي البنات، وهن ملتزمات ويصلين ويقرأن القرآن، وأحيانا يقلن كلمة أف لما يلاقينه من أفعال هذه الجدة، وأنا أخبرهم بأن هذا ممكن أن يكون اختبارا من الله لنا وهن يستطعن الصبر، مع أنها في حياتها كانت لا تعاملنا بخير، وأعمامي الذين كانت تحبهم وتعطيهم أكثر منا من الأشياء، لا أحد يسأل عليها ولو بكلمة، ومنهم من طردها من المنزل بناء على أمر من زوجته، وهم أربعة من الأعمام، ولا يعطونها أي مصاريف بحجة أنها غير مدركة بهم!!
أريد منكم أن توجهوا كلمة إلى أخواتي كي يصبرن عليها، ويبارك الله لهن ولزوجهن ويفتح عليهن، وهل ما يفعلنه من عدم الصبر يضيع الأجر؟ ونعلم بأنه رفع القلم عن المجنون والطفل والنائم وكبير السن الذي لا يعرف شيئا، وهي كثيرا ما تدعو لنا بالخير، فهل يتقبل الله الدعاء منها؟
أرجو منكم كلمة خير لأخواتي، وكلمة لأعمامي، وجزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فهنيئا لك ولأخواتك ولأسرتك بخدمة هذه الجدة والصبر عليها، وأبشروا بالخير وبالأبناء البررة، فإن الجزاء من جنس العمل، وويل ثم ويل لمن تنكروا وقصروا وسوف يجدون عاقبة العقوق في حياتهم الدنيا قبل الآخرة، ونسأل الله أن يردهم إلى الصواب، وأن يحفظكم بحفظه إنه العظيم الوهاب.
ونحن نتمنى أن لا تظهروا لها ما في أنفسكم من الضيق، خاصة إذا كانت تدرك لكم بدعواتها والله تبارك وتعالى يجازي بالإحسان إحسانا.
واعلموا أن المسلم مطالب أن يساعد كل ضعيف، ويحترم كل كبير، فكيف إذا كان الضعيف هو الجدة، وأرجو أن تتذكروا لذة الثواب وسوف تنسون ما تجدون من الآلام، كما نتمنى أن تتناوبوا في خدمتها حتى لا يتسلل الملل إلى النفوس.
ولا شك أن للصابرين أجرا عظيما، والصبر هو نصف الإيمان، وما أعطي المسلم بعد الإيمان عطاء أوسع من الصبر، وسوف يكون الأجر كاملا إذا صبرتم ورضيتم.
ونحن ننصحكم بأن لا تنظروا إلى تقصير من قصر، كما أرجو أن لا تهتموا بكلام الناس، وعليكم بما يرضي رب الناس، وأكثروا من اللجوء إلى الله، واسألوه الثبات والسداد.
واعلموا أن رعايتكم لها وصبركم عليها من حقوقها عليكم فهي والدة، وقد وصى الله عز وجل بالوالدين وصية عظيمة، واعلموا أنكم بصبركم عليها إنما تقدمون لأنفسكم في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا فإن الجزاء من جنس العمل، فمن صبر على والدته وجدته رزقه الله أبناء وأحفادا يصبرون عليه ويرعونه في كبره، وأما في الآخرة فالجزاء العظيم، بل ورد في الحديث أن الوالد أوسط أبواب الجنة، فلا تضيعوا هذا الباب، فإن الحياة قصيرة الأنفاس.
وأما أعمامكم هداهم الله، فلا ينبغي أن يقابلوا الجميل بالنكران، لا سيما وأنها كانت تفضلهم عليكم كما قلت، فليس من المروءة نسيان الجميل، ونكران المعروف، فضلا عن حقها العظيم بالاهتمام والرعاية كما قدمنا، وإعراضهم عن خدمتها إنما يعرضهم للمثل عند كبرهم، فقد اتفق العقلاء على أن الجزاء من جنس العمل، نسأل الله أن يهديهم ويردهم إلى الصواب.
وهذه وصيتي لكم بتقوى الله الذي لا إله إلا غيره ولا رب سواه، وكم نحن سعداء بهذا الوفاء، ونسأل الله أن يكثر من أمثالكم، وأن يرزق أخواتك الصلحاء، وأن يلهمك رشدك، وأن يصرف عنك السوء والفحشاء.
وبالله التوفيق والسداد.