عدم الثبات على الرأي وإتمامه

0 487

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيما مضى كانت عندي مشكلة وتم توصيتي باستخدام دواء سيبرالكس، -ولله الحمد والمنة- فقد نفعني الله به فاستمررت عليه أكثر من سنة، ثم بدأت بتركه تدريجيا حسب ما قيل لي حتى انتهيت، ولي الآن ما يقارب السنة والنصف من تركه وأنا بحالة طيبة -بفضل الله جل وعلا-، ولكن ما يؤرقني أمر وما زال مستمرا وهو عدم الثبات على الرأي وإتمـامه، فمثلا عندما يعرض علي شيء أو أنوي القيام بشيء أكون في بادئ الأمر متحمسا وبعد برهة أو سويعات قليلة يخبت هذا الحماس بل وأريد التخلص منه، فما السبب في ذلك؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أبو عمر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنحمد الله كثيرا أن نفعك العلاج وأنك في صحة نفسية جيدة وطيبة ومستقرة، وهذا الذي ينتابك وهو عدم الثبات على الرأي وإتمامه لا شك أن الإنسان ربما تنتابه بعض التردد وعدم الثبات على الرأي، وهذا ربما يكون فيه شيء من الخير في بعض الأحيان، حيث أن الاندفاع والاستعجال واتخاذ القرارات المتعجلة كثيرا ما يؤدي إلى الشعور بالحسرة والندم في بعض الأحيان، وبالطبع الأمر المطلوب هو أن يكون وسطيا وهو أن لا يكون الإنسان مستعجلا ومندفعا وفي نفس الوقت لا يكون مترددا.

وهناك ثلاثة محاور لاتخاذ القرارات: فلابد للإنسان أن يدرس الأمر، ولا بد أن يستبصره، ولابد أن يحسب نتائجه، هذه هي الأطر الأساسية، وأنا على علم تام أنك مدرك لذلك تماما، ولكن دائما الإنسان يحاول أن يذكر نفسه حتى بالأمر إذا كان ملما ومدركا له، فالتذكر ووضع الأمر نصب العينين يجعل الإنسان يتخذ القرارات بصورة فيها تؤدة ودراسة أوسع وأفضل.

والتردد وعدم الثبات على الرأي في بعض الأحيان يكون ناتجا عن المراقبة الشديدة للذات، وتكثير تحليل الأمور يؤدي إلى نوع من الاجترار، وأيضا تذكر رجوع الإنسان وتركه للأمور ببساطة أن يكون هناك نوع من العفوية وكذلك النظر للأمور بالمقاييس الفطرية، هذا ربما يساعد، حاول أن تتذكر هذه الأطر وهذه المقاييس التي سوف تساعدك أيضا.

وحين تدرس أي أمر يجب أن تتذكر ما اتخذه من قرارات في السابق وقل لنفسك أنا قد ترددت في أمر معين في السابق وقد كان ذلك ذو نتائج عكسية علي فلن أتردد في هذا الأمر، سوف أتخير الأمر الذي أمامي الآن بكل ثبات وبكل تأني.. إذن تذكر ما اتخذته من قرارات في السابق سوف يساعد، وأرجو أيضا أن تحاول أن تستشرف وتستبصر المستقبل وقل لنفسك: أنا إذا اتخذت هذا القرار سوف ينتج عنه هذه التبعات.. فربما تقول أن ذلك قد يؤدي إلى مزيد من التردد، لا هذا لن يؤدي إلى مزيد من التردد، هذا سوف يجعلك تبني قناعات وحين تبني هذه القناعات وتكون صلبة واتخذت هذا القرار على هذا الأساس سوف يساعدك.

إذن انظر إلى الأمر أمامك وانظر إلى ما اتخذته من قرارات في الماضي وكذلك انظر إلى ما سوف ينتج عن قراراتك في المستقبل.

أمر آخر وفي رأيي هام جدا وهو الاستخارة، وفي رأيي ومن تجاربي الشخصية -وأعتقد أخي أبو عمر سوف تتفق معي تماما- الاستخارة تعتبر أكبر مطمئن للنفس البشرية فيما يريد أن يتخذه الإنسان من قرارات، وكما تعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يعلم الصحابة الاستخارة في كل شيء، يجب أن نرجع إلى هذه الأسس، وصدقني أنك الآن إذا عزمت أنك سوف تلجأ إلى الاستخارة في كل أمر؛ قل في العشرة أيام القادمة سوف تلجأ للاستخارة في كل شيء تود أن تتخذ القرار فيه، وهذا سوف يمثل فتحا وثباتا على الرأي، عود نفسك على مران هذا الأمر.

والذي تعاني منه أيضا الحماس الجارف في بداية الأمر، فحين تحس بالحماس الشديد لأمر ما قل لنفسك: لا، لماذا أندفع ولماذا أتحمس، يجب أن آخذ الأمور بتؤدة وبصيرة وتأني، فالحماس الدافق يعرف عنه تماما أنه ربما يؤدي بالطبع إلى نوع من الشعور بالإحباط وانحسار المشاعر الإيجابية والطاقات النفسية الداخلية، فالوسطية تعتبر أمرا ضروريا.

والجانب الثالث في العلاج هو أن تستشير من تثق بهم، والاستشارة دائما -إن شاء الله- فيها خير وهي تساعد في اتخاذ القرار خاصة بالنسبة للأمور الهامة الكبيرة والعظيمة.

فالأمر ليس مزعجا وعليك أن لا تراقب نفسك كثيرا، وعليك بالإرشادات السابقة علها -إن شاء الله- تساعدك، ونسأل الله أن ينفعك بها.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات