عالجت نفسي من التأتأة ولكن بقيت بعض آثارها، ما الحل؟

0 281

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاما، أعاني من مشكلة التأتأة منذ الصغر، واستمرت المشكلة معي في الجامعة حتى أنني عندما كنت أقف لعرض مشروع أمام الطلاب، كان صوتي ينحبس ولا أستطيع الكلام.

بدأت بالبحث عن علاج المشكلة، وبدأت بالتحسن حتى أصبحت قادرة على إعطاء دروس لمجموعة من الفتيات تصل إلى 20، فأتكلم بطلاقة شبه كاملة وبثقة كبيرة، ومن الملاحظ أنني أقرأ القرآن منذ الصغر بطلاقة كبيرة وبصوت حسن، وأيضا كنت ألقي الشعر بطلاقة، ولكن المشكلة عندما أتكلم مع أشخاص غرباء وخصوصا مع الرجال أو عند الذهاب للسوق والأماكن العامة وعند الحديث مع من هم أكبر مني سنا، حتى أنني عندما أقوم بمقابلات من أجل العمل أرتبك كثيرا وقد لا أستطيع الكلام أحيانا.

فهل من الممكن علاج المشكلة دون استخدام الأدوية مطلقا؟ خصوصا وأني أستجيب للعلاج وللنصائح وأحاول دائما تطوير نفسي.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد قطعت معظم المشوار وتخلصت من التأتأة، وهذا أمر يجب أن يكون محفزا داخليا بالنسبة لك، وهذا من فضل الله وهذه نعمة طيبة، وأرى أن التأتأة من الأشياء التي يمكن أن يعالجها الإنسان بتحفيز نفسه بأي وسيلة كانت، بوسيلة الكلام البطيء أو بوسيلة القراءة بصوت مرتفع أو تخير الكلمات التي يعاني الإنسان من صعوبة فيها ويكررها عدة مرات، هذه الوسائل المختلفة كلها وسائل علاجية معروفة، والمهم أن الإنسان حين يصل لنتيجة إيجابية مثل الذي وصلت إليه أعتقد أن هذا إنجازا عظيما ومحفزا إيجابيا، والذي أراه سوف يقضي على ما تبقى من هذه التأتأة، نسأل الله تعالى أن يحل العقدة التي في لسانك وأن يجعله طليقا.

والذي أرجوه منك هو ألا تراقبي نفسك، هذا هو الذي تبقى، وأنا حقيقة أقدر جدا ما ذكرته أن هذه الحالة (التأتأة) تنتابك في بعض الأحيان حين التحدث مع الغرباء أو من هم أكبر منك أو في الأسواق أو في غيره، ولكن أعتقد أن الرقابة الصارمة -أقصد أنك تودين أن تعرفي مستوى أداء الكلام بالنسبة لك- التي تفرضينها على نفسك، فهذا ربما يقلل من أدائك وربما يؤدي إلى نوع من القلق، وهذا القلق ربما يؤدي إلى تأتأة بسيطة، وهذه التأتأة مهما كانت بسيطة يحدث لها نوع من التضخيم والتجسيم في مشاعرك الداخلية وهذا يجعلك أكثر قلقا.. إذن أرجو أن تتجاهليها ولا تراقبي نفسك مطلقا في هذا السياق.

كذلك اجلسي مع نفسك مفردة وأنت في حالة استرخاء وتأمل وتصوري أنك في مواجهة هذه المواقف التي ذكرت أنك لازلت تحسين بنوع من المعاناة فيها، تصوري هذه المواقف بقوة وشدة، وعيشي هذا التصور بجدية لفترة من الوقت لا تقل عن عشرين دقيقة كل يوم، ويمكنك أن تقومي بمخاطبة داخلية مع النفس كأنك تخاطبين شخصا من هؤلاء الغرباء أو المواقف التي تحسين فيها بأنك غير مرتاحة وتأتيك التأتأة فيها، هذه وسيلة علاجية جيدة.

أيضا عليك بالإكثار من تمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس، واجعلي الشهيق الذي لا يشعر به الآخرون دائما هو البداية لكلامك، فحين تكوني في هذه المواقف خذي نفسا عميقا وأدخلي الهواء في صدرك عن طريق الأنف ثم بعد ذلك ابدئي في الكلام، فهذا يساعدك كثيرا في اختفاء هذه التأتأة البسيطة.

عليك أيضا أن تركزي على الحروف، فهنالك بعض الناس لديهم علة معينة في بعض الحروف، فإذا كانت هذه العلة لديك اكتبي عدة كلمات تبدأ بالحرف الذي تجدين صعوبة في نطقه وكرريه عدة مرات، مع ضرورة الالتزام أن تكوني مسترخية وتأخذي نفسا عميقا من الأنف مع بداية الكلام، وبالطبع فإن الإكثار من تلاوة القرآن يؤدي إلى مزيد من الطلاقة ومزيد من الفصاحة، وأنت -والحمد لله- لديك هذه القدرة منذ البداية، فأرجو أن تستمري على ذلك.

وأنت قد ذكرت أنك لا تودين تناول أي نوع من الأدوية، وأنا أعتقد أن حالتك بسيطة جدا وأتفق معك أنها لا تتطلب أي أدوية، ولكن لا بأس -أختي الفاضلة- أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق إذا كنت تحسين بأي نوع من القلق في تجمع كبير، ومن الأدوية الطبية العقار الذي يعرف باسم (فلونكسول) ويمكن استعماله عند اللزوم ساعتين أو ثلاثة قبل هذه المواجهات، وبعدها يمكن أن تتوقفي عن تناوله.

الكثير من الناس يرى أن الأدوية تجعلهم يحسون بالارتياح، وحين يتحسن أداؤهم في المواقف التي تحدث لهم فيها التأتأة فهذا يؤدي إلى نوع من التحفيز الداخلي، وبالطبع حين يستعمل الإنسان الدواء عند اللزوم فهذا يعني أنه لن يحتاج له مدة طويلة.

وعموما ربما تكفيك هذه النصائح التي ذكرناها، والتي أعرف أنك على دراية بها ولكني وددت أن أؤكد عليها، وأسأل الله لك العافية وأن يطلق لسانك ويعافيك من كل سوء.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات