مخاوف مستمرة من مواجهة المواقف المحرجة وصداع يستمر لعدة أيام

0 365

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي ثلاثة أمور واستفسارات أود من الدكتور محمد عبد العليم الإجابة عليها:

الأمر الأول: المشكلة الحالية التي أعاني منها هي وجود المخاوف المستمرة من مواجهة موقف محرج عند الشرح أو الخطابة أمام المدراء أو المسئولين وكأنه شبح يطاردني.

مع العلم بأني لم أتعرض إلى الآن لذلك الموقف ودائما أحاول التهرب، كما أني أعترف بأن حالتي النفسية تطورت جدا - ولله الحمد - بالنسبة للنشاط والحيوية، ولا أتخوف من أي موقف آخر، ولكن لا زال في أعماق قلبي إحساس بشيء يذكرني بالموقف المحرج، ولا أدري كيف أزيل هذا الإحساس نهائيا لأنه يكون لي مثل الشبح الذي يطاردني وكأن نفسي مخدرة، ودائما أفكر بأني إذا تعرضت لذلك الموقف فهل سيتغير وضعي، ولا أنحرج وسأتكلم بطلاقة؟

الأمر الثاني: في بعض الأوقات أشعر بصداع في الرأس يستمر لمدة أربعة أو خمسة أيام ولا أنام جيدا، وأشعر بأني مخدر، وفي بعض الأحيان أشعر بخفقان قوي في قلبي يستمر لعدة دقائق حتى ولو كنت مسترخيا أو جالسا من النوم، وهذه الحالة أصابتني عندما كنت مسافرا للسياحة.

الأمر الثالث: لقد غيرت من الفافرين إلى الزيروكسات كما نصحتني من شهر تقريبا، فما هي الخطوة التي يجب علي أن أعملها؛ لأن التهرب من ذلك هو حلي الذي أعمله حاليا؟

أرجو أن تساعدوني كما ساعدتموني من قبل، ولكم من الله عظيم الأجر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو علي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأحمد الله أنك في تحسن، ولكن الذين بقي لديك هو ما يعرف بالقلق التوقعي، والقلق التوقعي ربما يكون مزعجا بعض الشيء ولكن بالإصرار والعزيمة والتفكير الإيجابي وتطبيق العلاجات السلوكية بالصورة الصحيحة يزول هذا النوع من المخاوف بإذن الله تعالى.

فأنت مطالب بما يعرف بالتعرض في الخيال، وربما تحتاج لجرعة زائدة من هذا النوع من العلاج السلوكي، فعليك أن تجلس في مكان هادئ في غرفتك مثلا وتغلق الغرفة وتتأمل أنك في هذه المواجهات وأنك تقوم بمخاطبة جمع كبير من الناس، أو أنك تقوم بالصلاة في المسجد الكبير وتقوم بإلقاء الخطبة أو تؤم الناس، وأفضل تماما أن تقوم بتسجيل ما سوف تقوله في هذه الخطبة أو غيرها من المخاطبات الاجتماعية ثم بعد ذلك تستمع لنفسك، فهذا سوف يعطيك الشعور بالأداء الجيد، وهذا الأداء نفسه يعتبر نوعا من الحافز الذي يقلل من المخاوف الاجتماعية، فهذا التعرض في الخيال يقرن بشيء من التطبيق، وفي هذه الحالة هو أن تخطب وتتخيل أنك تخاطب مجموعة كبيرة من الناس أو أنك تواجه مديرك في العمل أو أي شخص ذو مكانة مرموقة ... وهكذا. فقم بتسجيل ما تقوم به من تخاطب واستمع لنفسك وكرر ذلك بصورة يومية مع ضرورة تغيير المحتوى من ناحية الخطبة أو ما سوف تقوم به من تفاعلات اجتماعية.

كما أرجو منك أيضا أن تحاول أن تحقر هذه الفكرة، فقل لنفس: لماذا أنا أفكر هكذا؟ هذا مجرد قلق توقعي ولن يهزمني أبدا؛ بل سوف أهزمه ولن أراقب نفسي بهذه الدقة الشديدة.

كما أن هنالك شيئا لا بد أن أؤكده لك؛ وهو أن لديك نوعا من التضخيم في مشاعرك، ومع ذلك فأنا أجد لك العذر، ولكن أود منك أن تتذكر ذلك، فتذكر أن هذه المشاعر التي تأتيك - كأنك مخدر أو كأنك شبح - مشاعر قلقية متضخمة ومتجسمة، وأعتقد أن إلمامك بهذه المعلومة ثم بعد ذلك محاولتك تحقير هذه المشاعر في حد ذاته يعتبر علاجا جيدا.

وأما بالنسبة للآليات الاجتماعية التفاعلية غير المباشرة فإنها تعتبر مهمة جدا؛ فمنها الرياضة الجماعية، وهذه الرياضة الجماعية وجد أن قيمتها عالية جدا في معالجة هذا النوع من المخاوف مثل كرة القدم لأن الإنسان يتفاعل بصورة شعورية وغير شعورية أيضا في مثل هذه اللقاءات، وأيضا المشاركة في حلقات التلاوة يعتبر تفاعلا إيجابيا متميزا في اختفاء مثل هذه المواقف القلقية والتوترية.

وأما بالنسبة للزيروكسات فهو دواء طيب وفعال جدا، وأنت الآن تستعمله تقريبا منذ شهر، وأتصور أنه منذ الآن سوف يبدأ التفاعل الكيميائي الإيجابي، والجرعة في رأيي يمكن أن تكون حبتين في اليوم (40 مليجراما)، وإذا كان الخفقان بالشدة والانزعاج الشديد والاستمرارية فلا مانع من أن تأخذ دواء آخر يعرف باسم (إندرال)، فهذا الدواء جيد جدا وهو دواء إسعافي وبسيط جدا، فتناوله بجرعة 10 مليجرامات صباحا ومساء لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك يمكن أن تتناوله عند اللزوم.

وأعتقد - إن شاء الله - أنه بالثقة والإصرار وتحقير هذه الأفكار القلقية ومواجهتها بصورة يومية سوف تجد إن شاء الله أنك قد خرجت تماما من دائرة القلق والتوتر، وعليك أن تسخر طاقاتك فيما يخص الوظيفة والعمل، وأن تكون مجيدا وحاذقا ومتفوقا، فهذا -إن شاء الله- يعطيك أيضا نوعا من الحافز الاجتماعي الداخلي، ويقلل من هذه المخاوف بإذن الله تعالى.

وأسأل الله لك التوفيق والشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات