الأعراض الجسدية للاكتئاب ووسائل العلاج

0 576

السؤال

السلام عليكم.
أعاني منذ أكثر من خمس سنوات من الاكتئاب، لكنه يخف أحيانا ويزداد بعد الولادة، والآن قد ولدت طفلتي ولي شهرين تقريبا أعاني من الاكتئاب كما وصفه الأطباء، وأعراضه هي تنميل وسخونة في الجسم ورجفة في الأعضاء وعدم القدرة على الرؤية بشكل واضح، والشعور بأني في حلم وضيق شديد، خصوصا عند الاستيقاظ من النوم وكذلك إحساس بالموت وثقل بالرأس وسماع أصوات كثيرة عند ذهابي للنوم، وثقل في الجسم والأطراف أيضا عند النوم وأشياء أخرى كثيرة.

فهل هذه أعراض القلق والاكتئاب؟ وهل دواء (بروزاك 40 ملج) في اليوم هو العلاج المناسب لي؟ وهل يزول هذا المرض؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا ننكر مطلقا أن الاكتئاب من الأمراض النفسية المنتشرة، وهناك دراسات تشير إلى أن 40% من الناس ربما يكون لديهم نوع من الاكتئاب النفسي، وبالطبع النسبة أقل من ذلك كثيرا؛ لأن 10% من الذين يشخص الاكتئاب لديهم، ويقال إن 4 إلى 5% فقط هم الذين يتلقون العلاج الصحيح، أي أن الاكتئاب مرض منتشر ولكنه في نفس الوقت لا يشخص في كثير من الحالات؛ لأن بعض المرضى يذهبون إلى الأطباء ويتنقلون بينهم، ويحاولون إيجاد التفسير العضوي لحالاتهم وبعضهم لا يقبل التفسير النفسي.

ولكن عموما الوعي بين الناس الآن أصبح أفضل في تفهم الاكتئاب وتقبل علاجه، وهو يعتبر واحدا من الأمراض المشابهة للأمراض الأخرى مثل ضغط الدم والسكري وغيرهما.

وأرجو دائما أن لا تكوني متشائمة أبدا، وأؤكد لك أن الاكتئاب يمكن أن يعالج، ومن أهم سبل علاج الاكتئاب هو أن نفهم طبيعته ونفهم أنه يمكن أن يعالج تماما ونفهم أن من أهم وسائل علاجه هو أن يكون الإنسان فعالا في حياته فيكون منتجا ويهتم بدوره، ويجب أن يجيد في وظيفته وإذا كانت ربة منزل مثلك فهنا الواجبات الزوجية والقيام بأمر تربية الأطفال وهي مهمة عظيمة، والتواصل الاجتماعي وصلة الأرحام والحفاظ على العبادات في وقتها، فهذا كله من الوسائل الممتازة لمحاربة الاكتئاب، ولكن الكثير من الناس يغفل عنها.
وبالطبع قد يفقد الإنسان الرغبة في عمل الأشياء ولكن على الإنسان أن يجاهد نفسه وألا يعتقد أنه أمام عقبة كئود لا يمكن تجاوزها، بل يمكن تجاوز الاكتئاب ويمكن هزيمته بهذه الوسائل المعرفية والتي تقوم على التفكير الإيجابي وعلى الفعالية.
فمن الواضح أن الاكتئاب لديك فيه الجوانب الجسدية، أي أن الأعراض الجسدية كثيرة، وهذا نلاحظه في بعض حالات اكتئاب ما بعد الولادة؛ فهذا الاكتئاب يستجيب للعلاج بصورة جيدة وممتازة جدا بجانب الإرشاد السابق – والذي أرجو أن تطبقيه – وتناول الأدوية المضادة للاكتئاب وهي موجودة وكثيرة وتختلف في أنواعها وطريقة عملها ولكنها معظمها فعالة وجيدة وسليمة.

البروزاك دواء جيد ولكنه لا يساعد على تحسين النوم، وهذا ربما يعاب عليه، وجرعة 40 مليجرام منه تعتبر جرعة علاجية متميزة، والذي أفضله لك هو العقار الذي يعرف باسم (ريمانون) وسيكون علاجا جيدا بالنسبة لك لأنه محسن للنوم لدرجة كبيرة، وجرعته هي حبة واحدة (30 مليجرام) ليلا ويجب أن تتناوليها بانتظام، وهو إن شاء الله سوف يساعدك كثيرا.
وبجانب (الريمانون) هناك دواء بسيط جدا مضاد أيضا للقلق يعرف باسم (فلونكسول)، فيكمن أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة (نصف مليجرام) في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ويجب أن تستمري على الريمانون لفترة ستة أشهر بمعدل حبة واحدة، ثم بعد ذلك يخفض إلى نصف حبة (15 مليجرام) لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.
والمدة يجب أن لا تقل عن ستة أشهر؛ لأن ذلك يقلل من فرص الانتكاسة، وهناك من الأطباء والعلماء النفسيين المعتبرين من يرى أن الإنسان إذا استمر لمدة أطول تسعة أشهر أو سنة ربما يكون أفضل، ولكن في نظري هذه المدة (ستة أشهر) سوف تكون كافية؛ فقط عليك بالفعالية وأن لا تستسلمي وأن تتذكري دائما النعم العظيمة التي وهبك الله إياها مثل الذرية والزوج الصالح وغيرها من النعم، وعلى الإنسان أن يجاهد وأن يكافح ويكابد ولا يفكر في التفكير السلبي الاستسلامي، بل عليه أن يفكر تفكيرا إيجابيا؛ لأن التفكير الإيجابي يرفع من همة الإنسان ويزيل منه الاكتئاب.

وبالنسبة لإرضاع الطفلة مع تناول الأدوية فكثير من الأطباء يرون أن الأسلم والأفضل أن لا يرضع الطفل حين تناول الإنسان هذه الأدوية، ولكن عموما (الريمانون) هو دواء سليم ولن يؤثر كثيرا على الطفل، فقط ربما يزيد من نوم الطفلة قليلا، وإذا كنت تحسين بأي نوع من المضايقة أو الشعور بالذنب حيال الطفلة فمن الأفضل أن لا ترضعيها وأنت تتناولين الأدوية، فإذا أردت إرضاع الطفلة فلا بأس من ذلك لأن الضرر من تناول الدواء إن شاء الله لن يحدث لها فقط زيادة في النوم، وإذا أردت أن تكوني في الجانب الأحوط والأسلم هو أن لا ترضعيها.
وشيء آخر وضروري: وهو عليك أن تحاولي أن تتجنبي النوم النهاري؛ فابذلي جهدا حركيا في أثناء النهار وأثناء يومك، فهذا إن شاء الله يقلل لديك القلق، وما ذكرتيه من سماعك لأصوات كثيرة عند الذهاب للنوم فهذه ملاحظة دقيقة ومهمة جدا بالنسبة لي؛ فحقيقة هي تعني وجود نوع من القلق المعين الذي عادة يحدث للذين لا يرتاحون في النوم أو الذين يميلون كثيرا للنوم النهاري في بعض الأحيان، وكما أرجو أن تحاولي تثبيت وقت نومك ليلا، وأنا أقدر تماما أن الطفلة ربما تحتاج إلى نوع من الخدمة الليلية ولكن إن شاء الله الدواء لن يعطلك في ذلك.

عموما أسأل الله لك الشفاء وأؤكد لك أنك لن تخسري حياتك بإذن الله ويمكنك أن تعيشي حياة طبيعية جدا؛ فقط كوني فعالة وأكثر إيجابية وأكثر تفاؤلا، وبإذن الله تعالى مع تناول الدواء سوف تجدين الأمور جيدة جدا.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات