السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي ابن عمره سنتان وعشرة أشهر، في شهر يناير جاءه تشنج وذلك من السهر؛ لأنه كان ينام الساعة 12ليلا لمدة يومين، وهو نائم في الصباح تشنج لمدة ثوان ونام، وتكررت الحالة في هذا الشهر وأخذناه للدكتور وحولنا إلى المستشفى وعمل له كل التحاليل، وفحص الرأس وكله سليم، وبعد أسبوعين أيضا تشنج، أخذناه إلى المستشفى وقالت الدكتورة: علا حسب ما وصفنا لها الحالة أنه صرع؛ لأنه ليس عنده (حرارة) لكن بسبب السهر، وصرفت له حبوب اسمه Tegretol يأحذ نصف حبة في المساء لمدة 5 أيام وبعده نصف حبة الصباح والمساء لمدة 5 أيام، ثم نصف حبة الصباح وحبة مساء وبعده مقابلة.
سؤالي: هل ابني مصاب بالصرع لأن الدكتورة غير متأكدة؟ وما هو الصرع وأسبابه؟ وهل له علاج؟ والدواء هل هو علاج أم مهدئ وما مصير ابني في المستقبل؟ هل سوف يشفى من هذا المرض لو أخذ العلاج؟
أرجو أن تساعدوني... فأنا لا أنام لا ليلا ولا نهارا... تشنج ثلاث مرات... المرة الأولى في شهر يناير... والثانية في شهر 5 هذا وبعده بأسبوعين... والحالة رجفة وهزة رأس يغلب عينه وتخرج رغوة من فمه بسيطة لمدة ثوان ويواصل نومه بعد ذلك يستيقض عاديا، فهل الصرع مرض خطير؟!
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أؤكد لك أن الوصف الذي وصفته في نهاية رسالتك يدل أن هذا الابن بالفعل يعاني من تشنجات صرعية، وهذا الوصف الدقيق يعتبر كاف جدا للتشخيص، علما بأنه يمكن أيضا إجراء تخطيط للدماغ، وهذا التخطيط يوضح نوع الصرع وقوته، وإن كان التخطيط للدماغ لا يعتبر تشخيصا دقيقا، فيعرف أن الحالات التي تعاني من مرض الصرع 40 % منها ربما يكون التخطيط لديهم سليما.
وعموما الوصف الإكلينيكي وما تشاهده العين يعتبر هو الوسيلة الأنجع للتشخيص وتأتي الفحوصات الأخرى - وخاصة عمل تخطيطا للدماغ - شيئا مكملا للتشخيص.
وكما ذكرت إذا كان التخطيط سلبي فهذا لا يعني عدم وجود الصرع.. وعموما لا أريد أن أزحمك بكل هذه المعلومات ولكن الصرع كما ذكرت معروف منتشر جدا؛ فهنالك صرع مسبب وهنالك صرع لا توجد له أسباب، والصرع المسبب يحدث من إصابات للرأس أو انقطاع الأكسجين عند الولادة أو وجود التهابات أو أورام في الدماغ؛ وهذا بالطبع كله لا ينطبق على حالة ابنك العزيز.
وهنالك نوع من الصرع لا يعرف له أي سبب وكل الفحوصات تكون سليمة وربما يكون هنالك نوع من الميول الأسري – لا أقول الوراثة الكاملة ولكن تلاحظ أن الصرع يجري في بعض الأسر – علما بأن الصرع يصيب - نسبته ليست قليلة وهذا يجب أن نتأكد منه – 2 إلى 5 أشخاص من كل 200 شخص.. فهو من الأمراض المعروفة وهو ينتج بالطبع نوع من الخلل في التوصيل الكهربائي في بؤر معينة بالمخ، فهنالك بؤر معينة في المخ ربما تحدث فيها نوع من الإثارة الكهربائية التي تؤدي إلى ظهور هذه الحالات والتشنجات.
وهنالك نوع من الصرع يعرف بالصرع الوظائفي أو الصرع الهستيري الذي هو ناتج من القلق والتوتر النفسي، وهذا نشاهده في الأشخاص الذين لديهم ضغوطات في حياتهم وربما تكون شخصياتهم ليست بالقوة والاعتمادية الكاملة.. وهذا يزول بتقدم العمر وهذا لا ينطبق على ابننا العزيز.
أيضا أريد أن أؤكد أنه الآن بفضل من الله تعالى يمكن علاجه بنسبة 90 %، وهذه نسبة عالية جدا، والحمد لله توجد سبعة إلى عشرة أدوية تعالج الصرع بصورة جيدة، والتجرتول هو دواء جيد وهو الدواء يبدأ به الأطباء دائما لأن مستوى سلامته عال جدا بالنسبة للأطفال ويعرف أن الأطفال يستجيبون حياله بصورة جيدة.
الذي أرجو أن أوصيك به هو الالتزام التام والمطلق بإعطاء ابنك هذا الدواء في موعده؛ وهذا أمر ضروري جدا؛ لأن تأخير الدواء يؤدي إلى نوبات صرعي انسحابي، وهذا بالطبع يقلل فرص الشفاء، فنحن نقول إذا لم تنتاب الطفل أي نوبات وهو على التزام بتناول الدواء لمدة سنتين أو ثلاثة قد يفكر الطبيب بعد ذلك في إيقاف الدواء، فيعتبر تناول الدواء بالجرعة الصحيحة هو المحك الأساسي الذي يحدد حقيقة الاستجابة للعلاج والشفاء من عدمه..
إذن أرجو أن تكوني حريصة على إعطاء الطفل الدواء، ونحن نكون حريصين في الأطفال لأن هذه المرحلة هي مرحلة النمو وتكون الخلايا العصبية؛ فهذه الخلايا حين يتشنج الطفل ينقطع منها الأكسجين الذي ربما لا يكون من صالح التطور الذهني والعصبي بالنسبة للطفل، وعموما التحوط دائما هو الأجود والأفضل، وأنا على ثقة كاملة أنه سوف يعيش هذا الابن حياة طبيعية وسوف يذهب إلى الروضة وإلى المدرسة، وبالطبع أرجو ألا تعامليه على أنه طفل معاق أو طفل خاص، نعم الرأفة والرحمة موجودة من قبل الأبوين وهو أمر غريزي وجبلي لا شك في ذلك، ولكن الذي أنصح به هو ألا تكون هنالك أخطاء تربوية مثل الحماية المطلقة على الطفل لأنه يعاني من هذه العلة، بل يجب أن يعرف كل أصول التربية الصحيحة ويجب أن يعرف نعم ويجب أن تكون التربية قائمة على مبدأ الترغيب والترهيب البسيط ويعيش الطفل حياة عادية جدا، وحين يصل إلى عمر معين مثل أربعة سنوات هنا يستطيع الطفل أن يستوعب ويمكن أن يشرح له بلغة بسيطة نوعية هذه العلة التي يعاني منها وأهمية الدواء لأن ذلك يحسن كثيرا من استعداده لتناول الدواء.
نسأل الله تعالى له الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.