أثر العامل النفسي في تبول الطفل اللاإرادي

0 566

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لدي طفلة عمرها ثلاث سنوات، منذ فترة وهي تكسر أي شيء - لعبها أثناء اللعب وأغلب ما تمسكه- وخاصة أثناء بكائها تأخذ أي شيء وترميه على الأرض ثم تأخذه وترميه حتى ينكسر، كما أنها كثيرة البكاء لكي تأخذ ما تريده، وكثيرة العناد جدا، وتتبول لا إراديا ليلا فقط، وعند استيقاظها تبكي ولا تنهض من السرير إلا إذا ذهبت إليها وحملتها.

كما أن لدي ابنة أخرى عمرها خمس سنوات ونصف عندها تأتأة في بعض الكلمات في بعض الأوقات فقط، خاصة عند الخوف من شيء أو من العقاب، مع أنها تتكلم بطلاقة غالبا، وكثيرا ما تمص أصبع يدها الإبهام خاصة، كما أنها تتبول لا إراديا كثيرا، مع أنها في أحيان قليلة تستيقظ للتبول في الحمام وتوقظني للذهاب معها، وهي كثيرة العصبية، ولعبها أحيانا يشبه لعب الأولاد، مع أني وجهتها كثيرا ليكون لعبها هادئا لأنها بنت ولكن دون جدوى، فهل بناتي يحتجن لطبيب نفسي؟ أم ماذا أفعل معهما؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجلاء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذا التصرف من الطفلة التي عمرها ثلاث سنوات ليس مستغربا وهو يحدث كثيرا لدى الأطفال في هذا العمر، وهو دليل على الاحتجاج، فالطفل يعبر عن احتجاجه بأن يكسر ما حوله أو يرميه على الأرض كما ذكرت، وبالطبع هذه الأشياء وهذه التصرفات لا تكون وليدة اللحظة ولكنها نتيجة لتجمعات تربوية مختلفة، وبما أنها كثيرة البكاء وكثيرة العناد أرى أنها ربما تكون تعودت على نمط معين فيما يخص الاستجابة لرغباتها وربما تكون أخذت نوعا من الاهتمام المعين ثم بعد ذلك بدأت تفقد هذا الاهتمام.

وبالنسبة للتبول اللاإرادي أرى أن الطفل في هذا العمر - ثلاث سنوات - لا نقول: إنه يتبول لاإراديا لأن الأمر قد يكون مزعجا بعد خمس سنوات، ولكن أتفق معك أن هناك الكثير من الأطفال لا يتبولون التبول اللاإرادي عند الوصول إلى هذا العمر.

ولابد أن نربط حالة الطفلة بحالة أختها والتي تبلغ من العمر خمس سنوات ونصف، فدائما حين تكون هناك بعض اضطرابات المسلك – كما هو حادث بالنسبة لطفلتك الأخرى – فإننا ننظر نحن دائما إلى الطفل كفرد قائم بذاته، وننظر إلى محيطه، أي ننظر إلى الأسرة، وننظر إلى المجتمع والمدرسة بصفة عامة، وذلك لتحديد مكان الخلل، فإما أن تكون المشكلة في الطفل أو تكون المشكلة في البيت أو تكون المشكلة في مجتمعه والذي نقصد به المحيط المدرسي حين يذهب الطفل إلى المدرسة ... فهذا هو الإطار العام، وأرجو أن تؤخذ هذه الأمور بحساسية ولن يقصد بها اللوم لأي أحد بالطبع، ولكن هذه هي الأسس الثلاثة التي يعتمد عليها التربويون والأطباء النفسيون في تحديد لماذا يصاب الطفل بهذه الاضطرابات المسلكية أو ما يسمى باضطرابات عصاب الطفولة.

عموما هي قد تنتهي وحدها ولكنها دليل على عدم استقرار الطفل لدرجة ما، والذي أنصح به - وهذا ليس انتقادا تربويا - هو أن تكون هناك موازنة في التعامل مع الأطفال، فهذا التوازن يكون على ترغيب الطفل وعلى الاهتمام به وعدم انتقاده، ولكن في ذات الوقت لا يدلل أكثر مما يجب، فيكون هناك نوع من الموازنة التربوية، وهذا يجعل الطفل يشعر بالطمأنينة ويحس بالتوازن الوجداني الداخلي مما يجعله يتصرف بصورة معقولة.

ولا شك أن التبول اللاإرادي بالنسبة للطفلة التي تبلغ من العمر خمس سنوات ونصف ربما يدل على أنها تعاني من شيء من القلق وعدم الارتياح وهو أيضا تعبير عن الاحتجاج لدى بعض الأطفال ولكنه تعبير بصورة غير مباشرة.

وهنالك نوع من العلاجات التي تعطى ولكني لا أحبذ الدواء في هذه السن، فالذي أرجوه هو أن تشعري هذه الطفلة بقيمتها وأن تحفزيها وأن تشجيعها ولا تنتقديها مطلقا، وهذا بالطبع يجعلها أكثر اطمئنانا، وبعد ذلك يمكن أن تقومي بنوع من التوجيه فيما يخص التبول اللاإرادي، فيجب أن لا تنتقد وأرجو أن تعود بأن تمسك البول وتحصره في أثناء النهار؛ فهذا يعطي فرصة للمثانة في الاتساع، وكذلك حاولي أن تدربيها بأن تذهب إلى الحمام وتقضي حاجتها ويجب أن تجلس قليلا بعد انقطاع البول؛ فهذا يعطي للمثانة أيضا فرصة لإنزال كل ما يوجد من بول.

وأيضا أرجو ألا تتناول الطفلة أيا من المثيرات التي تؤدي إلى زيادة إفراز البول قبل النوم خاصة الحليب والشاي والبيبسي وغيرها، فأرجو أن يقلل من هذه المشروبات قبل النوم.

فهذه الأسس تجعل الطفل يتعود على التحكم في التبول، ونصيحتي التربوية العامة وهي بالنسبة لابنتك الكبرى يجب في هذا السن قطعا أن تذهب إلى المدرسة ويجب أن تتاح لها الفرصة للاختلاط ببقية الأطفال لأن الطفل يتعلم كثيرا من الطفل، وحتى أختها الصغرى إذا أتيحت الفرصة وتأخذ إلى الروضة فهذا أيضا يطور الطفل من الناحية التربوية ومن الناحية المسلكية.

ولا أعتقد أن هناك حاجة لأخذ الأطفال إلى الطبيب النفسي في هذه المرحلة، فهذه ظاهرة موجودة، وباتباع الإرشادات السابقة أرى أن الأمور قد تتحسن كثيرا بإذن الله، ولابد أيضا أن تتبعي أنت ووالدها نفس المنهج التربوي، بمعنى أن التشجيع يجب أن يكون من الوالدين وأن لا يكون هناك نوع من التدليل الزائد ولا يكون هناك نوع من الانتقاد الحاد، فهذا الأمر يجعل الطفل مطمئنا، ولابد أن يكون الجو العام للأسرة باعثا على الطمأنينة، فأجمل الأمور أن يتناول أفراد الأسرة الطعام مع بعضهما البعض ويكون هناك نوع من الجلسات الأسرية، وبالطبع لا تناقش الخلافات بين الأزواج أمام الأطفال، وفي نهاية الأسبوع خروج لبعض الزيارات أو الذهاب إلى المتنزهات... وهكذا، فهذه الأمور تخلق كثيرا من الجو الإيجابي بالنسبة للأطفال..

كما أن اللعب يعتبر شيئا هاما وضروريا جدا في حياة الطفل، وليس من الضروري أبدا أن تكون اللعبة مكلفة، وبالطبع الناس يختلفون في مقدراتهم، ولكن اللعبة مهما كانت بسيطة وصغيرة هي وسيلة تعليمية وتربوية ممتازة جدا إذا أحسنت استعمالها، وهي تمتص الكثير من غضب الطفل واحتجاجه وتحسن من مسلكه.

أنا على ثقة كاملة أنك متوعية ومدركة تماما لهذه الإرشادات ولكن الأمر يتطلب التذكرة.

وفي حالات قليلة يعرض علينا بعض الأطفال الذين لديهم بعض المشاكل من النوع الذي ذكرتيه، ولكن اتضح لنا بعد فترة من الاستقصاء الفحصي أن المشكلة ليست في الأطفال إنما المشكلة في الأم أو الأب، فنجد بعض الأمهات يعانين - على سبيل المثال - من الاكتئاب النفسي، والأم لا تستطيع أن تتحمل، فتكون قليلة التحمل وهي لا تدري أنها مكتئبة، وكذلك الأب، وهذا ذكرته فقط كمعلومة إضافية وبالطبع لا أعتقد أنك مكتئبة فأرجو أن لا تحسي بأي نوع من عدم الطمأنينة في هذا السياق.

وختاما أرجو أن لا تنزعجي؛ فهذه مرحلة تطورية في حياة الأطفال وسوف تنتهي إن شاء الله بسلام وأمان.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات