رفض أهل المخطوبة بسبب اختلاف النسب

0 469

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وبعد:
أنا شاب في السادسة والعشرين من العمر، ملتزم بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وأقوم بما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، حاصل على شهادة البكلوريوس بالمحاسبة من جامعة مرموقة، أعمل بشركة كبيرة براتب جيد جدا، وأعمل بعد ذلك مع والدي بمجال السيارات السياحية.

أسرتي عائلة تخاف الله، والدي ووالدتي متماسكان، ويمداننا بالحب والعطاء والحنان، أخي الذي يصغرني يعمل بدولة خليجية، وهو خاطب، وأختي التي تصغرني ما زالت تدرس بالجامعة.

أحببت فتاة ملتزمة بدينها؛ لتعينني على تحقيق الخلافة بالأرض وعمارتها وإقامة شريعة الله عز وجل، ونحن لا نختلف كثيرا بالتربية والنشأة والخلفية الاجتماعية، أو الثقافية، أو حتى المادية، بالإضافة إلى كوننا جيران، وتجمع عائلتي جوار واحترام مع عائلتها.

تقدمت عائلتي إليهم ليزوجونها، وتمت مقابلة ذلك برفض شديد من والدتها وأخي الفتاة، وبمحايدة من قبل والدها!.

الأسباب التي تم التعويل عليها متمثلة بأمور عرقية بشكل جوهري، بمعنى أنني أنحدر من أصل مدينة ليست من مدينتهم، فهم في الزمان السابق كانوا من أهل المدن، ونحن من أهل القرى! وهذه أمور لم نكن نتبادلها، وبالإضافة إلى أنهم ملتزمون بالدين، وهذا ما أشعرني بصدمة كبيرة.

نحن لم نعش في البلاد التي جاء جدي منها، وبالعكس فأنا متمتع بجنسيتين، وولدت وترعرعت، ودخلت الجامعة نفسها التي دخلتها الفتاة، حتى لهجة عائلتي ونشأتها مشابهة لعائلة الفتاة.

أما سبب رفض أخيها، وهو صديق جمعتني به صداقة ست سنوات، تكللتها مواقف كبيرة وكثيرة وسفر، وخاصة إلى زيارة مكة المكرمة لأداء عمرة مرتين، شعر بوجود معرفة مسبقة مع أخته التي أطلب الزواج بها؛ لتمسكها بي، وتمسكي الشديد بها، مع تأكيدي عكس ذلك.

بعد زيارة عائلتي بشكل رسمي لها، قمت بمقابلة والدها ووليها، وكان محايدا، لجأت إلى كبير عشيرتها، وتدخل، ولكن تم رفض طلبه، جاء خال الفتاة من الخارج حيث يقيم، وقابلته، ولكن للأسف لم أنجح! حاول والدي التحدث مع والدها، ولكن كان والدها يؤجل المقابلة بحجج العمل، إلى أن تمت المقابلة، وذهبت أنا ووالدي إلى بيتهم، للأسف قام باستقبالنا بصورة تدل على عدم تقدير، وأجلسنا في تسوية المنزل بدلا من الصالون، واستحملت كل ذلك أنا ووالدي الذي لا يقل مكانة اجتماعية أو مادية عنه!.

حاولنا جاهدين بوجود والد الفتاة وخالها وجدها، ولكن لم ننجح مع عقولهم المتعنتة، وذهبوا إلى التحجج بأمور داخلية خاصة بهم، من أبرزها أن عائلتي وعائلتهم ليستا على خلفية واحدة؛ لاختلاف الأصول، واتهموني بأني أقل منهم دينا، وبوجود بعض الشبهات على أخلاقي، وهو زور وبهتان؛ لأنه لم يفصح أكثر من ذلك! وهل من المعقول أن أكون شخصا بدين وأخلاق قليلة، وأبحث عن فتاة ملتزمة بدينها؟ أليس من المنطق أن أبحث عن فتاة قليلة الدين والاخلاق أيضا؛ حتى يكون هناك تجانس بيننا؟ بالإضافة أن أختي قامت بتوصيل رد الفتاة: أنها تريدني بالحلال، وموافقة على شخصي.

لقد أحسست بضيق شديد؛ لإحساسي بالمهانة منهم، وقمت باتخاذ قراري النهائي بالتوقف! أدى ذلك إلى انهيار الفتاة، واكتئابها لمدة، وأنا الآن أشعر بتأنيب الضمير على الحالة التي وصلت إليها الفتاة، وعدم الراحة والتركيز الذي أصابني بأمور حياتي المختلفة، ماذا أفعل؟ لقد ضاقت بي السبل والطرق، أحبها ولا أستطيع تركها!

أرجوك أن تساعدني!

مجدي
عمان - الأردن
E-mail: majdiz@ccs.com.jo

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/مجدي حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير وأن يرضيك به، وأن يرزقنا جميعا السداد والرشاد، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته! وبعد:

فإن نعم الله عليك كثيرة، وفضل الله عليك عظيم، فاجتهد في طاعة الله وشكره، فإن الشكر يقيد النعم، ويمنعها من الزوال، وأقل ما يجب على من أنعم الله عليه بنعمة ألا يستخدم نعمة الله في معاصيه، وقد أعجبني حرصك على الخير، والتزامك بالإسلام، ونسأل الله أن يوفقك إلى الخير!.

ولكن - يا بني - نحن نخطئ عندما نتوسع في علاقات عاطفية دون مراعاة لضوابط الشريعة، فإن الخطوة الأولى في المشوار بعد رؤية الفتاة هو التقدم لطلب يدها رسميا، ولكن الشباب في زماننا يؤسس علاقات عاطفية، ولا يراعي الضوابط الشرعية والعادات المرعية، لا يهتم بأن يتعرف على من هم حول الفتاة من الوالدين والإخوان وغيرهم، وقد أحسن من قال من السلف: "لن أتزوج فتاة حتى أنظر إلى ولدي منها" فقالوا له: "وكيف ذلك ؟" قال: "بالنظر إلى أبيها وأخيها؛ لأن الابن يأخذ عنهم".

وإذا كنت على صداقة مع أخيها، فلماذا لم تخبره منذ البداية؛ لأن إدارة تلك العلاقات من ورائه كان من أسباب رفضه، وبذلك خسرت أقرب الناس إليك.

وأرجو أن توقف الاتصالات والمحاولات، وتصبر قليلا؛ لأن إصرارك وحرصك على مقابلة أهلها وكبير عائلتها، وإدخال أطراف أخرى من أهل الفتاة عقد الأمور، ورسخ العناد عند أسرة الفتاة.

ولاشك أن الطريقة التي يفكر بها أهل هذه الفتاة لا تشجع على الاستمرار في المحاولات، وإذا جاءت موافقة، وتم الزواج، فسوف يتدخل هؤلاء في حياتكم الخاصة مستقبلا، وربما ألقى هذا العناد بظلاله على سعادتكما.

وأرجو أن لا تتأثر باتهامهم لك، فهؤلاء قوم حددوا وجهة نظرهم قبل أن ينظروا في الأسباب، وإذا استطاعت الفتاة أن تعلن رغبتها الحقيقة لأهلها، فسوف تتغير طريقتهم في التفكير، وتخف عندهم روح العناد، وإذا صعب عليها ذلك، فأرجو أن تدعو لها بالخير، وتبحث عن غيرها، فالنساء كثير!.

وأرجو أن يتسع صدرك لتلك الردود، ولن يضرك هذا الرفض، فلعل الخير في ترك هذه الأسرة، ولا ذنب لك في ما حدث للفتاة، فقد ظلمها أهلها.

واجتهد في ذكر الله وطاعته، وعمر قلبك بحب الله ورسوله، واستغفر الله على ما مضى من التوسع في العلاقات، فإن لكل مخالفة شرعية آثارها وثمارها ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة))[النور:63]، وعليك أن تشغل نفسك بالخير، واحرص على إتقان عملك، وتوجه إلى الله؛ فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، وابتعد عن أماكن وجود هذه الفتاة، وعود نفسك الترك، فقد تصبح هذه الفتاة زوجة لرجل آخر مستقبلا، فأخشى أن تتبعها نفسك؛ فتهلك وتهلك.

وأرجو أن تستفيد من هذه التجربة، واحرص على أن تأتي البيوت من أبوابها، فمعرفة أهل الفتاة وموافقتهم هي الأساس، (فلا نكاح إلا بولي)، والحب الحقيقي هو الذي يبدأ بالرباط الشرعي.

واعلم أن نسبة نحاج مشروع الزواج تزداد إذا كانت هناك موافقة في العادات والتقاليد، وتقارب في مستوى التعليم، وتشابه في الأفكار، وأهم من كل ذلك صلاح الدين وجمال الأخلاق، وأنت -ولله الحمد- ممن يهتم بهذا.

ونسأل الله أن يوفقك ويسددك.

مواد ذات صلة

الاستشارات