علاج اضطراب التوحد الوجداني المتمثل في التوتر والمخاوف

0 494

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد تصفحت وتفحصت بعض الاستشارات التي تخص الحالات النفسية في شبكتكم المفيدة والتي أشكر كل القائمين عليها وأطلب من الله -عز وجل- أن يوفقكم ويسدد خطاكم، وقد تبين لي بعض التشابه في حالتي التي أعاني منها منذ زمن مع ما ورد في بعض الاستشارات.

أبلغ الآن من العمر 43 سنة، ونفسيتي متوترة وأعاني من أرق مزمن وإرهاق حاد وقلق وهم وكآبة، وأشعر بعناء وخفقان في القلب وضيق في الصدر مع حرارة في عنقي وصداع في الرأس يؤثر علي بصري بشكل مزعج.

وقد أكد لي طبيب العيون أن نظري جيد ومرضي نفسي 100 %، ولا أخفي عليك أني مررت بطفولة صعبة عانيت فيها الأمرين، وقد ألحقت بشخصيتي ضررا كبيرا لدرجة أني فقدت الثقة في نفسي، وكنت شديد التوتر، وأنفعل لأتفه الأسباب، حتى مناسبات الفرح والحزن كنت لا أحضرها؛ لأني خجول جدا.

وعندما أتكلم مع الناس لا أنظر لأعينهم ولا أخالطهم وأجد صعوبة في التأقلم مع أي وسط اجتماعي، وتظهر علي بعض الملامح التي لا أرغب فيها وتسبب لي الإحراج، ويحمر وجهي وأتلعثم في الكلام، ويصيبني إسهال ومغص في بطني وخفقان في قلبي وأفقد التركيز والمواجهة، وأميل إلى العزلة والانطواء، وأجد راحتي في جانب البحر وفي الطبيعة وفي تربية الحيوان، وأحب الميادين العلمية خاصة إصلاح التلفاز والراديو ولدي تخصص فيه، كما أنني كنت مدمن خمر ومخدرات وتبت منها والحمد لله.

وبعد ثمان سنوات انقطعت عن هذا العمل الخبيث والتجأت إلى الله وبدأت أصلي وأكثر من الصدقات وأساعد المحتاجين قدر استطاعتي وما أعطاني الله إياه، وبعد سنين حصلت على عمل في إدارة حكومية تعج بالمواطنين، فكنت أتضايق من المواجهة المباشرة؛ فأثر ذلك على حياتي وأخذ هذا المرض من صحتي الكثير، فلم أعد أنام، وأفكر كثيرا في حالتي وما هي الوسيلة الصحيحة للخروج من هذه الأزمة.

ولقد تعبت وأعاني في صمت وأكتم ألمي ومرضي ولكن أبقى صابرا وصامدا حتى يأتي الفرج من الله، ولقد استعملت بعض الأدوية من أطباء غير متخصصين ومن بينها: (Ludiomil) 25 (maprolitin) (zepam 6Mg) (bromazépam)، ومؤخرا (Xanax)، وكنت غالبا لا أستمر في العلاج خوفا من الإدمان والمضاعفات.

هذه هي حالتي باختصار، وحاليا شخصيتي متوازنة شيئا ما، وذلك بفضل الله علي، لكني أحتاج لدواء ليس له مضاعفات وتوضيح كيفية استعماله بشكل دقيق، لأني كلما نمت قليلا يدب في النشاط والحيوية وتزول مني بعض الأعراض.

ثانيا: أرجو منكم بعض النصائح والتمارين الرياضية.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبداية نشكرك على متابعة استشارات الشبكة الإسلامية، وعلى ثقتك فيما تقدمه الشبكة.

والأعراض التي ذكرتها هي أعراض شائعة كثيرة جدا، وهي تدل على وجود اضطراب وجداني يتمثل في قلق ومخاوف وتوتر، ولكن والحمد لله أرى أنك استطعت لدرجة كبيرة أن تتكيف، بل تسيطر بدرجة كبيرة على هذه الأعراض، وبتوفيق من الله تعالى أنت قد أقلعت عن تعاطي الخمر والمخدرات، وهذا أمر عظيم، فنحمد الله تعالى الذي وهبك هذا، فعليك بالصمود والاستغفار، وأنت الحمد لله لديك عمل ولديك إتقان فني في إصلاح التلفاز والراديو، وهذه كلها حقيقة تدل دليلا قاطعا على أنك استطعت أن تطور مهاراتك ومقدراتك، وأن الأعراض المرضية لم تكبلك ولم تعوقك، وهذا في رأيي من صميم العلاج في حد ذاته.

ولقد أنجزت الجانب الأصعب والجانب الأكبر، وبقي الجانب الأسهل وهو الدواء، وسوف نقوم إن شاء الله بإفادتك في هذا الموضوع.

وبخصوص الأدوية التي استعملتها وهي اللودميل وكذلك البرومازبام ثم الزاناكس، هي أدوية مهدئة وتزيل القلق، ولكن يعاب على الزاناكس والبروبمزبام أنها قد تسبب التعود والإدمان، لذلك لا ننصح بها كثيرا، ونحن نود أن نصف لك أحد الأدوية الجيدة الممتازة، والتي -إن شاء الله- سوف تساعدك كثيرا في تخطي هذه الأعراض والتغلب عليها، مع محافظتك على الجدية والعملية وأن تواصل في مهنتك، وأن تتواصل في نشاطك الاجتماعي، فهذه -إن شاء الله- كلها مهدئة.

والدواء الذي أصفه لك يعرف باسم سبراليكس، فهو دواء مفيد يعالج القلق والضيق، وهذا الخفقان والتوتر، وإن شاء الله هو محسن فعال جدا للمزاج ويزيل أيضا الوساوس، وجرعته التي تبدأ بها هي 10 مليجرام ليلا لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى 20 مليجرام وتستمر عليها لمدة خمسة أشهر، ثم تخفضها إلى 10 مليجرام ليلا وتستمر عليها لمدة شهرين ثم تتوقف عنها.

والسبراليكس كما ذكرت لك هو دواء فعال وسليم، وهو لا يسبب الإدمان مطلقا، وهناك بعض الأمور التي ذكرت حول هذا الدواء والمجموعة المشابهة له أنه ربما يضعف الأداء الجنسي لدى الرجال، ولكن صدقني أن هذا الكلام ليس صحيحا أو ليس دقيقا، وفي أقلية بسيطة من الرجال ربما يؤدي إلى تأخر في القذف قليلا، فأرجو إذا حدث لك هذا أن لا تنزعج، وربما لا يحدث مطلقا، وإذا حدث فهو أمر مؤقت وسوف يزول.

وهو دواء لا يؤثر على القلب، ولا يضر بالكبد ولا الكلى، ولا بأي عضو من الأعضاء الرئيسية في جسم الإنسان، فخذه وتناوله على بركة الله، ونسأل الله أن يجعل لك فيه خيرا كثيرا.

والجوانب الأخرى المطلوبة منك بالطبع هي أن تمارس الرياضة، وأي نوع من التمارين الرياضية تعتبر مناسبة، ولكن في مثل عمرك أرى أن المشي سوف يكون هو الأنسب، فابدأ المشي بالتدرج بمعنى أن تبدأ بربع ساعة يوميا، ثم ارفع هذا المعدل إلى أن تصل إلى 40 دقيقة ثم إلى ساعة في اليوم، فهذا هو الوضع الأمثل، وإذا لم تتمكن من ممارسة المشي يوميا فيمكن أن يكون على الأقل ثلاثا إلى أربع مرات في الأسبوع؛ لأن هذا هو الذي يؤدي إلى التأثير الرياضي الإيجابي.

ويعرف تماما أن ممارسة الرياضة بصفة عامة تؤدي إلى إفراز بعض المواد الكيميائية الداخلية تعرف هذه المادة باسم (إنكفلين)، وقد وصفها البعض بأنها موازية للأفيونات الداخلية، وسميت بالأفيونات الداخلية للمخ حيث أنها تؤدي إلى الراحة والاسترخاء، وتحسن الصحة النفسية بصورة ملاحظة جدا، فهذا هو دور الرياضة.

والشيء الآخر عليك بتنظيم وقتك، فإدارة الوقت تعتبر أمرا طيبا بالنسبة للصحة النفسية، بل هو مطلوب، فوزع وقتك وخذ القسط المطلوب من الراحة، وأعط العمل حقه. بالتأكيد والتواصل الاجتماعي والترويح عن النفس والعبادات، هذه كلها حين تنظمها وترتبها سوف تحس أنت بفعاليتك، وسوف يكون ذلك حافزا نفسيا إيجابيا داخليا يؤدي إلى مزيد من التحسن.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات