السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
مشكلتي تكمن في عدم رغبة والداي بأن أرتدي عباءة الرأس؛ بحجة أن شكلها لا يعجبهم، حاولت إقناعهم بشتى الوسائل حيث أحاورهم بهدوء وإبداء وجهة نظري فيها وبارتدائها، إلا أنهم يقابلون ذلك بالرفض وقطع النقاش وإغلاق الموضوع، وكأن شيئا لم يكن، ونتيجة لذلك أحس بالغيظ والحرقة تعصر قلبي فيعلو صوتي، وأنا أعترف أن ذلك خطأ في حقهما حتى ولو رفضا تلبية رغباتي، والتي أعتبرها من الفروض على المرأة المسلمة.
وأريد إيضاح نقطة أخرى، حيث إنني ألبس عباءة على الكتف ولكنها واسعة مع حجاب يغطي الكتفين، وألبس النقاب والقفازين، ولكنني واجهت الكثير من الصعوبات عندما أردت ارتداء النقاب، وعارضني الجميع بحجة أنني صغيرة في السن، وواجهت الكثير من التعليقات التي تضعف الإنسان، ولكني ولله الحمد واجهت ذلك كله وارتديت النقاب والقفازين بغير رغبة منهم، فماذا أفعل؟
أردت شراءها بغير علمهم ومن ثم ارتداءها، وأن أظهر بها أمامهم وكأن شيئا لم يكن، ووضعهم تحت الأمر الواقع، لكنني رأيت أنه ليس الأسلوب الأمثل لإقناعهم، فهذا الأسلوب ليس من الأخلاق الإسلامية، كما أن المشكلة الأخرى أنه لا أحد يريد أن يأخذني إلى السوق لشرائها، بحجة أنهم لا يشترون شيئا لا ترضى به الوالدة.
أرشدوني إلى ما أفعل...أريد إرضاء الله ولا أريد إغضاب والدي.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جوهرة العفاف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أسعدني حرصك على العفاف والستر، وأفرحني إصرارك على إرضاء والديك بعد إرضاء الله، ونحن لا ننصحك فعل هذا الشيء إلا بعلمهم، وسوف تتمكنين بحول الله من إقناعهم، مع ضرورة التدرج في ذلك، خاصة وأنت -ولله الحمد- على خير وستر، لكنك تطمعين في المزيد من التستر، ونسأل الله أن يزيدك حرصا وتوفيقا.
ومرحبا بك في موقعك، وحق لنا أن نفرح بفتياتنا العفيفات المطيعات لرب الأرض والسماوات.
وقد ظهر لنا من خلال اعتراض الوالدين أن هناك بعض الشبه والمخاوف التي لابد من إزالتها، وليتنا ندرك أن رضا الناس غاية لا تدرك، وأن العقلاء هم الذين يسعون إلى إرضاء الله، فإذا رضي الله عنهم أرضى عنهم الناس، وألقى لهم القبول في الأرض، قال تعالى: ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا))[مريم:96].
كما أرجو أن يدركوا أن الصغيرة أولى بكمال الستر من الكبيرة؛ لأن الفتنة بها أكبر، وليتنا أدركنا أن جمال المرأة محصور على زوجها ومحارمها فقط، وأنه لا خير في إظهار الجمال بل في ذلك مخالفة لصاحب العظمة والجلال، وإذا حرصت المرأة على جمال حجابها وبالغت في تنسيقه، فإنه يحتاج إلى حجاب آخر كما هو حال كثير من الفتيات اللائي يلبسن غطاء للوجه شفافا جدا، فيغطي الوجه زينة أكثر ويخفي ما فيه من كدمات وتشوهات، أو كتلك التي تلبس نقابا واسع الفتحات بحيث تظهر العين المكحلة برموشها الصناعية وبالأصباغ الموضوعة على الجفون بعناية، فتزيد نسبة الإثارة، ولذلك أصبح هذا مما تعرضه المجلات الماجنة في أغلفتها، ولست أدري هل نخدع أنفسنا أم نتلاعب بديننا؟! والله سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ونحن نتمنى من كل فتاة متدينة وكل شاب متدين أن يتعامل مع أهله برفق وتدرج، وأن يحرص على إقناعهم بالمجيء بالفتاوى والأشرطة، وتذكيرهم بالله، وربطهم بالداعيات والصالحات، وقد أحسن من قال : (إذا أردت أن تطاع فعليك بالإقناع).
وعندما تجدين الفرصة المناسبة يمكنك شراء عباءة الرأس ولبسها عند الخروج إلى الأماكن التي فيها أجانب (وهم كل من يمكن أن يتزوجوا من الفتاة) كما أرجو أن تكسبي والديك، وتحاولي إقناعهم فردا فردا، ولا تطرحي الموضوع عند اجتماعهم، وذكري الجميع بأن الله هو الذي ينبغي أن يطاع، وزيدي من برك لوالديك، واقتربي من أشقائك، واستعيني بالله، وأبشري بتأييد الله، وعليك بكثرة الدعاء.
واعلمي أن القلوب بيد الله يقلبها كيف شاء.
والله الموفق.